بداية أود أن أشكر السادة القراء علي استجاباتهم الكريمة وتعليقاتهم المشجعة علي مقالاتي في الأسابيع الماضية والشكر موصول أيضا للأهرام المسائي ورئيس تحريره المستنير الأستاذ علاء ثابت لإفساح هذه المساحة لإطلالتنا الأسبوعية, وفي الأسبوع الماضي عرضت لدور الرئيس القادم في تحقيق الشفافية ومحاربة الفساد لأن هذا من المعايير المهمة للحكم الرشيد, وطبقا لوثائق البرنامج الانمائي للأمم المتحدة توجد أربعة معايير تتكامل معا من أجل حكم رشيد هي الشفافية ومحاربة الفساد, والمساءلة, والمشاركة ثم الاستجابة لاحتياجات المواطنين. ويمكن القول بان المعايير الثلاثة الاولي تخدم قيمة حسن الاستجابة وتساعد علي تحقيقها, بمعني أن الشفافية ومحاربة الفساد والمساءلة توفر موارد ضخمة من الناتج القومي الإجمالي, وعن طريق المشاركة يمكن معرفة احتياجات المواطنين وأولوياتهم وبالتالي تستخدم الموارد التي تم انقاذها من براثن الفساد للاتفاق علي احتياجات وتوقعات المواطنين وبذلك تتحقق الاستجابة. والاستجابة كأحد معايير الحكم الرشيد تعني قدرة السلطات الحاكمة علي استقراء وتوقع حاجات المواطنين وأولوياتهم في مختلف نواحي الحياة والعمل علي تلبيتها طبقا لخطط عمل وبرامج زمنية بما يحقق مستويات مقبولة من رضاء المواطنين, وبما يحقق التوزيع العادل لعوائد التنمية. وتأسيسا علي ذلك فإن علي الرئيس القادم أن يوجه كل أجهزة ومؤسسات الدولة بأن تعمل في إطار مصالح الأفراد مع الأخذ في الاعتبار أولوياتهم واحتياجاتهم. وأن يراقب أداء هذه الأجهزة والمؤسسات ويقيم مدي استجابتها لاحتياجات المجتمع, وتحديدا فلكي يفي الحاكم بمعيار حسن الاستجابة فإنني اقترح الآلية التالية والتي تعين رئيس الجمهورية القادم علي تحديد احتياجات المواطنين وتوقعاتهم: رصد احتياجات المواطنين ورغباتهم وأولوياتهم الحالية والتنبؤ بها في المستقبل. ترجمة تلك الاحتياجات والتوقعات الي مشروعات وبرامج للمرافق والخدمات المجتمعية. وضع الخطط طويلة الأجل وقصيرة الأجل طبقا لهذه المشروعات. تحديد الاعتمادات المالية لتمويل هذه الخطط والمشروعات بناء علي أولويات وفي ضوء الموارد المتاحة. تنفيذ المشروعات طبقا للخطط والموازنات المعتمدة لتلبية الاحتياجات المحلية للمحافظات والمناطق الجغرافية بما يحقق التوازن الاقليمي في مشروعات وعوائد التنمية. متابعة وتقويم تنفيذ الخطط والبرامج علي ضوء معدل الاستجابة لمطالب المجتمع واتخاذ ما يلزم من اجراءات تصحيحية وهذه الخطوات الاجرائية التي تشكل منظومة الاستجابة, تتطلب توافر مقومات محددة تعين الحاكم علي تنفيذ فكر وثقافة الاستجابة, ومن اهم هذه المقومات ما يلي: 1- نظام معلومات كفء: يتولي جمع وتحليل اتجاهات المواطنين وقياس رضاء الناس ومعدلات الاستجابة 2- منظومة اعلامية تتسم بالمسئولية والمهنية والموضوعية بما ينقل مطالب الناس وتوقعاتهم للحاكم وأجهزته 3-تبني ودعم ثقافة المساءلة حول مدي التزام الحكومة ومؤسساتها بالاستجابة للمواطنين. 4- التكامل والتنسيق بين مؤسسات الدولة بما يضمن اشباع احتياجات المواطنين وليس العمل بطريقة الجزر المنفصلة 5- قيام البرلمان بسن التشريعات المحققة لمطالب وطموحات المواطنين وكذلك مساءلة الحكومة عن التقصير في ذلك. 6- نظام متابعة وتقويم أداء المؤسسات في تنفيذ الخطط البرامج الخاصة بتلبية احتياجات المواطنين وتوقعاتهم. 7- نظام إدارة محلية فعال يتمتع بدرجة كبيرة من اللامركزية تقترب من الحكم المحلي للتعرف علي الاحتياجات المحلية للمواطنين في الأقاليم المختلفة ويعمل علي تلبيتها من خلال موازانات مستقلة. وهذه الآلية المقترحة ومقوماتها توفر للرئيس القادم إطارا مؤسسيا قائما علي فكر مستنير في الحكم الرشيد مدعوما بأدوات وآليات عملية من شأنها توجيه كل أجهزة ومؤسسات الدولة ومواردها نحو حل المشكلات المزمنة وتهيئة الدولة لانطلاقة عصرية تحقق لمصر مكانتها التي اهتزت جراء العهد الباند الذي لم يحسن الاستجابة لاحتياجات المواطنين, بل كرس الاستجابة لفئة محدودة من زبانيته وأهل الثقة من الافاقين والمنتفعين من الوزراء واعضاء الحزب الوطني والقيادات المحلية الفاسدة ورجال الأعمال الذين عملوا علي تكريس الزواج الباطل بين السلطة ورأس المال مع مجموعة من الاعلاميين والنقابيين ورؤساء الجامعات وهذا الواقع المرير والظالم قد انحاز لهذه القلة من المرتزقة علي حساب الشعب في غياب شبه تام للمساءلة الحقة حيث ان كل ادوات واجهزة المساءلة تم تسييسها واستئناسها لمصلحة النظام الذي افقد مصر كرامتها الوطنية ومكانتها الاقليمية والدولية وذلك نتيجة التعامل الفوقي والنظرة الدونية للكادحين الذين نظر اليهم علي انهم كم مهمل في معادلة النظام الاستبدادي الذي لم يرع الله في أمور رعيته وأهمها الاستجابة لاحتياجات الشعب وتحقيق تطلعاته المشروعة في حياة كريمة والخلاصة أن علي رئيس مصر القادم ان يلتزم بحسن الاستجابة لمطالب المواطنين سواء من انتخبوه او لم ينتخبوه وان يضع اولويات لتحقيق المطالب وحل المشكلات طبقا لمعياري العجلة أي الامور والمشاكل الملتهبة والتي لا تحتمل أي تأجيل مثل الامن والبوتاجاز والمطالب الفئوية والبطالة ومعيار الاهمية أي تلك الامور التي تحدث تغييرا جوهريا ايجابيا في انطلاق مصر نحو عصر الرفاهية ومنها التعليم والصحة والاعلام والبحث العلمي والزراعة والصناعة والاستثمار, كان الله في عون رئيسنا القادم في الاستجابة لمطالب العباد ورفعة شأن هذه البلاد..