قبل أن أطرح مشكلتي التي تعتبر النقطة المحورية في حياتي كلها أخشي أن أتهم بالرومانسية الساذجة أو أني أعيش في زمن مضي إلي غير رجعة. في البداية مشكلتي اجتماعية قبل أن تكون شخصية فأنا شاب في الثالثة والعشرين من عمري أحمل مؤهلا عاليا ومثل باقي الشباب أعاني من البطالة ولولا الواسطة ما كان لي أن أعمل في يوم من الأيام المهم رزقني الله بوظيفة عن طريق أحد أقربائي وهي أقل من مستوي تعليمي ولكني قبلتها كحل أفضل من الجلوس عاطلا وفي عملي هذا تعرفت علي فتاة وبهرت بها لأنها كانت فقيرة وتعمل لمساعدة أهلها وفي نفس الوقت هي في السنة الأولي لإحدى كليات القمة وتعمل أثناء الإجازة. هذا فضلا عن أنها ملتزمة جدا وعلي خلق وعلي قدر عال جدا من الجمال والرقة التي تكفي لإبهار أي شاب. ولكن المشكلة الحقيقية بيني وبينها والتي تجعل ارتباطي بها لا يتم هي فارق المستوي بين أهلي وأهلها فأنا والدي يعمل بمنصب كبير بما يعني اننا ميسورو الحال أما والدة فتاتي فتعمل بائعة في سوق بلدي وذلك لمساعدة أولادها باعتبارها مسئولة عن أولادها أبا وأما بعد تخلي زوجها عن مسئوليته كأب وتركها وأولادها تواجه مصيرا مجهولا وعلي الرغم من أنها تحمل مؤهلا متوسطا لم تعمل الأم به ووجدت رزقها وأولادها في السوق. وقد استطاعت هذه الأم الكادحة أن تربي أولادها قدر طاقتها تربية كريمة حتى أن شقيقة فتاتي الصغري تعمل أيضا مع أنها في المرحلة الثانوية وكلتا الفتاتين ينتظرهما مستقبل باهر من حيث التعليم. أما عن والد الفتاة فهو منفصل عن والدتهما ومع أنه يعمل موظفا وحاله ميسور فهو لا يؤمن بوجود أولاده في الدنيا ولا بحقهم في الحياة ولا بوجوب مسئوليته تجاههم. وبخلاف هذه المشكلة فأنا الآن طالب ولست جاهزا تماما للتقدم لهذه الفتاة ولكني أستطيع خطبتها في ظرف سنة والانتظار حتى تكمل تعليمها ولكنني أخشي من العاصفة الهوجاء التي ستحدث عندما أصارح أبي وأمي برغبتي في التقدم لها وأخشى ما أخشاه أن تضيع مني هذه الفتاة وفي نفس الوقت كيف أرضي أبي وأمي؟ م ن ل القاهرة - يا أخي ربما يكون هناك من يري أمرا في مشكلتك هذه يتعلق بالحذر الحذر من اختلاف المستوي الاجتماعي وهذا رأي له وجاهته ومنطقيته خاصة في هذا الزمان الذي سيطرت فيه المادة والمبدأ "الميكيافيللي" الذي يقول بأن الغاية تبرر الوسيلة. ولكن هناك رأيا آخر يري أن الرومانسية لم تنقرض بعد وأنه مازالت هناك أحاسيس ومشاعر مادام الإنسان علي قيد الحياة وأن هذه الأشياء المتعلقة بالفوارق الاجتماعية غير مهمة مادام الحب موجودا لكن أن تعلم سوف تلمسه في حياتك مع تقدم الزمن بواقع الخبرة المكتسبة أن التكافؤ الاجتماعي مهم جدا في الحياة الزوجية بنفس أهمية المشاعر ووجود الحب بين طرفي الحياة الزوجية فعندما تتزاحم المشاغل اليومية وتكثر الهموم ويندر وجود الصديق الوفي ساعتها يتوافق الزوجان في حياتهما ويسعدان بتوافقهما في الأفكار والثقافة والمستوي الاجتماعي الذي بالتأكيد ينعكس انعكاسا قويا علي تربية الإنسان وأسلوب معايشته للحياة ومن هنا تأتي أهمية التوافق الاجتماعي. أما الحب والمشاعر فهي أشبه بالكائن الحي الذي يولد في رحم الأم إن لم تكن هناك الظروف الملائمة التي تعطيه مقومات الحياة سرعان ما يموت ولا يكون له وجود أبدا. وقد تري رجلا يتزوج من فتاة بشكل تقليدي وتمضي بهم العشرة عاما بعد عام وتترابط الأواصر الاجتماعية والعاطفية أيضا بينهما حتى تتحور إلي حب مبني علي العشرة الطيبة ووفرة المقومات الحياتية التي تضمن لهذا الحب الاستمرار والعيش. وفي اعتقادي يا أخي أن ما تشعر به تجاه هذه الفتاة لا يزيد علي كونه اعجابا بفتاة مكافحة ولعلها عندما تتخرج تستطيع أن تشق طريقها وتغير من مستوي حياتها بكدها واجتهادها فيمكن لها وقتها أن تتخير هي لنفسها الإنسان الذي يتناسب معها. وتذكر انك مازلت طالبا غير قادر علي تحمل مسئولية نفسك وثق أن ما أنت به الآن ليس إلا سحابة صيف وستنقشع فأنصحك بالابتعاد عنها حتى لا يحدث الفرق الاجتماعي شرخا في حياتكما الأسرية في المستقبل.
E.M:[email protected] للمراسلة: القاهرة شارع الجلاء رقم بريدي11511 الأهرام المسائي فاكس:25791761 تليفون:0227703100 01223920261