انتابت المصريين أحاسيس ومشاعر متباينة وقاسية تجاه مايشهده الواقع المصري من حالة تخبط وخلل في الموازين,فمنهم من سيطرت عليه حالة السلبية واللامبالاة فلم يعد يعبأ بملاحقة الأحداث السياسية التي لاتنتهي. بعد أن مل انتظار اصلاح الأحوال..ومنهم من تستشعر من حديثه أنه يحمل جبالا من الهموم فيكاد ينفطر قلبه وتذرف عيناه الدمع خوفا علي مستقبل مصر الذي بات مجهولا..كما أن هناك الكثيرين ممن اطمئنوا وتفاءلوا, موكلين أمرهم لله مؤمنين بأنه هو حامي هذا البلد الذي استطاع اجتياز العديد من الصعوبات علي مدار تاريخه ومستبشرين بأن للفوضي نهاية وللاستقرار والبناء بداية حتمية قريبة.. في البداية يقول حمدي صالح موظف بإحدي الشركات إن الأحداث السياسية المتلاحقة أصابت معظم الشعب المصري بحالة من اليأس والإحباط, فلم يلبث الشارع المصري يهدأ إلا واشتعلت نيران الفرقة والخلاف والصراع بين أهل الوطن الواحد, الأمر الذي يثير الحزن في النفوس,ويشعر المواطنين بالغربة في بلدهم الذي لم تكن تعرف هذا اللون من التشتت والانقسام, داعيا جموع المصريين للتوحد ونبذ العنف وإقصاء الخلافات الشخصية والحزبية وإعلاء المصلحة العليا للوطن. وبعيون تمتليء بالأمل واليقين بانفراجة قريبة ومستقبل أفضل, يقول إبراهيم عبود موظف حكومي إن شاء الله خير..أنا متفائل جدا..ومش خايف من30 يونيو وربنا هيسترها زي ما سترها قبل كده في كثير من المظاهرات السابقة, موجها رسالته إلي جموع المصريين بالتقرب إلي الله والتضرع في الدعاء بأن يحفظ الله مصر وأهلها ويقاطعه صلاح خيري قائلا: لا شيء يدعو لليأس والإحباط, فقد مرت مصر بفترات عصيبة ذاقت فيها مرارة الاحتلال تارة وجبروت وظلم الحكام تارة أخري ومع ذلك استطاعت وضع حد للطغيان واستعادة كرامتها, وبالتالي يجب أن نؤمن بأن الله لن يضيع هذا البلد بشرط أن يؤدي كل منا دوره بما يرضي الله عز وجل. فيما يوضح محمد ماهر موظف أمن أنه تنتابه حالات متباينة نتيجة حالة التخبط التي تشهدها البلاد, فتارة يشعر بالتفاؤل والأمل تجاه مستقبل أفضل وتارة أخري يدب اليأس في نفسه ليشعره بأن مصر لن تنصلح حالها إلا بعد سنوات, بعد أن غاب القانون وضاعت الحقوق وشاعت الفوضي في أنحاء البلاد. بينما يعرب كمال فهمي مدير صيانة ميكانيكية بإحدي الشركات عن تفاؤله بالتجربة الديمقراطية التي يمر بها المجتمع المصري, لافتا إلي استحالة تفكك الشعب المصري والاستسلام لدعوات الانقسام والعنف والتشرذم بعد أن كان مختلف التيارات السياسية رفقاء في ميدان واحد أطاح بعهد الظلم والاستبداد, مؤكدا أن ماتمر به البلاد من حالة فوضي مصطنعة ماهي إلا زوبعة في فنجان وستكتب لها النهاية قريبا. ويشير السيد أحمد مهندس إلي أن مايحدث في البلاد من تدهور في شتي المجالات يجعل الجميع يشعر بالقلق, ويشيع حالة الانقسام التي تبدو واضحة في عدم تقبل الآخر وعدم القدرة علي إدارة حوار هادف وبناء, مؤكدا ضرورة التحلي بخلق الإسلام الذي يدعو للحب والتآلف ونبذ العنف. مبقاش فينا أعصاب تتحمل إللي بيحصل في البلد..قالها شريف علي مهندس مشيرا إلي أن الصراع السياسي بين فئات الشعب المختلفة إلي جانب الفوضي التي ضربت كل المجالات, تفرز طاقة سلبية تعمل علي زيادة أعباء المواطنين وإصابتهم بالاكتئاب, إلي جانب الهموم الشخصية سواء علي مستوي العمل أو الأسرة. ويضيف أن مشاركة المواطن في الحياة السياسية بعد الثورة جعلت السياسة عنصرا أساسيا في حياة المصريين من مختلف الأعمار بمن فيهم الأطفال,وذلك علي عكس ماكان عليه المجتمع قبل الثورة, إذ كان اهتمام المواطن منصبا بالأساس علي الحصول علي وظيفة وراتب مجز وعيشة كريمة وترك السياسة لأصحاب الشأن. ويعرب أكمل حسني صاحب محل عن خوفه الشديد علي مستقبل البلاد, إذ لايوجد سقف للتوقعات وأصبح كل شيء ممكنا بعد استفحال ظواهر غريبة وطارئة لم يكن يعرفها المجتمع المصري قبل الثورة, مشيرا إلي قلقه الشديد من تصاعد أحداث العنف في يوم30 يونيو المقبل الأمر الذي سيضطره إلي إغلاق المحل الذي يعد مصدر رزقه الوحيد. أحيانا أشعر بأنني لم أعد أحب هذا البلد ولم يعد لدي الشعور بالانتماء..بهذه الكلمات التي عبر عنها لسان حال حزين,تقول سامية أحمد ربة منزل إنها باتت تنأي بنفسها وبأولادها عن التظاهرات والاعتصامات, ملتفتة إلي تأمين مستقبلها خارج البلاد,خاصة بعد انتشار البلطجة وغياب دور القانون ووقف عجلة الإنتاج, لافتة إلي أنه شعور قاس يشعرها بالتقصير تجاه بلدها الذي نشأت علي أرضه, مما جعلها تلجأ إلي طبيب نفسي للتخفيف عنها, مؤكدة أنها تكن لهذا البلد كل الحب وتتمني له الاستقرار القريب إلا أنها لا تستطيع العيش وسط هذه الأجواء المضطربة التي يصعب التنبؤ بانضباطها في الأجل القريب. فيما تقول حسنة محمد ربة منزل أنا خايفة علي بلدي وأولادي ومش عارفة ممكن يحصل إيه تاني معربة عن قلقها الشديد ومايصيبها من حالة توتر بمجرد الإعلام عن مظاهرات او احتجاجات جديدة, لأن ذلك يثير الخوف والذعر في النفوس من إمكانية حدوث إراقة للدماء خاصة في ظل انقسام الشارع السياسي إلي تيار موال للنظام الحاكم وآخر معارض له. وبنبرة أمل متخفية وراء حالة من الحزن,تشير رنا صفوت طالبة ماجستير إلي أنه لامفر من التفاؤل والإيمان بأن المستقبل يحمل كل الخير لهذا البلد المذكور في القرآن, لافتة إلي أن الأمل هو السبيل الوحيد لتجاوز كل الصعاب والتحديات الراهنة ولو سيطر اليأس علي النفوس لازداد التخبط والإحباط,وهو مايؤدي إلي وقف الإنتاج وضياع البلاد. احنا قاعدين نتفرج علي فيلم أكشن..قالتها شروق محمد طالبة جامعية لافتة إلي أنها تشعر بالخلل النفسي بسبب الظروف والجو العام للبلاد, بالإضافة إلي شعورها بالقلق الشديد تجاه مستقبلها العلمي والعملي حيث كانت ترسم مستقبلا حافلا بالنجاح والتقدم إلا أنه يصعب تحقيقه في ظل هذا الواقع المرير والمستقبل المظلم, علي حد تعبيرها. رابط دائم :