«كان إيميليو مُشجعًا ليوفنتوس - فريق السادة الأفاضل، رواد الصناعة، اليسوعيون المُحافظون - طالباً بالمدرسة الثانوية.. ببساطة برجوزاي ثري. أما جيراودو فقد كان مُناصرًا للثور، فريق العُمال والمُهاجرين الآتين من البلدان المُجاورة.. ومن آليساندريا وكونيو.. هو ابن للطبقة المُتوسطة والفقيرة." اخترنالك ديربي تورينو.. صراع الطبقات الاجتماعية فوق المُستطيل الأخضر رسميًا.. «حمبوزو» يصعد بالرجاء إلى الدوري الممتاز بعد الفوز على البلدية «أبوريدة» يفوز بعضوية المكتب التنفيذي للاتحاد العربي ويتنازل عن منصب النائب ل «روراوة» مهمة سهلة للأهلي وصعبة للزمالك بالدوري الممتاز هكذا وصف الكاتب الإيطالي ذي الأصول الفرنسية ماريو سولداتي بطلي روايته الصادرة عام 1964 «المدينتان». كلمات تعكس الكثير من ملامح المواجهات -الأولى خاصة- بين قُطبي كرة القدم في تورينو المدينة التي تحتمي بسفوح جبال الألب في شمال غرب إيطاليا. واقع الحال، إن مُشجعي تورينو يشعرون بفخر ذاتي كون ناديهم يعكس الروح الأصيلة للمدينة، في مُقابل غريمهم، الذي يُناصره كثير من سُكان جنوبإيطاليا، الذين هاجروا بكثرة مع بداية ستينيات القرن الماضي لكسب الرزق والعمل في مصانع السيارات الشهيرة «فيات»، التي كانت مُلكًا لعائلة آنييلي العريقة المالكة لنادي يوفنتوس بدءًا من عام 1923. متحف مولي آنتونيليانا - 1863 حصلت هذه المباراة على تسميتها الخاصة «ديربي ديلا مولي»؛ ويرجع ذلك إلى «مولي آنتونيليانا» المُتحف الأثري العريق الموجود بالمدينة، والذي صممه المُهندس المعماري آليساندرو آنتونيلي عام 1863. وعلى الرغم من تمتع مسابقة كرة القدم في إيطاليا بعدد من المواجهات القوية مثل ديربي الغضب بين قطبي مدينة ميلانو، وديربي العاصمة بين روما ولاتسيو، غير أن المواجهة بين تورينو ويوفنتوس تتفرد بكونها تجمع بين قُطبي المدينة الأكثر فوزًا ببطولة الدوري (39 لقبًا). تعود جذور الندية بين يوفنتوس وتورينو إلى مطلع القرن العشرين، عندما قررت مجموعة مُنشقة من إدارة يوفنتوس (تأسس عام 1897) أن تقوم بتأسيس نادٍ جديد يحمل اسم المدينة تورينو (عام 1906). في العام التالي تقابل الفريقان لأول مرة في دوري مقاطعة «بيمونت» وأسفرت المباراة عن فوز تورينو بهدفين لواحد. المواجهة الرسمية الأولى بين الفريقين على مُستوى بطولة الدوري الإيطالي جرت عام 1929، وآلت إلى التعادل السلبي. ويقول التاريخ إن يوفنتوس تذوق طعم الفوز على غريمه في بطولة الدوري 67 مرة، مقابل 35 فوزًا لتورينو، وتعادل الفريقان في 41 مناسبة، علمًا بأن المدينة حُرمت من مواجهة الديربي لمدة 13 عامًا بسبب هبوط تورينو للدرجة الثانية مُدة 12 عامًا، تلاها نزول يوفنتوس لعام واحد بحكم قضائي على خلفية قضية الفساد الرياضي «كالشوبولي» في 2006. تورينو يفوز بأول ديربي في 1907 أحكم يوفنتوس قبضته على مواجهات الديربي الأولى. امتدت هذه الهيمنة حتى منتصف ثلاثينيات القرن الماضي. حقبة «السنوات الخمس الذهبية» التي شهدت تتويج فريق السيدة العجوز بخمسة ألقاب متتالية لبطولة الدوري من 1931 إلى 1935. فريق قوي ضم الجناح الهجومي الأرجنتيني المُرعب رايموندو أورسي، بالإضافة إلى الإيطالي الذي اشتهر بتسجيل أهداف الدقائق القاتلة ريناتو تشيزاريني. بدوره حقق تورينو فوزه الأول في بطولة الدوري على اليوفي عام 1936 بهدف. على إثر ذلك بسنوات قليلة وُلد الفريق النبيذي الذي لا يُقهر، والذي حقق الفوز بلقب الدوري خمس مرات متتالية في الفترة من 1943 حتى 1949. واقع الحال، إن هذا الفريق كان قادرًا على حصد ألقاب أكثر لولا الحرب العالمية الثانية. هيمن هذا الجيل الذهبي لتورينو على الساحة المحلية لدرجة أنه لم يتذوق طعم الخسارة على ملعبه لأربعة أعوام، كما سيبقى التاريخ شاهدًا على أن منتخب إيطاليا خاض مباراة ودية عام 1947 ضد المجر بتشكيل كامل من لاعبي تورينو، وهو الأمر الذي لم يتكرر إلى يومنا هذا. كارثة سوبيرغا - مايو 1949 و في الوقت الذي وقفت فيه أندية إيطاليا عاجزة عن إيقاف الفريق الذي لقبته الجماهير بالعظيم «غراندي تورينو»؛ غيرت كارثة «سوبيرغا» الجوية مسار التاريخ. في ظهيرة يوم 4 مايو 1949 العاصف، اصطدمت طائرة «فيات جي 212» العائدة من لشبونة بكنيسة سوبيرغا المُتاخمة لمدينة تورينو، آخذة معها كوكبة من أبرز نجوم كرة القدم الإيطالية. في ذلك اليوم قضى 18 لاعبًا من بينهم الهداف الكبير فالنتينو ماتسولا، الذي أصبح ابنه ساندرو لاحقًا أحد أبرز نجوم نادي إنترميلانو. اقرأ المزيد عن كارثة «سوبيرغا» التي غيبت فريق تورينو العظيم أبطال النجمة الذهبية الأولى ليوفنتوس 1958 تلقى تورينو ضربة مُوجعة وغير مُتوقعة، ليأخذ يوفنتوس زمام المُبادرة مُجددًا وليُعلق نجمته الذهبية الأولى عام 1959 كأول نادٍ إيطالي يُحقق الفوز بالدوري عشر مرات. فترة شهدت تفوقًا طبيعيًا للفريق الأبيض والأسود، حتى عاد تورينو في أواخر الستينيات ليفوز بكأس إيطاليا، قبل أن يُتوج في 1976 ببطولة الدوري بعد فوز مُثير في الجولة الأخيرة على يوفنتوس 2-1. مباراة احتسبها الاتحاد الإيطالي لاحقًا بنتيجة 2-0 بعد دخول عدد من جماهير اليوفي لأرض الملعب. كانت تلك المرة السابعة والأخيرة التي تُوج فيها تورينو بلقب الدوري. حدث ذلك بفضل النجم الكبير فرانشيسكو غرازياني والهداف باولو بوليتشي. مع مطلع ثمانينيات القرن الماضي أخذت المواجهة بين تورينو ويوفنتوس منحًا أخرًا؛ إذ زادت الهُوة بين القُطبين لمصلحة الفريق الأبيض والأسود، الذي أصبح رقمًا أوروبيًا كبيرًا بفوزه بكأس دوري أبطال أوروبا مُتفوقًا على ليفربول الإنجليزي (1985). وامتلك إلى يومنا هذا لاعبين من طراز رفيع مثل الفرنسي ميشيل بلاتيني الذي تُوج بجائزة أفضل لاعب في العالم ثلاث مرات متتالية في منتصف الثمانينيات، بالإضافة إلى روبيرتو باجيو وآليساندرو ديلبييرو. شيئًا فشيئًا خفتت قيمة الديربي؛ إذ أصبح يجمع بين بطل قوي مُهيمن تتعامل جماهيره مع المواجهة باستصغار وعلى كونها مُجرد خطوة في طريق تحقيق البطولات الكُبرى، وبين فريق أقل في الإمكانيات يُناضل للبقاء في المنطقة الدافئة على سُلم الترتيب، تنتظر جماهيره كل عام بطولتها الخاصة أملًا في الفوز بالديربي وانتزاع زعامة المدينة. سجل ميشيل بلاتيني هدفين في ديربي 1984 الأمر المُثير في ديربي 6 مايو 2017 هو أنه مُرشح بقوة لدخول تاريخ المواجهات بين الغريمين؛ حيث أن فوز يوفنتوس قد يمنحه رسميًا لقب الدوري للمرة السادسة على التوالي مُحطمًا بذلك رقمه الشخصي في الثلاثينيات ورقم تورينو العظيم في الأربعينيات في الفوز بالبطولة لخمس سنوات متتالية!