أكد الدكتور اللواء طارق خضر رئيس قسم القانون وعضو مجلس إدارة أكاديمية الشرطة أن هناك لجانا واجتماعات بالأكاديمية لتحديد المناهج المطلوب تعديلها لمواجهة المتغيرات الأمنية بعد ثورة25 يناير, وخاصة مواد إدارة الأزمات الأمنية والتنبؤ الأمني وحقوق الإنسان والعمليات الشرطية. وقال إن تعديل المناهج بالأكاديمية هدفه زيادة مهارات رجال الشرطة للتعامل مع حالة الانفلات الأمني مع احترام حقوق الإنسان. وقال في حواره للأهرام المسائي انه مطلوب تغيير الخطط الأمنية الاستراتيجية لمواجهة الانفلات الأمني وذلك بتأمين دور العبادة والمحاكم وأقسام الشرطة والسفارات وطالب بضرورة انشاء إدارة مستقلة لتأمين المؤتمرات والمباريات حتي لا نفرغ أقسام الشرطة من أكثر من نصف طاقتها فيقوم البلطجية باقتحامها كما حدث في قسم الساحل. ولفت إلي أن هناك أكثر من7 آلاف سجين هربوا من السجون, اضافة إلي الآلاف من قطع الأسلحة التي لاتزال تهدد أمننا. وقال إن إصلاح جهاز الشرطة من الداخل يبدأ بالمساواة بين الضباط وإلغاء المد بعد بلوغ سن المعاش وأن يكون التقييم موضوعيا بعيدا عن الأهواء الشخصية. وأشار إلي أن مراجعة ملف سيناء الأمني لن تتم إلا بمساعدة شيوخ القبائل والمصالحة بينهم والشرطة: فإلي نص الحوار: ** ما هي رؤيتك للحالة الأمنية؟ * لاشك أن غياب الأمن وافتقاد الأمان أصبح الهم الأكبر الذي يؤرق الشعب المصري. كما أن أحداث العنف الطائفي الأخيرة واقتحام أقسام الشرطة وتهريب المسجونين يعد أمرا خارجا عن المألوف, ومن ثم فالشرطة يجب أن تعود إلي الشارع المصري باستراتيجية جديدة قائمة علي تنفيذ القانون في إطار احترام حقوق الإنسان وحرياته وفي ظل تعاون كامل بين الشرطة والشعب. ** وماذا تعني هذه الاستراتيجية الأمنية؟ * المقصود بها النزول إلي الشارع بخطط مختلفة حسب المتغيرات التي حدثت بعد ثورة25 يناير أي أن هذه الخطط ليست أبدية, وإنما قابلة للتغيير والتبديل, وبمعني أكثر تفصيلا يجب اتخاذ إجراءات سريعة تأمينية وتنفيذية وإصلاح البيت من الداخل أي إصلاح جهاز الشرطة. ** كيف تكون الخطة التأمينية في الوقت الجاري؟ * تجب إعادة النظر سريعا في خطط تأمين الكنائس والمساجد وتأمين الاستادات والملاعب الرياضية حتي لا يتكرر ما حدث في استاد القاهرة في مباراة الزمالك والافريقي التونسي مما كان له أوخم العواقب لرسمه صورة سيئة عن الشعب المصري أمام العالم بأسره. وأيضا لابد من اعادة النظر في تأمين المحاكم وحسنا فعلت القوات المسلحة بإمدادها وزارة الداخلية ب50 ألف مجند دعما لوزارة الداخلية. أيضا مطلوب إعادة تأمين سيارات الترحيلات أثناء ترحيل المسجونين للعرض علي النيابة أو الجهات المعنية. أما عن سيناء فالأمر يلزم ضرورة المراجعة الأمنية الكاملة لملف سيناء من خلال استقطاب شيوخ القبائل ووضع خطط أمنية باعتبارهم جزءا أصيلا من الشعب المصري وليس طابورا خامسا كما كان النظام السابق يعتبرهم. ومن هنا يجب استخدام ضابط الشرطة لما يعرف بالتنبؤ الأمني. أي أن نعمل بأسلوب الفعل وليس رد الفعل وبالمبادرة بدلا من المواجهة وعلي سبيل المثال يجب إعادة النظر في الفترة الحالية في تأمين السفارات والقنصليات خاصة السفارة الأمريكية بعد مقتل أسامة بن لادن الذي أثار استياء قويا خارج وداخل مصر وقد تخطط لاستهداف المصالح الأمريكية في أي دولة ولا سيما مصر في ظل الظروف الحالية لذلك يجب وضع سيناريو معين لمثل هذا الأمر واتخاذ الاحتياطات اللازمة قبل أن يحدث أي اعتداء علي هذه المنشآت. ** وهل هناك إجراءات أخري للتنبؤ بالانفلات الأمني؟ * هناك أجراءات أهمها ضرورة القيام بحملات تفتيشية علي جميع البؤر الإجرامية في محافظات مصر للقبض علي الفارين من السجون والذين لم يتم القبض عليهم وبلغ عددهم7 آلاف سجين خارج السجون من جملة23 ألف سجين فروا عقب اقتحام السجون, فضلا عن ضرورة ضبط الاسلحة التي هربت من السجون نتيجة الانفلات الأمني. ومن الضروري أن تتخذ الداخلية قرارا بإنشاء إدارة مستقلة للتشريفات تختص بتأمين المؤتمرات والمباريات والمناسبات المختلفة, حتي لا نفرغ أقسام ومراكز الشرطة أكثر من نصف قوتها فيصبح محلا لحدوث أي اعتداء عليه من هؤلاء الخارجين عن القانون. إلي جانب ذلك يجب تكثيف القوات الشرطية والإدارة العامة للمرور حملاتها علي الطرق السريعة, لأنها أصبحت مرتعا خصبا لأعمال السلب والنهب. ** هل هناك فلول من جهاز أمن الدولة المنحل متورطة في اشاعة الانفلات الأمني والفوضي؟ * لم يثبت من التحقيقات حتي الآن ما يؤكد هذا الأمر بل ثبت أن فلول الحزب الوطني والفاسدين هم من أجروا البلطجية لإشاعة الفوضي وتكدير الأمن العام. ** هل هناك تراخ من قبل أفراد الشرطة في مواجهة البلطجة والانفلات الأمني؟ * هذا الأمر سببه أن الشرطة تخشي تنفيذ القانون بسبب ما حدث من الوزير الأسبق وبعض معاونيه وتسببوا في حالة الانفلات الأمني خلال الثورة بسبب التصادم مع المتظاهرين فحدث نوع من عدم التوازن النفسي لدي الشرطة في انقاذها وتطبيقها للقانون. ولكن يلزم أن يقف الأمر عند هذا الحد وينفذ القانون بوضوح علي من يخالفه لتحقيق الردع لكل من تسول له نفسه ارتكاب جريمة. ومن هنا أدعو جميع رجال الشرطة لتنفيذ القانون لأن الشعب بعد أحداث الانفلات الأمني في السجون والمحاكم والكنائس سيقف مع الشرطة قلبا وقالبا. ** وهل أفراد الشرطة لديهم الرغبة في أداء دورهم رغم حالة عدم الاتزان النفسي؟ * أن الأمر سوف يتحسن فترة بعد أخري. فهل يمكن لنا أن نقارن بين الشرطة في الشارع المصري الان مع ما حدث في أعقاب الثورة. فقد كان وجود الشرطة وقتها( صفرا%) أما الآن فقد وصل إلي نسبة90% أي انه في حالة تحسن. ** هل تعتقد أن هناك شعورا بالانتقام من أفراد الشرطة نتيجة حرمان الثورة لهم من مكتسبات كانوا يحصلون عليها في عهد حبيب العادلي؟ * هذا الأمر حدث لكن مع قلة من افراد الشرطة وليس جميعهم بسبب أنهم حصلوا علي وعود بزيادة مرتباتهم بنسبة100% في عهد وزير الداخلية السابق محمود وجدي وهذا كان قرارا غير مدروس لانه يحمل الدولة أعباء إضافية في وقت أزمة وبالتالي عندما حصلوا علي الزيادة بنسبة أقل مما تم وعدهم به تجمهروا أمام وزارة الداخلية وهددوا بالاضراب وغيره إلا أن هذه المشكلة ثم حلها مؤخرا فانخرط معظم الأفراد في العمل. ** لماذا يشعر المواطن باختفاء أفراد الشرطة عند اندلاع أي أحداث انفلات أمني في الشارع؟ * هذا هو أساس الإشكالية في الانفلات الأمني أن هناك افتقاد للتوازن النفسي لدي بعض الافراد بالشرطة ومن ثم يلزم وبشدة توقيع العقوبات علي مثيري الشغب, وتتم محاكمتهم سريعا وبعقوبات مشددة وإعلانها في جميع وسائل الإعلام لتطبيق الردع. ** كيف نغير الشرطة بعد الفساد الذي كرسه حبيب العادلي داخل الوزارة بهيئاتها المختلفة؟ * من خلال تقييم الضباط والأفراد تقييما موضوعيا قائما علي حسن السمعة والنزاهة وليس علي العلاقات الشخصية إلي جانب المساواة بين الجميع خاصة في الإحالة لسن المعاش وإلغاء قرار حبيب العادلي وأحمد نظيف بجواز المد بعد سن الستين لأي من رجال الشرطة, فقد جعل هذا القرار أصغر الاعضاء سنا في المجلس الأعلي للشرطة فوق الستين وهذا غير معقول فهل يتصور ان يكون رئيس المجلس الأعلي للشرطة والذي أحيل إلي المعاش في مارس الماضي يبلغ67 سنة. واعتقد ان اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية كان واضحا عندما أكد أنه لا مد في الخدمة بعد الستين, وهذا أمر محمود ويحسب له لأن المد يجعل الكوارد الشرطية مصابة بحالة من الإحباط المهني بل وأدي للرسوب الوظيفي في الرتب أي أن العقيد يظل في رتبته8 أو9 سنوات نتيجة المد فوق الستين للواءات, وهكذا مع باقي الرتب. * وكيف تري إذن إصلاح جهاز الشرطة من الداخل؟ ** أولا يجب رفع الروح المعنوية لجميع ضباط وأفراد الشرطة حيث أن العمل الموكل إليهم في هذه الفترة الحرجة صعب للغاية إلي جانب المساواة في المرتبات والحوافز أيا كان موقعهم في العمل بمعني أن الضابط في أي مديرية أمن يلزم ان يتقاضي راتبا مساويا لمن يعمل في إحدي الإدارات العامة بالشرطة لأن الفارق بينهما شاسع مما يجعل هناك حالة من الإحباط والتمييز بين الضباط. * ماذا عن إعادة هيكلة جهاز الأمن الوطني وهل سيظل بنفس قوته؟ ** هناك حالة إحلال حدثت داخل الجهاز بدأت بإلغاء جهاز أمن الدولة وتم نقل75% من اللواءات والعاملين بالجهاز إلي جهات أخري وحوالي60% من العمداء إلي جهات أخري ويتم حاليا اختيار قيادات جديدة بمعايير دقيقة من رتبة نقيب إلي عقيد, ومطلوب في هذا الاختيار أن يكون طبقا لتقارير سرية بتقدير امتياز لآخر5 سنوات في خدمة كل ضابط ويفضل أن يكون حاصلا علي مؤهلات علمية ويجيد إحدي اللغات الأجنبية وطبقا لهذه الرؤية فإنه من خلال التنمية البشرية أشعر شخصيا بأنني متفائل من أداء هذا الجهاز في المستقبل إذا ما نفذت الخطط الاستراتيجية في إطار حقوق الإنسان وحرياته. ** كيف يمكن الاهتمام بالأجيال الجديدة من الخريجين والدارسين بأكاديمية الشرطة؟ ** الأمر المهم في هذا الشأن بالنسبة لأبناء مصر جميعا تغيير منظومة التعليم في المدارس والجامعات وبالطبع أكاديمية الشرطة, فهي ليست بمنأي عن الأخطاء التعليمية التي أصابت منظومة التعليم المصري. بمعني انه يجب ان يتم تعديل الاختبارات التأهيلية للطلبة الحاصلين علي الثانوية العامة والمتقدمين للالتحاق بالكلية, أو الحاصلين علي مؤهلات عليا والراغبين في الالتحاق بقسم الضابط المتخصصين, خاصة اختبارات القدرات المبدئية لتتضمن أسئلة تظهر مدي استيعاب الطالب للمتغيرات التي حدثت بعد الثورة وقدرته علي استيعابها ومعرفته بحقوق الإنسان. * هل ستحدث تعديلات في مناهج أكاديمية الشرطة؟ ** بالفعل هناك اجتماعات مستمرة بهذا الصدد, لإعادة النظر في المناهج الخاصة بها وتطوير مناهج العلوم الشرطية وإدارة الأزمات ويجب زيادة التدريب العملي لطلبة الكلية علي مهارات الدفاع عن النفس والعمليات الشرطية مثل الاقتحام والكمائن, إلي جانب استخدام التقنيات الحديثة وهو ما يقوم رئيس الاكاديمية الحالي بتشكيل لجان بشأنه. * وما هي المواد التي سيتم تعديلها؟ ** مواد إدارة الأزمات الأمنية والتنبؤ الأمني ومواد العمليات الشرطية وحقوق الإنسان لكي تتفق مع المستجدات الأمنية بعد الثورة. * كيف يتم القضاء علي الرشوة للالتحاق بالأكاديمية وهو ما عرف في فترة النظام السابق؟ ** لا شك أن وزارة الداخلية صراحة كانت ومازالت بالمرصاد لمصر تقدم فيه شكاوي في هذا الشأن وكانت الوزارة تحيله إلي المساءلة التأديبية. ** هل تتغير قواعد القبول بالشرطة لأقارب المتهمين في قضايا سياسية؟ * كان جهاز أمن الدولة السابق يتوسع في مفهوم العقوبات لمن صدرت بشأنهم أحكام في قضايا سياسية ولم يكن يصل إلي درجة القرابة من الدرجتين الأولي أو الثانية بل توسع إلي ابعد من ذلك. وبالتالي يتوجب في ظل المنظومة الأمنية المستهدفة احترام حقوق الإنسان ويجب عدم الإغراق في هذا التوسع وقياس كل حكم بمضمونه ومدي صلة من صدر بشأنه بالطالب المتقدم واعتقد أن هذا الأمر سوف يوضع في الحسبان عند اجراء التحريات عن المتقدمين وأن تكون التحريات بأدلة مقننة بأحكام قضائية, وليس مجرد اتهامات أو شبهات. ** ما مدي امكانية تدعيم جهاز الشرطة بمدنيين مثل لجان الدفاع الشعبي وغيرها؟ * دعم الشرطة من الشعب يجب أن يكون في مساعدتهم بالإبلاغ عن أي حادث أو هاربين أو خارجين عن القانون فقط. ** وما رأيك في امكانية تولي وزارة الداخلية وزير مدني كما كان قبل ثورة1952 ؟ * من وجهة نظري أن هذا المنصب الاحق به الأكثر دراية بما يحدث داخل وزارة الداخلية وتبعات عملها ومشاكلها وإمكاناتها, وبالتالي من الأفضل أن يكون وزير الداخلية من أبناء الشرطة.