رغم الأحداث اليومية المتسلسلة والمضطربة في منطقة الشرق الأوسط والتي اقل ما توصف به هو عدم الأمن والاستقرار, يعلن البيت الأبيض عن اعتزام الرئيس الأمريكي بدء زيارة للأراضي المحتلة وإسرائيل والأردن في الشهر المقبل. قد يكون التوقيت غريبا بعض الشيء, لكن في مدرجات العملية السياسية يجب طرق الحديد الساخن حتي يمكن تطويعه, والآن انتخب أوباما لفترته الثانية والأخيرة لأنه لن يترشح في انتخابات الرئاسة الأمريكية في عام2016, كما كلف بنيامين نتنياهو بإعادة تشكيل الحكومة الإسرائيلية, وفرضت السياسة خطوات إجبارية علي الطرفين بالتعاون لترميم العلاقة رغم التوتر السائد بينهما علي مدي السنوات الأربع الماضية. لم يكشف البيت الأبيض عن أجندة الزيارة بالتحديد, لكن من البديهي أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي سيشكل السطر الأول في ورقة الزيارة, لأنه علي ما يبدو أن أوباما يرغب في ترك بصمة جيدة له في تاريخ الأزمة إذا ما استطاعت إدارته بكل ما تحتوي, من وجهة نظري, علي أقوي العناصر السياسية والمعلوماتية عن نظرائها في الإدارات السابقة, أن تعيد الحوار إلي مساره واستئناف المحادثات الفلسطينية الإسرائيلية للتوصل إلي نقطة تفاهم مشتركة يمكن علي إثرها إقناع الطرفان بفكرة حل الدولتين, وهذا إن تم بالفعل سيصبح انجازا عظيما لأوباما وإدارته وسيسجل التاريخ له نصرا كبيرا في أكثر وأقدم القضايا الدولية تعقيدا واشتباكا. علي ما يبدو أيضا أن هناك أطرافا كثيرة في داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية لا يريدون لهذا الصراع الأبدي أن ينتهي, أو علي الأقل أن ينتهي بطريقتهم الخاصة. فبالأمس ناقش أعضاء في لجنة العلاقات الخارجية في الكونجرس الأمريكي والمؤسسات اليمينية موضوع المصالحة الفلسطينية وتعاطي الإدارة الأمريكية معها في جلسة استماع تحت عنوان المصالحة بين فتح وحماس وتهديد فرص السلام. وحذر بعض أعضاء اللجنة من مواصلة تقديم الدعم المالي للسلطة الفلسطينية بسبب تفاوضها مع حركة حماس التي تعتبرها أوساط أمريكية كثيرة خطرا علي فرص السلام في الشرق الأوسط وأن السلام الفلسطيني الإسرائيلي والتفاوض الجدي بين الطرفين لا يشترط المصالحة بين حماس وفتح, كما حذروا من مخاطر مشاركة حماس في حكومة فلسطينية من دون تغيير مواقفها والالتزام بالاتفاقيات كافة التي أبرمت مع إسرائيل. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن دينيس روس المستشار الأمريكي السابق لشئون منطقة الشرق الأوسط قوله أن الرئيس أوباما بإمكانه خلق بداية جديدة مع نتنياهو ذاته مع حكومته الجديدة. هذا بالنسبة للملف الفلسطيني, وبالتأكيد ستتطرق المحادثات بينهما إلي ملفين آخرين ذا أهمية خاصة للمنطقة وهما سوريا وإيران. فإسرائيل نقطة مشتركة بين الملفات الثلاث الدولية المرتبطة بأمن إسرائيل عن قرب. فأحداث الثورة في سوريا تقترب من هضبة الجولان المحتلة ويجب وضع حد لهذا الزحف. كما أن الملف النووي الإيراني يجعل إسرائيل تعيش دائما في حالة من الخوف علي مستقبلها في المنطقة, ولن تتحرك تل أبيب في أي من الملفين دون دعم مباشر من واشنطن, ولهذا تأتي زيارة أوباما للمنطقة تحت الأضواء الكاشفة وسنري ما في جعبة الرئيس الأمريكي تجاه الشرق الأوسط الجديد بعد انتهاء الزيارة. رابط دائم :