يأمل المرء كثيرا في أن ينجح حمدين صباحي, في تنظيم صفوف أنصاره, وفي القلب منهم تنظيمات اليسار. علي اختلاف تنويعاتها الفكرية والأيديولوجية. والبدء سريعا في إجراءات عملية علي الأرض,من أجل تأسيس التيار الشعبي كتنظيم سياسي حقيقي,إذ إنني أختلف كثيرا مع ماذكره قبل أيام, عندما وصف هذا التيار بأنه لن يكون حزبا ولاتكتلا وإنما تشكيل سياسي شعبي, يستهدف تنظيم صفوف الملايين من المصريين غير المسيسين, في مواجهة مايصفه ب القوة المسيطرة في إبريل الماضي أعلن الدكتور محمد البرادعي عن تأسيس حزبه الجديد الدستور وقد بدا الرجل واضحا للغاية عندما قال وقتها,إنه يهدف من خلاله الي عمل سياسي منظم, يسعي لإنقاذ الثورة بعدما انحرفت عن مسارها, وتحقيق أهدافها الرئيسية في العيش والحرية والكرامة الإنسانية,بل ونقل السلطة الي جيل الشباب الذي فجر هذه الثورة خلال فترة وجيزة,يعكف خلالها الحزب كبناء تنظيمي حقيقي, علي بناء كوادر وقيادات من هؤلاء الشباب, وتأهيلهم للعمل السياسي الفاعل في مؤسسات الدولة المختلفة. وقبل أيام قليلة أعلن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عن تأسيس حزبه الجديد مصر القوية وأعلن الشيخ حازم أبو إسماعيل هو الآخر عن سعيه لتأسيس حزب جديد, وصفه بأنه سوف يكون بداية لصحوة إسلامية كبري, وبديلا عن غفلة سياسية تعاني منها جميع القوي السياسية في مصر, وقد بدا الشيخ المثير للجدل محقا هذه المرة في توصيفه,وإن كان قاسيا,فما قاله لم يكن فحسب عنوان الحقيقة,وإنما كشف لحرج عميق, سعي كثيرون لإخفائه لأكثر من ثلاثين عاما, حتي تقيح الجرح وضربته الغرغرينا,وصار لزاما بتره, لينصلح حال المسرح السياسي وينضبط المشهد. غير أن المرء يحار كثيرا عندما يصدر هذا الكلام الأخير, وهو صحيح علي إطلاقه, عن رجل لم يعرف عنه احترافه للعمل السياسي في التنظيمات التي يحلو له تسميتها ب العلمانية بقدر احترافه علي مدار سنوات طويلة للعمل الدعوي ويحار أكثر في فهم هذا التلكؤ المريب لقوي سياسية معتبرة, ولها ثقلها النسبي في الشارع المصري, في تنظيم صفوفها وجمع شتات منتسبيها الذين فرقتهم سياسات النظام السابق, وسيطرته الناعمة والمكشوفة عبر أجهزة أمنه المختلفة, علي مراكز صناعة القرار في معظم إن لم يكن جميع الأحزاب التقليدية, تلك التي خرجت باستثناءات قليلة جدا. من بطن النظام,منذ إعلان الرئيس السادات في العام1976, بدء العمل بنظام التعددية الحزبية. لقد ظلت تلك القوي علي مدار أكثر من ثلاثة عقود, هشة في بنائها التنظيمي, مقيدة بترسانة من القوانين التي غلت يدها بصورة قاطعة, بل حظرت عليها أي تواصل حقيقي مع جماهيرها في الشارع المصري, حتي عندما قامت الثورة, ظل كثير منها مترددا في المشاركة, أو علي الأقل غير مصدق أن هذا الشعب العظيم, قادر علي تنظيم صفوفه والانتفاض من أجل مصالحه, دون حاجة لمساعدة من أحد. المؤكد أن ثورة يناير كنست في طريقها, وربما وضعت في السلة ذاتها التي ذهب اليها النظام السابق, كل أحزابنا القديمة والعديد من ذيولها التي ظهرت سريعا بعد الثورة بما تحمله هذه الأحزاب من جماهيرية زائفة وتنظيمات وأفكار جامدة, وقد صار الرهان اليوم علي تلك القوي الجديدة الصاعدة, القادمة من قلب ميادين الحرية, متطهرة من دنس الماضي, وحالمة بمستقبل يبعث علي الأمل والثقة, فقط لأنها ببساطة شديدة سوف تكون قادرة علي تحقيقه. [email protected]