يقولون في أمثالنا الشعبية: التاجر لما يفلس يدور في دفاتره القديمة ويبدو أن نظامنا الحاكم قد أصابته عدوي هذا التاجر فعاد إلي دفاتر مصر القديمة ووجد ضالته في تهمة العيب في الذات الملكية التي يجمع سياسيون وقانونيون أنها اتهام يطول الكثيرين في الدول التي تعاني ضعفا في كل مفاصلها ومؤسساتها لتعاقب المطالبين بحقوقهم بتهمة إهانة الرئيس دون محاسبة أي متهم من أولي الأمر والموالين لهم بتهمة إهانة الوطن. النظام الحالي لم ينفرد بذلك, فقد سبقه كثير من المفلسين الذين اكتوي بإفلاسهم كثير ممن تعرضوا لتلك المحاكمات الهزلية منهم علي سبيل المثال عباس العقاد وبيرم التونسي وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وإبراهيم شكري واحمد فؤاد نجم وابراهيم عيسي وغيرهم. وحسب كتاب الدكتور سيد عشماوي العيب في الذات الملكية فقد بدأ مصطلح العيب أثناء الثورة العرابية وجرم قانون المطبوعات عام1881 كل من أهان وعاب ولي الأمر,وبعدها جاء قانون عقوبات1883 بمادته163 في جنح وجنايات الصحف وغيرها وفي الجنح المتعلقة بالتعليم يعاقب كل من عاب في حق ذات ولي الأمر بالحبس من شهر إلي18 شهرا وغرامة من100 قرش ديواني إلي2000 قرش, ثم اختفي العيب من قاموسنا بعد ثورة يوليو وحلت محله الإهانة ومع تفجر الأزمة الاجتماعية والسياسية ليعود قانونا أصدره السادات في مايو1980 سمي حماية القيم من العيب بعد أن تعالت الهتافات المعادية له ووصفه بالطاغية والطاغوت والظالم من قبل تيار الإسلام السياسي وبمقتله علي يد الإسلاميين أصبح قانون العيب في ذمة التاريخ. يا سبحان الله, يعاقب الإخوان المسلمون من ينتقدهم بنفس القوانين التي خرجت لمواجهتهم وكأنهم يتعاملون مع المصريين علي طريقة الفيلم العربي عاد لينتقم ليس من الستينيات وما أدراك ما الستينيات ولكن من كل المصريين بإحياء سنة العيب في الذات الملكية وإهانة الرئيس رغم أنهم كم صرخوا وثاروا وتظاهروا واحتجوا ضد قانون العيب في نسخه المتكررة. المشكلة أن تابلوهات العيب في الذات الملكية وإهانة الرئيس لا تتوقف عند حدود السياسة ولكنها قد تمتد بفعل الذات الملكية وبتحريضها لتشمل السياسة كلها وتتسع رقعة محرماتها لتضم الملك الرئيس وزوجته وأولاده وإخوانه ووزراءه ومناصريه, وتستمر وتتوغل حتي تصل إلي من يتحدث عن رفع سعر أنبوبة البوتاجاز والصكوك وانقطاع الكهرباء والانفلات الأمني أومن يناقش الركوع السياسي أمام سطوة القروض ومن ينتقد تفصيل القوانين لسجن من يشاءون والتصالح مع من يريدون. المدافعون عن معاداة الحرية باسم أوهام العيب في الذات الرئاسية فتحوا أبواب البلاغات في غزوة جديدة وجهاد من نوع خاص يستهدفون به كل من يرفض السمع والطاعة من الصحفيين والإعلاميين والسياسيين وكل من تسول له نفسه الخروج علي أوامر السلطان, وأظن أن تلك هي نهاية النهضة أو كما يقولون تمامها!!