علي مدار تاريخها قدمت مصر شهدائها الأبطال, وروت بدمائهم أرض سيناء الطاهرة, وعبرت من الهزيمة إلي النصر في حرب أكتوبر المجيدة1973. وكانت مدينة السويس ومازالت تقدم شهداءها عندما أرادت إسرائيل تطويق مدينة السويس وتعويض هزيمتها المريرة, فكانت الشرارة من أبناء السويس أبناء منظمة سيناء والمقاومة الشعبية, بالتنسيق مع قواتهم المسلحة الباسلة في دحر العدو الإسرائيلي, وأيضا الشرارة الأولي لثورة كانت أيضا بدايتها من السويس التي حولت مجري التاريخ, ويروي المقاتل محمد عتيطو عبدالله ذكرياته خلال حرب67 وحرب الاستنزاف ونصر أكتوبر العظيم, ودوره مع زملائه في أثناء الحروب الثلاث فقال: عقب نكسة67 فوجئت أنا وزملائي, ومنهم علي إبراهيم, بنزول مظلة من طائرة إسرائيلية فأسرعنا للبحث عن الطيار ففوجئنا بفتاة إسرائيلية ترتدي ثوب الطيارين, وبسؤالها قالت: إنها هي التي تقود الطائرة, بعد ذلك تمت إحاطتها من أفراد القوات المسلحة ورجال المخابرات والمقاومة الشعبية, فما كان منها إلا أن تقول: بيبي.. بيبي, مشيرة إلي أنها حامل, فنقلناها للمستشفي العام لإجراء الولادة, وسمعت بعض الجنود ورجال المقاومة الشعبية يقولون: إذا جاء المولود ولدا فسيتم تسميته جمال عبدالناصر نسبة للرئيس الراحل, ثم تركنا موقع المستشفي وعدنا إلي موقعنا بأرض الحرس الوطني. حريق شل في نوفمبر تم ضرب شركة شل بالسواريخ, بعد ذلك تم تجنيدي بالقوات المسلحة بتاريخ1968/4/2 في أثناء حرب الاستنزاف, ضمن وحدات القوات المسلحة بالمستودع الميداني(3) بالروبيكي, حيث تم طلب إرسال كتيبة علي خط الجبهة بالسويس, وقام قائد الكتيبة بتوزيع الأفراد علي خط الجبهة, ولم أكن منهم, فطلبت منه أن أكون ضمن الافراد علي الجبهة ودخلت للمقدم محمد حسين قائد الكتيبة, ومعه المقدم جميل, فوافق علي انضمامي مع الأفراد علي الجبهة وذهبت معهم, وفي عام1969 ا وقد بلغت معركة الاستنزاف ذروتها وقتها, وقفت لإتمام طابور الصباح وطلبت الاستئذان لزيارة زملائي من المقاومة الشعبية, وإلقاء نظرة سريعة علي المنزل بعد الغارات الإسرائيلية, وكان معي زميلي محمد مرسي, والمساعد أول محمد مكاوي. الطيار الإسرائيلي علي القهوة وذهبنا إلي مطعم رواشلتناول الإفطار, وجلسنا نحتسي الشاي والقهوة بجوار المطعم مباشرة بقوة المعلم أحمد حسين, ونحن جالسين فوجئنا برجل غريب الشكل يشبه الأجانب باحمرار وجهه, اشتبهنا فيه وطلبنا منه الحديث معنا فلم يرد علي أحد, وتجمع أهالي السويس الموجودين علي القهوة ونحن نصر علي تسليمه للقوات المسلحة, ومعي الشهيد محمد مرسي, وفوجئنا بأن رجال المخابرات يطلبون منا أن نتركه لهم, وكان يرتدي جلباب سممني اللون, واكتشفنا عقلة من حزام المظلة تحت الجلباب. الفريق عبدالمنعم واصل يوقع جزاء علي نجله بالقوات المسلحة الجميع كان عنده سواسية في خدمة الوطن عندما قام الفريق عبدالمنعم واصل قائد الجيش الثالث الميداني بتوقيع الجزاء علي نجله الضابط بالقوات المسلحة عندما تغيب عن موعد عودته من الإجازة48 ساعة. حكاية الساعة الرقمية شاهدت أحد أفراد الجنود الإسرائيليين مقتولا داخل دبابة بطلقات رصاص, ثم رأيت بداخلها ساعة مربوطة بسلك كهربائي ممتد حتي البطارية فأخذتها وتركتها داخل عمارة مهجورة بالغريب, وتم نقلي إلي السيارة المليئة بالخامات العسكرية للعبور بها إلي البر الشرقي, وفوجئنا بطائرة للعدو كاتمة للصوت وقامت بضرب السيارة واستشهد زملائي محمد مرسي من بورسعيد, وعزب من محافظة القليوبية, والمساعد أول مكاوي من القاهرة, وقفزت من أعلي السيارة إلي الأرض وانبطحت أرضا فأصابتني شظية بالرقبة والرأس, وتم علاجي بمستشفي الدمرداش, وقام الرئيس الراحل محمد أنور السادات بزيارتنا ومنحي ميدالية البطولة, وقامت الصحف الأهرام, والأخبار, والجمهورية والصحف المحلية و صوت السويس وجريدة حديث البلد بنشر ما قدمته فداء لمصر ولأمتنا. وتم تكريمي من المشير عبدالغني الجمسي, ومن قائد الفرقة(7) اللواء أحمد بدوي, وأمر الرئيس جمال عبدالناصر بضرب أي إسرائيلي ينزل القناة بالنار فورا, ولي أخ شهيد في67, وكان يعمل في سيناء, وقمنا بضرب إسرائيل ضربة من حديد, والله علي ما أقول شهيد, وأنا دموعي في عيني وقلت: بأمر الله لازم ننتصر علي العدو, وانتصرنا علي العدو الغاشم بحمد الله. معركة الجزيرة الخضراء وتحطيم قوات العدو في أثناء معارك الاستنزاف عامي68 و69 حاول الإسرائيليون اقتحام الجزيرة الخضراء جنوبالسويس, فتصدت لهم القوات الخاصة من قواتنا المسلحة, وحطمت وأسرت جميع الجنود الإسرائيليين, ومعداتهم وأسلتحهم الخاصة, فكانت معركة الجزيرة الخضراء حديث العالم لشجاعة وقوة التحدي للجندي المصري. ضرب قاعدة الصواريخ المضادة للطائرات علمت إسرائيل أن الفريق عبدالمنعم واصل لا يماثله أحد في معركة الدبابات علي مستوي العالم, فكانت لديه كل فنون معارك الدبابات بشهادة القيادة العسكرية المصرية, وكانت إسرائيل حريصة علي ضرب قاعدة الصواريخ المصرية المضادة للطائرات كلما تم نصب القواعد الصاروخية, وحاولت قيادة الجيش الثالث نقل منصات الصواريخ المضادة للطائرات الإسرائيلية من مكانها إلي مكان آخر لا تعرفه إسرائيل وبعيدا عن رصدها ليتمكن من وقف الضربات الإسرائيلية, ومن ثم يقوم بوظيفته بدحر العدوان الجوي الإسرائيلي. الثغرة والدفاع عن الوطن وفي معركة الثغرة يوم24 أكتوبر1973 بعد دخول دبابات إسرائيل المدينة لتطويقها, تم تكليفي أنا وزملائي من المقدم محمد حسين قائد المستودع الميداني(3) بشحن سيارات كبيرة مليئة بالمعدات اللازمة للقوات المسلحة علي الجبهة, وفوجئنا بقطع الطريق من كل اتجاهاته, ونزلنا من السيارة ووقفنا لحماية مدينة السويس بمنطقة الزيتيات, وطلب من السائق معرفة الموقع الذي سنذهب إليه في سدر, وطلب منه الانتظار لحين فتح الطريق, وحاولت النزول إلي السويس وكان معي المساعد مكاوي, وضربنا إحدي الدبابات بطلقات حية لم تؤثر فيها لأنها دبابة حديثة( سونيتريا), وضربنا دبابة أخري وتم قطع الجنزير وفجأة توقفت, فقمنا علي الفور باقتحامها ففر منها ثلاثة جنود إلي مساكن الغريب. زيارة أسبوعية لجيهان السادات و20 جنيها لكل مصاب حرب في أثناء علاجي أنا وزملائي المصابين خلال حرب أكتوبر داخل مستشفيات الحلمية والدمرداش, كانت السيدة جيهان السادات قرينة الزعيم الراحل أنور السادات تقوم بزيارتنا أسبوعيا للشد من أزرنا, ورفع معنوياتنا, بالإضافة إلي صرف20 جنيها لكل مصاب حرب, فكانت لفتة كريمة منها لم تتم من قبل, وكان هناك دور كبير لجمعية الوفاء والأمل في علاج المصابين, وتوفير كل الأدوية والأجهزة الطبية, وكانت ترأس الجمعية السيدة جيهان السادات, التي كانت تحرص دائما علي تقديم شهادات الاستثمار لنا. مفارقات التكريم عقب استشهاد الزميل محمد زكي علي حدود الكونتلا عام67, كان ابنه الدكتور مدحت( وهو دكتور صيدلي) قد أصيب في أثناء معركة الكرامة والاعتبار في أكتوبر73, حيث دخلنا مرحلة العلاج معا بمستشفي الحلمية العسكرية والدمرداش, وفي أثناء العلاج, كانت هناك وسائل ترفيهية كالحفلات الأسبوعية بحضور اللواء فاروق خضيري أكبر الجراحين بمصر حينذاك, وكانت السيدة جيهان السادات الأم الرحيمة بنا, وطلبت من إدارة المستشفي ضرورة علاج المصابين بالخارج متي اقتضت الضرورة ذلك, وفي عام1978 طلب الرئيس والزعيم الراحل أنور السادات تكريم أبطال حرب أكتوبر الذين أعادوا الكرامة والعزة للأمة العربية, وكان التكريم بقيادة الجيش الثالث الميداني, وتضمن التكريم مأدبة غداء لكل أبطال أكتوبر, وكم كنا سعداء بهذا اللقاء بين الوالد وأبنائه, وكان دائما يكرر لنا كلمة أنتم أصحاب النصر, بعدها بنحو5 سنوات تمت دعوتنا للقاء الرئيس محمد حسني مبارك للتكريم أيضا, وذهبنا لمقر قيادة الجيش الثالث الميداني للقاء الرئيس حيث كانت المفاجأة أنه لم يعيرنا أي اهتمام ولم نقابله, حيث تناول الغداء مع القادة العسكريين فقط, وكانت نقطة فارقة في حياتنا لما لمسناه من الرئيس السادات من حنان وحب, ولما لمسناه من مبارك من إجحاف وعدم اهتمام. رحم الله الرئيس السادات لما قدمه للوطن.