تشير كل الشواهد إلي أن اللعبة السياسية في مصر بعد جولات متلاحقة من التنافس سيطرت عليها الإثارة تارة والتشويق أخري والتخوين ثالثة أخذت اتجاهها نحو مسارات خالية من اللعب السياسي النظيف. فقد دخلت مصر بأغلبيتها وأقليتها بتياراتها الإسلامية وقواها المدنية بشبابها وشيوخها بنخبتها الزاعقة وكنبتها الصامتة في منطقة الألغام التي لا يعرف أحد فيها ملامح الضحايا ولا هوية المجرم ولا طبيعة ومكان وزمان الجريمة. أصبح المصريون كافة يتعاملون فيما بينهم بطريقة حشد بحشد وميدان بميدان وشعارات بشعارات وما بين الثلاثة تنتهك الأعراض وتستحل الحرمات ويعلو صوت الاتهام ويصبح الكل خائن وسارق ومدلس ومتآمر وكذاب وبينهم أيضا تضيع الحقيقة بين صدق بلا دليل وكذب بدون تجميل. وأري أن أكثر الأخطاء السياسية التي سقطت فيها أطراف اللعبة أن كل ما شهدته مصر بعد ثورة25 يناير من أحداث كان بدوافع وأهداف شخصية أو حزبية وليست وطنية وحاول البعض حسم النتيجة مبكرا لصالحه بالضربة الدينية القاضية اعتمادا علي التلاعب بتطبيق الشريعة تارة وتكفير المنافسين أخري وإقحام بيوت الله في اللعبة ثالثة وتحويلها إلي مدرجات لمتفرجين يرون أن الموت من أجل المصالح السياسية جهاد وشهادة. وحاول الجانب الآخر حسم المعركة لصالحه بالتلاعب بالأحكام والقوانين وذبح الخصم في ساحات التقاضي اعتمادا علي الأوراق والحجج دون انتصار لمصلحة وطن يغرق في الهموم والفقر ويتحسس النجاة من السقوط ووجهت السهام لحل تأسيسية الدستور والبرلمان المنتخب والتلويح بتوجيه ضربات قضائية خاطفة للخصم في أي توقيت دون مراعاة الحمي التي تصيب الوطن. وفي كل مراحل التنافس كانت هناك شكوك من كل الأطراف المتصارعة في حياد حكم المباراة بداية من المجلس العسكري مرورا بالبرلمان المنتخب بغرفتيه ثم القضاء فرئيس الجمهورية المنتخب. الآن مصر علي فوهة البركان ويبدو الجميع لا ملائكة ولا شياطين يتلاعبون دون قناع, فريق منهم يلوح بالجهاد وضرب الكفار والانتصار للشريعة والشرعية ويهدد الفريق الآخر بالحصار والعصيان المدني وحرب الشوارع وحرق مقار العدو وبينهما أصبحنا جميعا في مركب تتقاذفه الأمواج. وللأسف في عرض البحر تحول قبطان المركب إلي ديكتاتور يوالي أهله ومؤيديه وكل راكب لا يسمع إلا نفسه ويقتصر حلم كل لاعب علي إغراق خصمه وتحطيم المركب والصراع علي طوق النجاة الوهمي. باختصارالمتلاعبون بنا وبالسياسة يضيعون مصر بالقانون والقضاء والشرعية والشريعة والثورية والسياسة لأن الجميع في بلادي لا يجيدون اللعب النظيف!