فلا يكاد يمر يوم منذ مجيء حكومة الدكتور كمال الجنزوري, ووزير الداخلية الجديد اللواء محمد إبراهيم إلا وتتناقل الصحف وشاشات التليفزيون, أخبارا عن ضبط تشكيلات عصابيه. وتنفيذ حملات أمنية, لمطاردة البلطجية, والخارجين علي القانون,أخيرا, بدأ التعامل الجدي من قبل وزارة الداخلية مع حالة الانفلات الأمني, والبلطجة في الشارع المصري. فلا يكاد يمر يوم منذ مجيء حكومة الدكتور كمال الجنزوري, ووزير الداخلية الجديد اللواء محمد إبراهيم إلا وتتناقل الصحف وشاشات التليفزيون, أخبارا عن ضبط تشكيلات عصابية, وتنفيذ حملات أمنية, لمطاردة البلطجية, والخارجين علي القانون, بل إن الوزير يشرف بنفسه علي حملات شرطية لإعادة الانضباط إلي الشارع, والتعامل مع الباعة الجائلين الذين اقتربوا من التهام ميادين عدة, ومعظم أرصفة الشوارع بل الشوارع نفسها. والأهم من تناقل تلك الأخبار هو شعور المواطن في الشارع بالوجود الكثيف للشرطة في الشارع, الأمر الذي من شأنه أن يعيد بعضا من حالة الإحساس بالأمن الذي افتقده المصريون في أعقاب ثورة يناير. وفي تقديري- وحتي لا يتوقف دوران عجلة الأمن مرة أخري- فإنه يلزم اتخاذ عدة خطوات منها: أولا: أن يتفاعل المواطن مع تلك العملية, ويشارك فيها سواء بالإبلاغ عن حالات البلطجة, أو عن حاملي الأسلحة, أو من خلال بناء جسور التواصل مع أفراد الشرطة, لتشجيعهم علي مواصلة العمل, خاصة أن عملهم يكلفهم الكثير والذي قد يصل إلي حد التضحية بالنفس, علي نحو ما حدث بالدقهلية منذ أيام. ثانيا: تعاون كامل من قبل وسائل الإعلام التي أري أن عليها من اليوم أن تكف عن النبش في ماضي الشرطة, وتنظر إلي ما يحدث علي الأرض الآن, وإلي ما يمكن أن يقدمه الجميع لتفعيل عمل الشرطة, ولا يعني ذلك مطلقا الكف عن النقد ولكن يعني ضرورة أن يكون النقد بناء يستهدف مساعدة الشرطة, لا تعميق الفجوة بينها وبين المواطنين. بعبارة أخري ليت الإعلام يركز الآن علي إيجابيات الشرطة, وعلي ما تبذله من جهود لاستعادة الأمن, فالشرطة مهما تبذل من جهود فلن تنجح دون مساندة من الشعب والإعلام. كما أن ذلك لا يعني التوقف عن كشف حالات الفساد, والإفساد التي استشرت بأجهزة الشرطة قبل الثورة وبعدها, بل لا بد من محاسبة من يثبت تورطه في أي حالة فساد أو إفساد, وتقديمه إلي العدالة. ثالثا: أن تبرهن الشرطة لنا, ولنفسها أن ما يحدث ليس مؤقتا بل هو نابع من رغبة حقيقية وإستراتيجية محكمة لاستعادة الأمن. إن فتور عزيمة الشرطة إن حدث بعد تلك البداية القوية سيحمل رسالة سلبية إلي الشعب مفادها أن الشرطة غير قادرة وربما غير راغبة في استعادة الأمن, والأهم أنه سيجعل محاولات العودة مرة أخري معقدا مصعبا, فالفشل سيزيد اتساع فجوة عدم الثقة بين الشرطة والشعب. وإذا كنا اليوم نحتفل ببداية العودة الحقيقية للشرطة, فإننا نصبو إلي اليوم الذي لا نكتب فيه عن الأمن ولا نجد ما ننشره من حوادث هي في مجملها غريبة عن المجتمع المصري, وما كان لها أن تقع في مصر لولا حالة الانفلات الأمني الناتج عن غياب الشرطة. وإذا كانت الشرطة قد عادت لتكون في خدمة الشعب, فعلي الشعب هو الآخر أن يحسن معاملة الشرطة مادامت تتفاني في عملها في إطار الالتزام بالقانون, وعلي المجتمع أن يراقب ويتوعد كل من يحاول من اليوم عرقلة دوران عجلة الأمن, التي يتوقف علي دورانها, دوران عجلة الإنتاج, ومن ثم عجلة الحياة الطبيعية في مصر المحروسة. [email protected]