يشرد ببصره وخواطره علي إمتداد صفحة النيل.. والأضواء المنعكسة عليه والتي تشكل لوحة جميلة من الفن التشكيلي.. تصنعها الطبيعة أفضل من ريشة فنان.. في صدره شجون من صداقات كانت أثيرة لديه.. تباعدت وأحدثت شروخا وإرتطامات نفسية موجعة.... في غيابهم إنطفأت بداخله أنقي المشاعر... صدره حقيبة مغلقة علي قلبه... الذي كان غافيا يستريح من الأوجاع التي تنهشه بين الحين والآخر... يفتح صدره ويغمس قلمه في مداد الآسي.. يكتب قصصا قصيرة لاتفلح في إزاحة ركام الأحزان.. لكنه يري في نشر قصصه في الصفحات الأدبية المتخصصة في الصحف اليومية أو المجلات بعض العزاء أو سمة الفلتر الذي يصفي الكدر ويفتت الاسي بعض الوقت.. أوجعه خبر مقتل المهندس الذي كان برفقة خطيبته.. من فرق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. وهي أشياء لم تكن تحدث في بلادنا قط.. التي لاتعرف غير التسامح والمحبة والإخاء.. تعيش علي موارد الروح الطيبة والصفاء.. ماذا حدث ليرتبك التقويم في بوصلة الأيام..؟! إشتاق لقلب أمه النبيل الذي يروي ظمأه حين يجف الحلق..... وحين يجف النهر.. إشتاق لكوب الشاي المنعنع من يديها المعروقتين.. وهي تحايل حزنها بهدوء.. حتي لايتعثر حلمه البعيد المنال.. في جعبته الكثير الكثير... مما لم يرويه بعد علي الورق... يدخل في عتمات متحركة.. لايدري أين يذهب...؟ تقوده قدماه الي المؤسسة العريقة التي إعتادت نشر قصصه في صفحتها الادبية... يسأل عن قصصه التي لم تنشر.. ويصطدم ياعتذارات عن عدم نشر قصصه..... بعد تغيير رئيس التحرير والمشرف علي الصفحة الأدبية اللذين خرجا من المؤسسة.. رافضين توجهات وإملاءات ليست في صالح القاريء الذي تتوجه إليه الصحيفة... وهي في الأغلب لاتفيد غير فصيل بعينه.... أي ثور هائج هذا الذي فقأ بقرنيه حلمه في أن يكون قاصا مشهورا...!! الريح الشديدة تهزه بغلظة وتستهدفه.. وتقصد أن تاسره.. وحدها الشمس التي تلملم أثوابها إستعدادا للرحيل.. تمنحه دهشتها الأخيرة.. الحزن يتمدد ويكبر بداخله.. وهو يتطلع إلي البؤس الزاحف الي الوجوه.. يعرف أن الحب يغير الملامح... يكسوها بهجة.. يمنحها إجنحة تعينها علي التحليق في أجواء فردوسية جميلة. إمتعص وجهه حين تذكر أن الحب دهسته مركبة غاطسة في السواد تمضي أيامه وخيط من الشقاء يصل اليوم بآخر لاينتهي. نسيه الفرح أو ماكان يسميه فرحا.. تبدأ ظلال الأشياء في الإتساع والدكنة... يسند تعبه علي زنده.. ميراث ثقيل علي كتف الكائن الباحث عن مساحة ود.. وعش يأويه... عن وطن من لحم ودم.. دفء أمه.. حريته وسط هذه الأنقاض.. لايدري أين يذهب بجيش إشتياقه وقصصه وحلمه الذي أصبح بعيد المنال....؟ هل ضل طريقه ودخل أرضا غير صديقة لاتعرفه...؟ في مؤسسة صحفية أخري... لمس برودة الاستقبال.. في نظرة سريعة شيعوا فيها قصصه التي لاتتفق والمرحلة التي تعيشها البلاد... طوي قصصه وحلمه البعيد.. وإختصر الزيارة والكلام وغادر.