ما يحدث في الأحزاب المصرية الآن أمر عجيب, إذ لا يمكن لأحد أن يتعامل مع الأجندة الحزبية إلا من منظور أن هناك ساعة للعمل الثوري وأخري للبحث عن السلطة وما بين الساعتين لا وقت للوطن ولا توقيتات للمواطن ولا أجندة لأهداف الثورة. الأحزاب القديمة والجديدة والمتجددة تركت كل مشكلات المواطنين وهموم الناس في الشوارع و المدارس و تردي المرافق وتراجع الخدمات وتزايد الانفلات والبلطجة والفوضي وارتفاع الأسعار واستمرار الوساطة في كل شيء حتي في العلاج ووصول الطرق إلي أسوأ حالاتها وغيرها من الأمور وتفرغت للبحث عن نيل رضا أعضاء الحزب الوطني المنحل في مختلف المحافظات ممن لا ينطبق عليهم العزل السياسي وفق نصوص الدستور. فقد قال الداعية السلفي ياسر برهامي إنه لا يمانع في ترشحهم علي قائمة حزب النور في حين يتصارع عليهم حزب الوطن الوليد الحزب الجديد للسلفيين وتترقبهم المجموعة الثالثة التي لا هي تابعة للنور ولا الوطن وكأنهم يختصرون الدعوة السلفية في مناصرة الفلول والحرص علي العلم بفنون سياساتهم وطلب العلم علي يد الشريف وسرور وعز ورموز فساد نظام المخلوع. وفي جبهة الإنقاذ التي تضم تحت رايتها مجموعة من أحزاب المعارضة مازالت ورقة أعضاء الوطني المنحل من أكثر الأوراق إثارة خاصة وأن بعض الأحزاب التي انضمت للجبهة قبلت ترشح الفلول علي قوائمها في انتخابات مجلسي الشعب والشوري الماضية وهو ما تسعي له الآن وكانت تدافع باستماتة عن وجود قائمتين للجبهة في الانتخابات القادمة لتتمكن من احتضان كثير من رموز الوطني باعتبارهم الأكثر دراية باللجان الانتخابية وقال لي أحد الذين حضروا اجتماع الجبهة الأخير انه أخبر الحضور أن الجبهة لا تمتلك مندوبين في بعض الدوائر مما جعلهم يضعون ضمن شروطهم لخوض الانتخابات أن يكون المندوب مقيدا باللجنة العامة وليس اللجنة الفرعية. أما الأحزاب الصغيرة من عينة أحزاب الحوار الوطني فإنها تفتح أحضانها لأكثر من7 أحزاب انبثقت عن الحزب المنحل ليكون لها صوت في الهرولة الحزبية والفرار إلي أحضان رموزه وقياداته لدرجة أن بعض الخبثاء قال إن الأحزاب الصغيرة تتعامل مع هذا الترشح علي أنه بيزنس جديد بدخولها في تحالفات علي مستوي القمة مثل تحالف حزب الحضارة مع الحرية والعدالة وتحالف مجموعات الأقباط بمن فيهم الذين كانوا ينتمون للحزب الوطني أو من كانوا يحاربونه مع الحرية والعدالة أو النور أو الوطن أو البناء والتنمية أو الأحزاب الوصيفة التي ترضي بأقل قدر من تصفيق الجمهور. هذا حال أحزابنا التي تمثل موروث الثورة أو عهدها الجديد.. تتصارع وتتنافس علي كسب رضا الفلول الذين قامت الثورة لتطهر مصر من فسادهم وإفسادهم فحولهم الصراع الحزبي الأعمي إلي كعبة يطوف حولها الباحثون عن السلطة ممن سرقوا فرحة الثورة من شبابها.. أفيقوا يرحمكم الله ولا تجعلوا رموز الفساد يعودون للساحة بالصندوق الانتخابي الكاذب لأن ما تقومون به تجارة خاسرة مع شياطين السياسة والفساد!