ما تقوم به بعض القوي السياسية من جمع توكيلات لسحب الثقة من الرئيس وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة ليس أكثر من نشاط سياسي يحرج الدكتور محمد مرسي باعتباره رسالة موجهة له شخصيا تؤكد رفضه شعبيا. وأري أن من يقومون بجمع تلك التوكيلات وتحريرها لا يرتكبون جرما; فهي مثل أي فاعلية شعبية للتظاهر والاحتجاج السلمي تبين عدم رضاء الناس عن سياسات الرئيس, فإذا تجاوب معها بتعديل المسار فهذا يعني تعاطيه مع مطالبها وتأجيل ما تتمسك به من انتخابات مبكرة, وإذا أصم أذنيه عنها وتجاهلها فليس في موقفه جرم ولا جريمة ولكنه فقط سيزيد حالة الاحتقان والاحتجاج وقد تتحول من تحركات سلمية إلي استخدام وسائل غير مشروعة في التعبير عن الرفض الشعبي. ولمن يقولون إن جمع تلك التوكيلات يصطدم بنصوص دستورية أقول مع الدكتور جابر نصار إن للرئيس مشروعية وشرعية, فأما المشروعية فقد حسمها الصندوق الانتخابي, أما الشرعية فليس لها بديل إلا الرضا الشعبي باستمرار عقد يتضمن رضا المحكوم عن حاكمه وكلما تآكل هذا الرضا فقد الحاكم كثيرا من شرعيته بتراجع القبول الشعبي لسياساته وقراراته وباتت مشروعيته في خطر. والمشكلة الحقيقية التي تواجه الرئيس أن جمع التوكيلات لا يقتصر علي حركة كفاية وحملتها' تمرد' فحسب ولكن شمل قوي أخري ومواطنين عاديين لجمع أكثر من15 مليون توكيل لسحب الثقة, وهذا العدد يرد علي القائلين بأن مرسي أول رئيس منتخب وهو ما جعل المنادين بسحب الثقة يسعون لجمع توكيلات تتجاوز ما حصل عليه وهو13,2 مليون صوت من بين9?50 مليون مواطن لهم حق التصويت, وإذا قال قائل إن الصناديق كانت وما تزال أمام من يحررون التوكيلات فإنهم يردون بأنهم تركوا من ذهبوا لتمثيلهم وقبلوا النتيجة و خدعوا في السياسات التي لم تنل الرضا الشعبي الذي يضمن استمرار المشروعية علي حساب الشرعية. وهذا التوجه لا يأتي من فراغ, فخبراء قانونيون يرون أن تلك التوكيلات بمثابة حجة سياسية تحمل رغبة عدد من المواطنين تطالب الرئيس بالتخلي عن منصبه رغم فقدانها للسند القانوني الذي يتمثل في عجز الرئيس عن أداء مهامه, وإعطاء مجلس النواب حق قرار إخلاء المنصب, أو أن يرتكب الرئيس جريمة تستوجب عزله أو أن يتخلي عن المنصب, وبالتلي تكتسب الحجة السياسية قوة في مواجهة السند القانوني بقوة الرغبة الشعبية التي لن يقف في مواجهتها إلا توكيلات من الجانب الآخر تسابق توكيلات التمرد وتتمسك ببقاء الرئيس. ولن تتضح ملامح الموقف إلا وفق ما سوف تسفر عنه تلك التوكيلات وما شيتبعها من مليونيات مؤيدة أو رافضة, إلا أنني أري أنها جميعا سوف تصب في اتجاه زيادة الصراع علي السلطة الذي قد يفتت الإرادة الشعبية و مصر كلها في انتظار نهاية قد لا تأتي لحرب التوكيلات. [email protected] رابط دائم :