مع الشروع قريبا في صياغة دستور مصر الجديد يطيب لي في هذه المناسبة أن أشارك كمواطن مصري يحب وطنه وكأستاذ جامعي يسهم بفكره في التجربة الديمقراطية أن أقدم رؤية عسي ان تكون امام لجنة صياغة الدستور من اجل اهداء مصر وثيقة دستورية عصرية تليق بهذه الأمة الأبية وثورتها الفتية, وأبدأ بملاحظات سريعة ومقترحات موجزة وأهمها: التأكيد علي مدنية الدولة وتضمين المادة الثانية نصا مفاده ان غير المسلمين يحتكمون لشرائعهم وخاصة في الأحوال الشخصية, والباب الثاني في مجمله مقبول وهو يتناول المقومات الأساسية للمجتمع وكذلك الباب الثالث وهو عن الحريات والحقوق والواجبات العامة, والباب الخامس وهو عن نظام الحكم يحتاج لمراجعة فيما يتعلق بنظام الحكم وتحجيم سلطات رئيس الجمهورية واحداث توازن بينها وبين سلطات رئيس مجلس الوزراء وكذلك ينبغي مراجعة نظم الادارة المحلية بما يدعم اللامركزية الادارية والسياسية,وكذلك ماجاء عن مجلس الشوري في الباب السادس وهل يتم الغاؤه او دعم صلاحياته التشريعية والرقابية, وانا من المنادين بالغاء هذا المجلس لأن مصر حاليا لاتتحمل رفاهية مجلسين, ولعل القاريء الكريم قد لاحظ أنني قفزت علي الباب الرابع وهو يتعلق بسيادة القانون, و,هنا أقترح أن يكون موضوع هذا الباب هو سيادة القانون ومباديء الحكم الرشيد, حيث تمثل سيادة القانون أحد المعايير المهمة طبقا للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدةUNDP والذي اصدر تسعة معايير للحكم الرشيد, وأتطلع كمواطن مصري أن يتضمن دستور بلادي هذه المباديء وتكون خارطة طريق للرئيس القادم بل كمعايير تساعد المصريين في اختيار رئيسهم القادم, بعد أن عانينا سنوات طويلة من الحكم غير الرشيد والحكام الذين لا يراعون مسئوليتهم تجاه رعاياهم, وفيما يلي هذه المعاييرمع توضيح موجز لكل منها: 1 سيادة القانون: وتقوم علي التطبيق المتسق والمتجانس للقواعد القانونية مع تنظيم السلوك البشري وتدعيم الحقوق وحل المنازعات,وهذا المعيار للحكم الرشيد يتضمن ثلاثة مباديء مهمة هي: فرض قوة القانون والمعاملة المتساوية امام القانون والامتناع عن التنفيذ الجزئي للقانون أو الانتقائي. 2 المساءلة: وتعني خضوع الشخص شاغل الوظيفة العامة لتحمل نتائج تصرفاته وتقديم تبريرات مقبولة وتحمل تبعات أي تقصير أو فشل في الإخلال بمقتضيات وظيفته في اطار القانون ومعايير السلوك المقبولة اجتماعيا. 3حسن الاستجابة: وهي قدرة السلطات الحاكمة علي استقراء وتوقع حاجات المواطنين وأولوياتهم في مختلف نواحي الحياة والعمل علي تلبيتها طبقا لخطط وبرامج زمنية مدروسة بما يحقق مستويات مقبولة من رضاء المواطنين. 4 الشفافية ومحاربة الفساد: الافصاح عن أهداف الادارة العامة وبرامجها ومواردها وأنشطتها وكل أجهزتها والتأكيد علي ان جمهور المواطنين له الحق في أن يعلم كل الحقائق عن أداء الحكومة وسلوك الموظفين العموميين بالقدر الذي يمكنهم من مراقبة أداء السلطات العامة بما يحد من ممارسات الفساد وسلوك المفسدين. 5 المشاركة: الإسهام الفعلي للمواطنين في صنع السياسات واتخاذ القرارات المتعلقة بالصالح العام بطريق مباشر أو عن طريق ممثليهم, وتتم خلال إتاحة الفرصة للناس لكي يكون لهم دور فاعل في مقدرات وطنهم وذلك من خلال مجموعة من التدابير السياسية والتشريعية والادارية 6 العدالة والمساواة: ويختص هذا المعيار باحداث ظروف مجتمعية تسود فيه تكافؤ الفرص دون تمييز بين المواطنين, وتوفير معاملة عادلة وحصة تشاركية من عوائد المجتمع وليس تحقيق عدالة القانون فقط. 7 التوافق: ويعني تلاقي فئات المجتمع وقواه السياسية والمدنية علي قواسم مشتركة تتعلق بالمصالح العليا للبلاد وبالتالي يعمل الحاكم الرشيد علي التوفيق بين المصالح المختلفة للتوصل الي توافق واسع علي مايشكل أفضل مصلحة للجماعة. 8 الرؤية الاستراتيجية: وهي مطلب مهم لنجاح الحكم الرشيد من خلال نظرة لمصالح ومقدرات الوطن في الأجل الطويل وأن يتطلع الحاكم لمستقبل أفضل لوطنه ويترجم هذه التطلعات لمبادرات وطنية ومشروعات قومية تحقق عند تنفيذها تغييرا جوهريا في واقع المجتمع وسعادة أبنائه. 9 الفعالية: وهذا المعيار هو محصلة لتحقيق المعايير السابقة والتي تفرز وضعا مجتمعيا يمكن الحاكم من تعظيم الغايات الوطنية من خلال القرارات الصحيحة والاختيارات الصائبة التي تحمل كل مؤسسات واجهزة الدولة علي تقديم الخدمات والتسهيلات التي تشبع احتياجات المواطنين مع تحقيق أفضل استخدام للموارد البشرية والمالية. هذه هي رؤيتي التي تقوم اساسا علي تضمين الدستور الجديد بعض البنود الموجزة عن مباديء الحكم الرشيد مع سيادة القانون, كما أقترح أن ندرج بالقسم الذي يتلوه رئيس الجمهورية كلمات تعبر عن تعهده بالالتزام بتلك المباديء,وذلك علي النحو التالي: أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصا علي النظام الجمهوري, وأن احترم الدستور والقانون ومباديء الحاكم الرشيد, وأن أرعي مصالح الشعب رعاية كاملة, وأن أحافظ علي استقلال الوطن وسلامة أراضيه.