يعلق الكثيرون علي انتخابات مجلس النواب القادمة في تشكيل كثير من ملامح الحياة السياسية بمصر في المرحلة الراهنة رغم أن القوي السياسية المتناحرة علي السلطة تزال تتعامل مع تلك الورقة التي يمكن أن تكون المتغير الجوهري بعشوائية العبث السياسي. تلك القوي وخاصة من المعارضة تركت موقف الشارع لعوامل التعرية السياسية تتلاعب بشعبية الإخوان المسلمين وقوي التيار الإسلامي سلبا و إيجابا في حين لم تجد القوي الإسلامية بديلا عن الرجوع إلي أساليب التلاعب بمشاعر الناس تأييدا ورفضا بالتواجد في أسواق الزيت والسكر والسلع التموينية وشوادر اللحوم وسيارات البوتاجاز وتنظيم طوابير السولار بمحطات الوقود ومؤخرا توفير مولدات التيار الكهربائي ونقل المياه في فناطيس للأماكن المحرومة. أصحاب الأغلبية الحالية يتواجدون سياسيا في الشارع بطرق غير سياسية والمعارضون ينتظرون تحديد موقف الناس من تلك القوي وفق ما تسفر عنه التعرية السياسية دون تحرك فعلي مع الاكتفاء بشاشات الفضائيات وحروب الرفض الشعبي للرئيس محمد مرسي, وهو ما يشير إلي أن الصدأ قد يطال الجميع فندخل جميعا في نفق لا تعرف خلاله ملامح المعادن الشعبية الثمينة ولا الأحجار السياسية الكريمة وهنا يظهر دور المنبر والمصحف والتلاعب بالدين الذي يحسم المعركة عاطفيا لصالح من يجيدون المتاجرة بالنصوص وصولا إلي الحصانة التي تمهد الأيدي المتوضئة بالمصالح الشخصية الطريق إليها وفي أقرب محطة تتركها دون وفاء بوعد أو صدق في قول أو حفاظ علي أمانة. المشكلة أن قوي التيار الإسلامي تصر في كافة تعاملاتها علي أن أوراق المعارضة تستحق الإحالة إلي المفتي السياسي بحثا عن إعدام شرعيتها في المطالبة بدورها الذي لا تعرفه ولا يسمح به لها الآخرون, والمعارضة لا تري في كل تحركاتها إلا ضرورة تشييد قبر سياسي لمتأسلمي السياسة, وبين الإثنين يتواصل الانهيار وتتزايد هموم الناس وتتواصل الثورة التي تتخذ من ظروف المشهد الحالي مسمي لها فالبعض يرونها خروجا علي الحاكم وأخرون يتعاملون معها كصيحة لإعادة الثورة إلي أصحابها. ونكاد لا نري بريقا لإجراء انتخابات نزيهة, ولا إرادة شريفة لزحزحة الخصم سياسيا, ولا المشاركة بروح تكتسي بالتسامح واحترام الآخر, وهذا كله سيجعل معركة مجلس النواب مناسبة جديدة لتبادل الاتهامات وليس تعديلا لمسار يقبله البعض ويرفضه الآخر. وهنا ينبغي أن تتجرد مؤسسة الرئاسة عن ولاءاتها وانتماءاتها ومرجعيتها وتضع أليات وتقدم ضمانات وتصل إلي صور للاتفاق تنسف الاستقطاب السياسي وتقود مصر إلي انتخابات نيابية نزيهة منزوعة التزوير سواء بالتلاعب بإرادة الناخبين أو التلاعب في القيد والتصويت حتي ولو جاءت تلك الانتخابات بخريطة سياسية تهدد العرش الرئاسي ولا أظن أن ذلك يمكن أن يتحقق, وبالتالي فإن انتخابات مجلس النواب ستكون في أفضل حالاتها صورة مكررة من العبث السياسي الحالي في مصر! [email protected] رابط دائم :