فقد أشرف إحساسه بالدنيا وكأنه يعيش عليها جسدا بلا روح.. تجمد قلبه واختلطت الأحاسيس فيه عند لحظة الفراق التي فصلت بينه وبين الدنيا برحيل ابنه الوحيد..أراد الرجل أن يلحق بإبنه إلي الرفيق الأعلي فطاوعته روحه ولم يطاوعه جسده وبقي حيا ميتا ينتظر اللحظة التي يقتص فيها ممن قتلوا ابنه ثم يلحق به في رحاب العادل الرحيم....!! هكذا وصف لي أشرف حياته الخاوية من كل شييءإلا ذكريات ليست بعيدة يراها في صحوه ومنامه وكأنها النفس الذي يعيش به وله..قال أشرف قبل الحادث الأليم الذي تعرض له إبني كنت أشعر أنني أسعد وأغني رجل في العالم ومصدر سعادتي وثرائي هو ابني ووحيدي محمد..عندما رزقني به الله سبحانه وتعالي تغير لون الحياة في عيني رأيت فيه طفولتي وصباي وعندما كبر ورأيته شابا يملأ الدنيا بحيويته تجسدت فيه كل أحلامي..ووهبت نفسي أنا وأمه من أجله..اجتهدنا بما أكثر من طاقتنا حتي أسسناه علي الخلق والتدين وألحقناه بأحسن المدارس وكان شاغلنا الوحيد أن نقدمه للحياة رجلا بمعني الكلمة يشارك فيها بإيجابية وتكون له المكانة المرموقة بعد أن يشق طريقه بما وفرنا له من علم وخلق..ولكنها الأيام بقسوتها الحجرية لم تكن ترضي لنا باستمرار السعادة وأرادت لي ولزوجتي أن نتجرع كأس الردي قطرة قطرة حتي نموت مع كل قطرة بدلا من مرة ألف مرة فقد داهمنا الخبر الكارثة بإصابة ابني اصابات بالغة علي اثر حادث تصادم أثناء قيادته سيارته علي الطريق المؤدي إلي اتجاه أربيلا بالتجمع الخامس قادما من القاهرةالجديدة..لا أدري كيف خرجت أنا وزوجتي من البيت..هل حملتنا أقدامنا أم لهفة قلوبنا والخوف المرعب الذي سكن صدرينا حتي وصلنا إلي المستشفي..!! هناك كانت الاسعاف قد نقلت ابني وهو في حالة خطرة وعلي الفور تم نقله إلي غرفة العمليات في محاولة مستميتة لإنقاذ حياته..ساعات قليلة مضت ولكنه أشبه بدهر لايريد أن ينتهي..ولم يخرجني من حالة الخوف والترقب المدمرة التي كنت عليها أنا وزوجتي إلا صوت الطبيب الذي خرج من غرفة العمليات ليخبرني أن ابني كتب له عمر جديد وأنه الأن في غرفة العناية المركزة..تهلل وجهي وهرولت إلي العناية المركزة..ولكنه لم يكن ابني محمد الذي يرقد هناك..أين ضحكاته الرنانة التي كانت تهتك الصمت في البيت وأين صحوه وشقاواته وفتوته وشبابه..كان جسده نحيلا جدا تحيط به الأربطة من جميع الأنحاء..عرفت من محضر الشرطة أن سيارة نقل انحرفت علي الطريق أخذت الاتجاه العكسي وصدمت سيارة ابني التي كانت قادمة في نفس الاتجاه وقال لي الطبيب أن الحادث أسفر عن إصابة محمد باضطراب في درجة الوعي ونزيف تحت الأم العنكبوتية وأخر بالبطن ورشح مائي مع نزيف داخلي بالمخ وأنه تمت السيطرة علي الحالة ولكن سيبقي محمد فاقدا للوعي داخل غرفة العناية المركزة تحت جهاز التنفس الصناعي فترة طويلة وأنه في حاجة الي إجراء جراحة دقيقة لتوسيع القصبة الهوائية وهي جراحة نادرة, عدد الأطباء الذين يقومون بعملها معدودون علي الأصابع علي مستوي العالم لأنها تعد عملية لزرع قصبة هوائية ومن غيرها فحياة ابني في خطر. وبقلب الأب المرتجف سارعت وراسلت مستشفي متخصصا في هذه الحالات بلندن وردوا علي بأهمية سرعة سفر ابني ولكن تكاليف السفر والجراحة هناك تفوق أي خيال.. طرقت كل الأبواب التي يمكن أن يطرقها أنسان في مثل ظروفي..ذهبت إلي وزير الصحة وقتها فتهرب مني ووعد مدير مكتبه بسرعة عرض الطلب علي الوزير.. ومرت الأيام تلو الأيام ثقيلة..باردة ولم يلتفت وزير الصحة لطلبي العاجل بسفر ابني للعلاج بالخارج..وذهب وزير وجاء وزير والحال هو الحال أذن من طين وأخري من عجين وكأن ابني ليس له حق علي بلده أن يسارع لانقاذ حياته..كنت أنظر إليه وهو يموت يوما بعد يوم وأنا عاجز مكبل غير قادر علي انقاذه..وليت الأمر توقف عند هذا الحد فبسبب الاهمال من الأطباء والتمريض بالمستشفي التابع لأحد البنوك المصرية والذي كان يرقد فيه بني أصيب بعدوي فيروسية وتدهورت حالته من سيئ إلي أسوأ حتي فارق الحياة...!! وهنا أجهش الرجل بالبكاء ومن بين دموعه أكمل وحكي كيف حمل إبنه الوحيد بين يديه جثة هامدة ودفنه بيديه..قال: ذنب ابني في رقبة وزيري الصحة السابق والحالي والدكتور محمد حامد مصطفي لأنه وقتها كان رئيس الأمانة العامة للمراكز الطبية المتخصصة وزار المستشفي التابع لأحد البنوك أثناء وجود ابني به أربع مرات وكان يعلم حالته جيدا ورفض مع من رفضوا انقاذه من بين براثن الموت الذي كان ينهش جسده يوما بعد يوم حتي مات..!! قال الأب أنه تقدم ببلاغ للنائب العام ضد وزيري الصحة السابق والحالي ورئيس المجالس الطبية المتخصصة حمل رقم2060 وحضر الي الأهرام المسائي يحكي حكايته للرأي العام ويناشد الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء التحقيق في وفاة ابنه أشرف وغلق المستشفي الخاص الذي تسببت في موته وموت ناس كثيرين غير حالة ابني..!!قال أشرف: أنا عايش علشان أجيب حق دم إبني وبعدها يهون الموت وتتواري الحياة حيث لاطعم للدنيا من بعد محمد فهل يتدخل الدكتور قنديل ويفتح ملف التحقيق في واقعة وفاة الشاب محمد أشرف محمد عناني الذي دخل مستشفي خاصا لأحد البنوك وخرج منه الي قبره.. ولعلنا يامعالي الوزير قدسبق ونشرنا في عدد الأسبوع الماصي وفي نفس المكان حالة مماثلة لصبي دخل إلي نفس المستشفي علي قدميه ولكنه بيد الاهمال لقي حتفه ونضم صوتنا لحال هذا الأب المكلوم ونطالب بفتح ملف التحقيق في مراقبة هذا المستشفي والقصاص لضحاياه.
E.M:[email protected] للمراسلة: القاهرة شارع الجلاء رقم بريدي11511 الأهرام المسائي فاكس:25791761 تليفون:0227703100 01223920261 رابط دائم :