بانتصار إرادة الشعب وتقديم المصريين أفضل نموذج للتغيير وإفراز خارطة طريق لمستقبل الوطن لم يعد التحدي الحقيقي أمامنا هو مضمون الخارطة السياسية فحسب وما تشمله من إجراءات علي المدي القريب تضمنها بيان القائد العام للقوات المسلحة بعد اجتماعه مع ممثلي القوي الوطنية أو علي المدي البعيد والتي ستخرج بها إعلانات دستورية وقرارات من الرئيس المؤقت الذي أدي اليمين الدستورية أمس ولكن الأمر يحتاج إلي خارطة شاملة تعيدنا إلي بلدنا الذي أراد ماكرون مراوغون خبثاء أن يبعدونا عنه. هذه الخارطة تحتاج إلي إعلاء هدف الشراكة الوطنية الحقيقية في سلمية تامة وثقة بين كافة الأطراف دون شك أو تخوين وأن تقف علي أرضية من التسامح التام والانفتاح علي كافة الأفكار والاتجاهات من أجل إعادة بناء هذا المجتمع والوطن العريق, وإذا كانت إرادة الشعب قد قضت بخروج بعض المنبوذين من تحت راية العدل والمصداقية والنسيج الوطني فليكن خروجا آمنا وسط أجواء من التسامح والمصالحة التي لا تتجاوز حدود محاسبة من خرجوا علي القانون ودعوا إلي سفك الدماء وغرروا بالشباب وحرضوا علي القتل وأهانوا القضاء والإعلام ومصر والمصريين بحيث يكون الاعتقال لسبب والحبس الاحتياطي بقرار نيابة والسجن لحكم قضائي تراعي فيه كل حقوق المتهم. ولا أري أن ذلك من ملائكيات الجمهورية الفاضلة وإنما لنا فيما قام به نيلسون مانديلا مثل وعبرة وعظة والذي كان بناء المجتمع وتمجيد الوطن عنده أولي من أي انتقام وأكبر من أي حساب فمن يرد الاندماج في العمل والانتاج دون ميل لإراقة الدم أو تعاطف لمجالس الحرب أو طواف حول دعاة الرجعية ينبغي أن يجد من يرحب به ويفتح له الأبواب. ويتساوي في الشراكة الوطنية الحقيقية إنقاذ الاقتصاد الوطني مع تنظيم المرور وتنظيف الشوارع لأننا نحتاج إلي إعادة بناء لن تتوقف عند حدود المدي القريب أو البعيد لخارطة الطريق ولكن للقدرة علي توظيف الإرادة الشعبية التي كسرت حواجز الخوف من القتل والتهديد والسحق ونسفت التبعية الداخلية والخارجية ووضعت حائط الحماية أمام الإملاءات في صنع مجتمع جديد, وهي مهمة لا أراها مستحيلة لأنها سهلة التنفيذ وميسورة التحقيق لو راعت تلك الخارطة ما يبحث عنه المصريون منذ بداية ثورتهم في25 يناير2011 وهو العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. ولا أعتقد أن ذلك سيكون مستحيلا لو تجرد الجميع من النظرة القاصرة والمصلحة الشخصية وكان مشروعنا الحقيقي هو الوطن في شراكة تؤكد أن هذا التمسك بالمطالب المشروعة لهذا الوطن إنما هو الخط الأحمر لأي سلطة, إن سعت إلي تحقيقه فبقاؤها سيكون تحت حماية الشعب وإن تجاوزته وتجاهلته فإنه لا محالة سوف ينسفها كما نسف الراحلين والمخلوعين والمنبوذين.