الأهرام المسائي طرح سؤاله عن أسباب التصدع الذي حدث داخل معظم الأحزاب من جراء الاستقالات والاختلافات في وجهات النظر علي بعض المسئولين في الأحزاب المختلفة وكانت هذه المحصلة. في البداية يقول الدكتور عادل عبد المقصود عضو الهيئة العليا لحزب الاصالة أن السبب في هذه الحالة التي تتعرض لها الأحزاب في مصر أنها جديدة علي العمل السياسي لغياب دورها في النظام السابق,أو كون بعضها جديدا أنشيء بعد ثورة يناير ولاتمتلك الخبرة الكافية, فضلا عن أن معظمها يدار طبقا للأهواء الشخصية وليست علي أصول ومناهج ثابتة, ولذلك يعد حزب الحرية والعدالة هو الوحيد الذي يمتلك التقاليد والأصول والكوادر المدربة في الحقل السياسي ويرجع ذلك لوجود الجماعة المؤسسة له منذ أكثر من80 سنة في الحياة العامة وتشرب أعضاؤها حنكة السياسة بعد أن تعرض العديد من رموزها للاعتقالات والتعذيب وتصفية الأجساد مما زاد حزبها قوة وخبرة لم يحصل عليها أي حزب سياسي أخر. وأشار إلي أن جماعة الاخوان المسلمين كتاب وصل الي نهاية صفحاته في الوقت الذي لاتزال الأحزاب الأخري تقرأ في الصفحة الأولي من مجلد الحياة السياسية وتحتاج الي سنوات طويلة حتي تستطيع اثبات نفسها علي أرض الواقع. قصر النظر ويقول الدكتور يسري حماد نائب رئيس حزب الوطن أن البناء الداخلي للأحزاب ليس متينا بالدرجة التي يستطيع من خلالها التغلب علي أي مشكلة فور حدوثها ولم يقم علي أسس الشوري والرأي الجماعي وأدب الاختلاف والتنوع السياسي واحترام الرأي الآخر مما تسبب في وجود هشاشة في بعضها والتي لم تستطع الصمود كثيرا, فضلا عن سعي بعض الموجودين داخل كل حزب لفرض رأيهم دون الاستماع الي آراء الآخرين, وأيضا أن تكون المجموعة في الحزب الواحد غير موحدة أو متجانسة مما يؤدي لحدوث تصدع في بنيانه مع أول اختلاف في الرأي. أضاف أن هناك عوامل أخري تساعد في إصابة الأحزاب بالوهن والضعف وحدوث تصدعات وشروخ فيها منها قصر النظر في الرؤية المستقبلية وضعف البصيرة, حيث يري البعض أن حزبه من الممكن أن ينفذ برنامجه بسرعة بمجرد خوضه الانتخابات البرلمانية دون وضع خطة طويلة الأمد لبناء استراتيجية للوصول الي الأهداف التي تم تحديدها من قبل وتشربها أعضاء الحزب ولكن للأسف لايحدث ذلك. وقال أن الحياة السياسية في مصر أصبحت حياة حزبية بعد الثورة وليست دولة الحزب الواحد, وبذلك أصبحنا مطالبين بتداول السلطة وأن يكون هناك أكثر من حزب قوي حتي لايستحوذ حزب بعينه علي الحكم كما كان من قبل أيام الحزب الوطني المنحل معلنا أن هناك أحزابا عبارة عن قشور تتكون من بعض الأشخاص دون أن نكون لها هياكل تنظيمية يهدف قادتها الي الوصول لكرسي البرلمان بدون مجهود وعلي حساب غيره لافتا إلي أن مشكلة التمويل المادي تعد من المشكلات الصعبة التي تواجه أي حزب فرق بين الحزب والتنظيم ويقول الدكتور عبد الله المغازي المتحدث الرسمي باسم حزب الوفد أن الخطورة في الاستقالات الجماعية في اي حزب وعليه لابد أن يقف المسئولون برهة من الوقت لمراجعة أنفسهم علي وجه السرعة حتي لايتعرض الحزب لهزات قد تعصف به, مشيرا الي أن استقالة عضو من حزب يصل عدد أعضائه لعدة آلاف أمر طبيعي. وقال أن هناك فرقا بين الحزب والتنظيم فالأول قادته من أصحاب الأفكار المتقاربة ونجد الرأي والرأي الأخر وفي النهاية يصدر القرار المناسب, أما الجماعة أو التنظيم فتقوم علي الفكر التنظيمي والأوامر تصدر من فوق والباقي عليه التنفيذ والسمع والطاعة. أما محمد عطية أحد مؤسسي حزب المصري الديمقراطي فقال ان هناك اختلافا بين مايريده الشباب وماتحاول القيادات تحقيقه داخل الحزب الواحد, حيث تسعي القيادات للشو الإعلامي والتقرب من أصحاب الرأي السديد والفكر الرشيد علي حساب الشباب دون الاستماع اليهم والذين يسعون الي التغيير الحقيقي في الحياة الحزبية والتفكير في استكمال الروح الثورية, في الوقت الذي لاتستوعب فيه القيادات ذلك وتفكر فقط في الانتخابات البرلمانية والمحلية والشوري, ويحدث اختلاف في الرؤي يؤدي إلي حالات من الانقسامات والانشقاقات والتصدعات في بعض الأحزاب. ويري ممدوح قناوي رئيس حزب الدستوري الاجتماعي الحر أن مايحدث داخل الأحزاب أمر طبيعي لان المصريين اتفقوا علي ألايتفقوا, فضلا عن أن الأحزاب الحقيقية لم تظهر بعد لأننا مازلنا في سنة أولي ديمقراطية, كما أن الأحزاب الحالية لاتوجد داخلها ديمقراطية بالاستماع الي الرأي والرأي الآخر لافتقادها للإطار المؤسسي وتغلب الإطار الشخصي عليها, مضيفا أن مصر لم تعرف السياسة قبل ثورة25 يناير من العام الماضي ولم يكن الحزب الوطني المنحل حزبا سياسيا وإنما كان جماعة منظمة تعبر عن الحاكم ونظام حكمه فقط وبقية الأحزاب الأخري كانت عبارة عن عروة في جاكت الحاكم, مشيرا إلي أن الأحزاب بعد الثورة أصبحت مثل الأرز لدرجة أننا نستطيع القول أن في مصر الآن حزبا لكل مواطن, معلنا أنه هو الذي أتي بالدكتور محمد البرادعي المرشح السابق في الانتخابات الرئاسية الماضية للانضمام الي حزبه وبعد فترة وجيزة قام بإنشاء حزب له. الانشقاق أصبح ظاهرة ويؤكد اللواء عبد المنعم الاعصر الرئيس الشرفي لحزب الخضر الذي تولي رئاسته لمدة عشرين عاما أن الأحزاب تعاني من الانقسامات منذ زمن وشجع علي تفشيها الحزب الوطني المنحل حتي يوجد علي الساحة السياسية بمفرده وقد عاني حزب الخضر من ذلك عام1995 ولكن الانشقاق أصبح ظاهرة موجودة في كل التجمعات وليس داخل الأحزاب وحدها بعد الثورة حيث يوجد داخل الأسرة الواحدة في المنزل وفي العمل والعائلات لان كل فرد يري أن رأيه هو الصواب فقط ويسعي لفرضه علي الآخر بالقوة بدون نقاش. وقال إن المواطن المصري أصيب بحالة نفسية غير طبيعية بعد ثورة25 يناير أثرت علي سلوكه بعد الأحداث المتلاحقة التي شهدها علي الساحة السياسية من مظاهرات واعتصامات ووقفات احتجاجية ومطالب فئوية مع تدهور الحالة الاقتصادية,حيث أصبح كل مواطن لايعرف مصيره بعد لحظات, وكذلك تعرض البلاد لأزمة أخلاقية واختفاء الأمن وعدم استعادة هيبته حتي الان مما أدي لإصابة المواطن بحالة من الاكتئاب جعلت كل فرد يسخط علي رأي الآخر ويري أن رأيه هو الصواب. واستطرد قائلا: أن الشعب افتقد للحب والمودة التي كانت من سماته في الماضي واستبدلت إلي غيرة وخصومة بدون داع مشدد علي أنه تقدم باستقالته من رئاسة الحزب منذ عدة أشهر بسبب حالته الصحية لترك الفرصة للشباب للقيادة وتولي المناصب وحتي الأن لم تبت لجنة شئون الأحزاب في الاستقالة. ضبابية سياسية وأوضح إيهاب الخولي رئيس حزب الغد السابق أن مصر عانت من ضبابية سياسية في الماضي بسبب هيمنة الحزب الوطني المنحل علي كل شيء في الحياة السياسية مما أدي الي اختفاء الأحزاب التي لم تظهر إلا بعد الثورة لذلك اشتغل معظمها علي الانتخابات البرلمانية الأخيرة وبالتالي لم يكن هناك توافق فكري وايديولوجي بين أعضائها ولم يظهر أيضا سوي التيار الديني.. وقال ان الأحزاب المدنية في مجملها لاتقوم علي فكرة السمع والطاعة ولكنها تقوم علي التنوع الفكري ولذلك يحدث اختلاف في الرأي قد يؤدي الي الاستقالات والانقسامات علي عكس الأحزاب الدينية التي تعتمد علي السمع والطاعة ولذلك لا تعاني من اي مشكلات داخلية مضيفا أنه تقدم باستقالته من رئاسة حزب الغد منذ نحو أربعة أشهر للاختلاف في الفكر والرأي مع بعض أعضاء الحزب ولذلك فضل الابتعاد في صمت دون الدخول في مشكلات فرعية معهم. ويقول الدكتور أحمد أبو بركة المتحدث الرسمي لحزب الحرية والعدالة إن مصر خضعت للاستبداد لفترات طويلة وأصيبت القوي السياسية بوهن شديد, وبعد الانفتاح الذي حل بعد الثورة حدث حراك سياسي بعودة الأحزاب الضعيفة الي دائرة الضوء. وأضاف أن مايحدث من تصدعات وانقسامات في بعض الأحزاب مشهد طبيعي وحلقة من حلقات النضج السياسي بعد الثورات ليصبح كل فرد قادرا علي التعبير عن رأيه بحرية دون خوف إلا أن هذه الآراء قد تصطدم بآراء أخرين ويحدث الانشقاق. وأوضح أن المنهج الذي تبنته جماعة الأخوان المسملين في الإصلاح والنهضة والتربية يربي الأفراد علي قيم التنوع والاختلاف في الرأي والممارسة السياسية وهو ماعصم حزب الحرية والعدالة مما يتعرض له غيره من الأحزاب الأخري, موضحا أن الأحزاب السلفية تاريخها السياسي طويل ولكنها تختلف في المنهج عن جماعة الاخوان المسلمين في التناول وطرق الإصلاح.