هل النساء يتمتعن بالقدر نفسه من الفكاكة والفهلوة التي يتمتع بها زملاؤنا علي كوكب الأرض من الرجال؟ وهل النساء يمكنهن اكتساب مهارات مثل تلك التي يكتسبها الرجال. كالقدرة علي إقناع كل من حولهم أنهن الأقوي والأكثر وسامة والأعلي قدرة علي الإيقاع بالجنس الآخر, أو حتي بأنهم الأعمق خبرة أو الأقوي نفسا أو الأضخم عضلات أو الأكثر ذكاء أو.. أو... غيرها من المهارات والملكات التي غالبا لا يولدون بها, ولكن يتم زرعها فيهم ثم يقومون هم بدورهم الذكوري بتنميتها وتنشئتها وتضخيمها لدرجة أنهم أنفسهم يصدقونها قبل أن يبدأوا في نقلها إلي الآخرين. وأعود إلي السؤال المطروح, لقد ظلت عادات الفتونة والمجدعة والشهامة من السمات اللصيقة بالرجل فقط دون المرأة, وذلك في إيحاء مباشر وفج بات النساء لا يملكن أيا من هذه الصفات. كان هذا في عصر الأبيض والأسود, زي قبل عصر الألوان الذي صبغ المجدعة والشهامة بألوان متفردة, بل وأصبحت ذات نيولوك مختلف, وصار إسمها الفكاكة والفهلوة والفتاكة. وكنت حتي عهد قريب أعتقد أن مثل هذه الصفات غير حميدة, وأنها شتيمة. لكني فوجئت بالبعض يستخدمها علي سبيل الإشادة. فالفهلوي مثلا هو من يتحايل علي ظروف الحياة الصعبة, ويتمكن من أن يلقط رزقه من هنا وهناك. والفكيك وأحيانا تنطق بالقاف الفقيق هو من يفهم ما لا يفهمه الآخرون, حتي لو كان الشيء المبهم الذي فهمه لا وجود له من الأصل. أما الفتاكه, فهي تلك السمة التي تؤهل صاحبها لأن يحقق ما لا يحققه آخرون, لا لشيء إلا لقدرته علي اقتناص الفرص أو الضحك علي الذقون أو ما شابه. وسواء اختلف الناس أو اتفقوا علي معاني تلك الصفات, أو علي مدلولاتها الإيجابية أو السلبية, تظل حكرا علي الرجال. ورغم أن تلك الكلمات تظل تحتفظ بمدلولاتها السلبية لدي, إلا أنه لسبب ما غير معروف وغير مفهوم, يشعر الكثيرون من الرجال بأنهم يحتفظون بتلك الصفات لهم وحدهم, وهو ما سبب لي كثيرا من العجب والدهشة. فكيف لمجتمع يعيش فيه النساء والرجال جنبا إلي جنب, يعانون المعاناة نفسها, ويركبون المواصلات نفسها, ويتدحرجون من علي الرصيف نفسه, ويأكلون من الدقيق الفاسد نفسه, ويشربون من المياه المخلوطة بالصرف الصحي نفسها, ويجدون أنفسهم معرضين للتواؤم مع ظروف غير إنسانية لا تفرق بين رجل وامرأة. لماذا إذن تظل الفهلوة وقريناتها من السمات لصيقة بالرجل وحده دون المرأة؟ هي بالتأكيد صفات لا علاقة لها بالتركيبة الهرمونية, وهي غالبا أيضا لا تتمتع بأي مدلولات إيجابية, ورغم ذلك يتشبثون بها. وللأسف إن أعدادا متزايدة من النساء والفتيات بدأت تظهر عليهن أعراض الفقاقة والفهلوة, فبتن يتصرفن تصرفات فيها من الفكاكة والفهلوة ما يشعل الغيرة في قلوب الرجال. يبدو هذا واضحا من الحالة العامة السائدة في الشارع المصري, وفي أماكن العمل المصرية. فالنساء اكتشفهن أنه ليس بالعمل وحده يمكن للإنسان أن يثبت نفسه, وليس بالإخلاص وحدة يمكن للإنسان أن يؤكد لمن حوله أنه الأفضل, وليس بالإتقان وحده يمكن للإنسان أن يترقي ويكسب ثقة من حوله. وأجد سمات الفهلوة وقد استشرت بين النساء, منهن من تلجأ إليها لتخليص بعض الأمور في بعض الأوقات, وبعضهن من تتخذها منهجا حياتيا لها, والبعض الآخر وهن اللاتي مازلن يرزحن تحت وطأة القيم والأخلاق والعمل الجاد والمثابرة يرفضن مبدا الفهلوة دون نقاش. لكن ما يهم الآن هو أن الفهلوة باتت للجميع, صحيح أنها من أبرز أسباب وعوامل تخلفنا, لكنها من أسباب وعوامل المساواة بين الجنسين في الملكات والمهارات المكتسبة في مصر في الألفية الثانية. وكنت حتي عهد قريب أعتقد أن مثل هذه الصفات غير حميدة, وأنها شتيمة. [email protected]