هناك حكمة تقول أحبب حبيبك هونا ما فلربما انقلب عدوك يوما ما.. وابغض عدوك هونا ما فلربما انقلب حبيبك يوما ما.. وهي حكمة في غاية البلاغة وتكاد أحداث اليوم تثبت صحتها عن جدارة.. فرفقاء الامس اصبحوا الان اعداء اليوم والايدي الواحدة التي كانت تتشابك اصبحت أيادي كثيرة متفرقة ومتشعبة.. وأصبح من كنا نعانقهم بالامس نصفعهم اليوم. والمشهد الحالي في الحقيقة لايكذب ولايتجمل ويطابق الحكمة بشكل ملفت ويثير الغرابة بسبب الاحداث الجارية وتناقض المواقف. وأنا اقصد بالمشهد ماحدث مع بدايات ثورة25 يناير وانتهاء بالأحداث الجارية من خلال تسليط الضوء علي هذه الاحداث والتي يجسد فيها مجموعة من الشباب المخلص لوطنه ضاق ذرعا بما يحدث وفقد كل أمل في مستقبل يعيشه فبدأ تفريغ نقده لهذا الواقع من خلال ملحمة في غاية الرقي بداية من رفع لافته الاعتراض علي أساليب الحكم ومطالبا بأبسط الحقوق عيش... كرامة... حرية.. وهي مطالب بسيطة ومتواضعة لاي انسان.. وبدلا من احترام الحاكم لارادة شعبه والنزول علي رغباته ومخاطبتهم بروح رب العائلة بادرهم باطلاق الرصاص علي صدورهم العارية. واستمرت الاحداث مابين رائحة الموت وثبات موقف هؤلاء الشباب الوطني ومرت بشكل درامي وسريع في وقت تساقط فيه الشهداء واصبحت دماؤهم الزكية مستصرخة من أجل الكرامة والحرية عندها بدأ سيناريو تهاوي نظام مبارك. في خضم هذه الأحداث وبعد ماافسحت دماء الشهداء من الشباب طريقا للحرية بدأت جماعة الاخوان المسلمين في الدخول إلي ساحة المشهد والذوبان مع هذا الشباب وجميع الفصائل السياسية ومن جانبهم بادر هؤلاء الشباب في احتضانهم تحت مظلة الكل إيد واحدة فلا تمييز لجنس ولادين ولافصيل سياسي وهذا ماجعل العالم اجمع ينظر إلي هذه الثورة بكل تقدير واحترام واعتبر ان هذه الثورة هي من اهم الثورات في تاريخ البشرية لذوبان كل عناصرها في نسيج واحد واسدل الستار علي هذا المشهد بسقوط مبارك وبداية جديدة لتاريخ مصر. أما المشهد الثاني فهو مشهد مأساوي وهي مايمكن ان نطلق عليه مرحلة استثمار الثورة فبدأت الفصائل السياسية المحترفة في تقليص دور الشباب الذي ألهم هذه الثورة وفجرها في محاولة لاثنائه عن أي دور في صنع احداث المرحلة الجديدة وبدأ الكل يتعامل معهم بنظرة استعلائية واستغلالهم من أجل هدف شخصي ومطمع سياسي بدءا بجامعة الاخوان التي استحوذت علي كل مقاليد الحكم وانتهاء بمن نصبوا انفسهم زعماء هذه الثورة ومن هنا انخرط الجميع في تفتيت الكعكة فضاعت روح الثورة وتفرقت دماء الشهداء بين كل هذه الفصائل... لايزال الدم هو اللغة السائدة لهذا المشهد الذي لايستطيع أي منا أن يتنبأ كيف ستكون نهايته. اما الغريب فهو ظهور هذه الروح العدائية من قبل الفصيل الاسلامي تجاه هؤلاء الشباب والفصائل السياسية صاحبة الفضل فيما وصلنا إليه الان من حرية وخاصة فيما يتعلق بحزمة الاتهامات الموجهه إليهم من قبل الفصيل الاسلامي بدءا بالاتهام بالعمالة وانتهاء بالتكفير وهو مانتج عنه فقد الثقة بين الطرفين وظهور هذا الانقسام الذي تشهده البلاد... وهو أمر يثير الاستفهام حول هذا التغير المفاجئ لرؤي وقناعات الفصيل الاسلامي ومحاولاتهم اختزال الثورة داخل فصيلهم واعتبار الاخر دخيلا عليها وهو مايؤكد ان رفقاء الامس قد يصبحون اعداء اليوم. [email protected] رابط دائم :