النظام السابق حول مصر إلي دولة بوليسية تحكمها الداخلية وحبيب العادلي وضع كل إمكانات الوزارة في خدمة ملف التوريث بهذه الكلمات بدأ اللواء فؤاد علام الخبير الأمني حواره مع الأهرام المسائي رافضا كلمة تطهير الشرطة.. ومؤكدا أن إعادة هيكلة وزارة الداخلية منصوص عليه في قانونها والحديث عن تشريع جديد يعيد تنظيمها هراء, ويصدر عن أشخاص لا يعلمون شيئا عن القانون, واتفق علي وجود تراجع أمني. وطالب باستبعاد بعض الإدارات التي تثقل كاهل الوزارة, وأشار إلي أن جهاز الأمن الوطني تنحصر مهمته في جمع المعلومات فقط, وإقحامه في الأمور السياسية في الفترة السابقة كان وبالا عليه وحذر علام من استمرار عمليات تهريب السلاح لتأثيرها المباشر علي زيادة معدلات الجريمة, وأكد انحسار ظاهرة الانفلات الأمني مع استمرار جهود الداخلية في إعادة الأمن في الشارع المصري. وإلي تفاصيل الحوار. * كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول ضرورة إعادة هيكلة الشرطة وتطهيرها من العناصر الفاسدة باستبعاد بعض القيادات المتورطة في أعمال عنف أو المتواطئة مع الثورة المضادة.. حتي وصل الأمر إلي إصدار لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس الشعب توصيات بذلك.. فما رأيك فيما يثار؟ ** بداية.. أنا أرفض كلمة تطهير لأن رجال الشرطة جميعهم شرفاء وليس بينهم فاسد وإن كان البعض قد ارتكب أخطاء في الفترة الماضية, فيجب أن يكون العقاب علي قدر الخطأ.. وفي هذا الصدد أطالب كل من يملك دليل إدانة ضد أحد رجال الشرطة أن يتقدم به لجهات التحقيق حتي ينال عقابه ب القانون!.. أما فيما يتعلق بإعادة الهيكلة, فأعتقد أن كل من يتحدث في هذا الأمر يجهل قوانين الداخلية جيدا ولم يقرأها, لسبب بسيط جدا وهو أن قانون الداخلية ينص علي إعادة توزيع هيكل جهاز الشرطة بما يكفل تحقيق أفضل خدمة وأرقي أداء للجمهور.. وبالتالي فعلي من يطالب بإعادة الهيكلة أن يعرض رؤيته علي رجال الشرطة أولا قبل اتخاذ أي خطوة في هذا الشأن, حتي يتم الاتفاق علي شكل الهيكلة الجديد. * إذن أنت تؤيد أن الشرطة بحاجة إلي إعادة هيكلة لتتناسب مع مرحلة مصر الجديدة بعد الثورة؟ ** قطعا, لابد من إعادة تنظيم عمل الداخلية بشكل عام, فهناك إدارات مثل الجوازات والمرور والأحوال المدنية وتنظيم شئون الحج, لابد وأن يتم إسنادها لوزارات وهيئات اخري بدلا من الداخلية حتي نرفع عن كاهل الأمن اعباء هو في غني عن تحملها. * ولكن المقصود من إعادة الهيكلة وفق وجهات النظر المطالبة بذلك هو إخراج بعض العناصر إلي المعاش ونقل البعض الآخر والاستعانة بخريجي الحقوق والتربية الرياضية والخدمة الاجتماعية للعمل بالشرطة, وتقليل أعداد قوات الأمن المركزي, إلي جانب اختيارهم من بين المتعلمين؟ ** في رأيي أن الاستغناء عن كبار القيادات في هذا الوقت خطأ كبير لأن الحالة الأمنية حاليا تحتاج إلي خبراتهم, وليس لدي مانع أبدا.. بل استطيع أن اؤكد لك انني أول من طالبت بالاستعانة بخريجي الحقوق للعمل كضباط شرطة, بعد تأهيلهم لمدة عام واحد فقط, لأن هذا الأمر سيوفر ملايين الجنيهات لخزانة الدولة. * كيف؟ ** لأن طالب الشرطة يكلف خزانة الدولة(100) ألف جنيه علي إعداده لمدة أربع سنوات حتي التخرج, فإذا ماتمت الاستعانة بخريجي الحقوق وهم دارسون للقانون, وبالتالي سيتم إعداده في عام واحد فقط, مما يوفر(80%) من تكلفة إعداد ضابط الشرطة. أما خريجو التربية الرياضية والخدمة الاجتماعية فيتم تدريبهم للاستعانة بهم كأفراد أمن مع ترقيتهم لرتب أعلي في حالة اثبات كفاءتهم. * ومشكلة الأمن المركزي؟ ** البعض يتعامل مع هذا الملف دون دراية أو علم.. وحقيقة الأمر أن عدد جنود الأمن المركزي لا يتجاوز ال(119) ألف جندي فقط.. ولكن المشكلة أنهم فرز رابع والفرد منهم يكلف الدولة شهريا أكثر من ألف جنيه لذلك أنا أطالب بالاستعاضة عن(100) ألف منهم بخريجي الجامعات وتعيينهم كمتطوعين براتب ألف جنيه ونكون بذلك ضربنا عصفورين بحجر واحد. فمن ناحية رفعنا مستوي أفراد الأمن ومن ناحية ساهمنا في حل مشكلة البطالة * وماذا عن جهاز الأمن الوطني وتجاوزاته وكيف تتم اعادة تنظيمه؟ ** الأمن الوطني في الأصل جهاز لجمع المعلومات فقط... وماتردد عن تحديد اختصاصاته ليس بجديد... ولكن سببه أن وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي حاد به عن اختصاصه وأقحمه في أمور لا علاقة له بها لخدمة ملف التوريث وهو ما زاد من حالة الاحتقان ضد الشرطة. * ولكن تجاوزات جهاز أمن الدولة المنحل زادت منذ تطبيق قانون الطواريء عقب مقتل الرئيس الراحل أنور السادات عام1981, أي قبل تولي العادلي مسئولية الوزارة وهو ما انعكس سلبا علي ثقافة رجال الشرطة بشكل عام؟ ** النظام السابق حول مصر إلي دولة بوليسية تديرها أجهزة الأمن بمعني أن كل مشكلات الوزارات الأخري سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية, كان يتصدي لها الأمن وهو خطأ لا يغتفر وقع فيه حبيب العادلي الذي قبل بهذا الوضع السييء والذي كان من نتيجته حالة الكراهية الشديدة التي يكنها أفراد الشعب لقوات الشرطة.. فمثلا مشكلات العمال في مصانع غزل المحلة وكفر الدوار وغيرها كان يتم التعامل معها عن طريق الحل الأمني, رغم أنها اقتصادية واجتماعية, فهم عمال يبحثون عن حقوقهم المادية, فكيف أتعامل معهم بعصي الأمن, وكذا بعض مشكلات الشباب وتوفير رغيف الخبز واسطوانات الغاز وانقطاع مياه الشرب, كلها مشكلات اجتماعية, حلها عند الوزارات المعنية وأجهزة الحكم المحلي, وليس الأمن. * هل هذه أسباب كافية لانتاج حالة الانفلات الأمني التي يعاني منها الشارع المصري حاليا.. أم أن هناك تراخيا في تعامل رجال الشرطة مع هذا الانفلات؟ ** الانفلات الأمني أسبابه كثيرة ومتعددة, فهو لا يرجع للقصور الأمني فقط, ولكن هناك أسبابا اقتصادية واجتماعية وسياسية كلها تجمعت لتسبب هذا الانفلات.. أضف إلي ذلك حالة الانكسار التي أصابت رجال الشرطة بعد الأحداث التي تعرضوا لها أثناء الثورة... وخوفهم من التعرض للمحاكمة في حالة إذا ما تصدوا لأي انفلات كباقي زملائهم الذين يحاكمون الآن. * فما المطلوب عمله حتي نعيد الثقة لضابط الشرطة؟ ** ان تنتهي المحاكمات الحالية بأقصي سرعة وأن تتم تبرئة من لم يرتكب أي جرم منهم, وثبت بالدليل القاطع انه في حالة دفاع شرعي عن النفس... بالإضافة إلي ضرورة صياغة تشريعات جديدة تحمي رجال الشرطة في حالة تعاملهم مع البلطجية والخارجين علي القانون بالسلاح وهذا هو الدور الحقيقي للبرلمان. علاوة علي ضرورة الاستعانة بالأجهزة الحديثة من كاميرات تصوير وأشعة فوق الحمراء للكشف عن الأسلحة أثناء تنفيذ الحملات الأمنية المكبرة لتكون دليلا علي براءة افراد الأمن عند المساءلة. * ماذا عن السلاح وارتباطه بارتفاع معدلات الجريمة واستحداث أنواع جديدة من الجرائم لم تكن مألوفة في المجتمع المصري؟ ** لا توجد إحصاءات رسمية تؤكد ارتفاع معدلات الجريمة في الفترة الحالية, ولكن هناك جرائم زادت معدلاتها بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة كجرائم السطو المسلح وسرقة السيارات والخطف وطلب فدية والسرقة بالاكراه تحت تهديد السلاح اللافت في هذه النوعية من الجرائم أن جميعها يستخدم فيه السلاح بشكل كبير, في المقابل, انخفضت معدلات جرائم أخري كانت منتشرة إلي وقت قريب كجرائم الاغتصاب وسرقة المنازل والنشل, وذلك نتيجة انتشار السلاح بشكل غير مسبوق وسط أنماط متعددة من المجرمين نتيجة عدم ضبط الحدود المصرية فهناك كميات كبيرة من الاسلحة دخلت مصر عن طرق ليبيا عقب استيلاء الأهالي علي مخازن السلاح هناك خلال أحداث الثورة اللليبية, بالإضافة إلي ما يتم تهريبه من سلاح عن طريق الحدود المصرية السودانية عبر الدروب الصحراوية وأهمها وادي الجمال.. علاوة علي ما يتم تهريبه عن طريق غزة عبر الانفاق. * إذن الوضع الأمني الحالي سيستمر لفترة كبيرة مقبلة؟ ** لا.. لن يستمر لأن هناك جهودا كبيرة يبذلها رجال الشرطة حاليا فقد نجحوا حتي الآن في ضبط عدد هائل من الأسلحة المتنوعة والقبض علي عدد كبير من العناصر الإجرامية, ومع ضبط الحدود ومنع تدفق السلاح علي الخارجين عن القانون ستختفي حالة الانفلات الأمني وسيعود الأمن للشارع المصري.