قبل يوم واحد من انطلاق الدورة التاريخية لبرلمان الثورة والذي تم اختيار أعضائه لأول مرة بإرادة شعبية حرة.. أجري الأهرام المسائي حوارا مع رئيس حزب النور الفائز بالمركز الثاني في أغلبية المقاعد. رغم ماناله الحزب من انتقادات وهجوم شرس من القوي الليبرالية حول أفكاره التي وصفت بالمتشددة والصدامية والتي أثارت ارتباكا في الواقع المصري لتعارضها, حيث هاجمته القوي الليبرالية واتهمته بأنه أول حزب يطبع مع اسرائيل وأكد الدكتور عماد عبد الغفور رئيس حزب النور السلفي ان صعود السلفيين أربك حسابات العالم بأسره وفاجأ المجتمع كله قائلا أول شئ يحكمنا هو مصلحة البلاد, مؤكدا تأييدهم لترابط كل التيارات السياسية الممثلة في البرلمان ورافضا التحالف مع فصيل بعينه. *بداية د. عماد كيف بدأت مفاوضات إقناع قيادات الدعوة السلفية بالتحول الي العمل السياسي وقبوله بعد تحريمه ورفضه؟ ** بعد سقوط النظام السابق بدأ التفكير في أن يكون للتيار السلفي وجود علي الساحة المصرية وبدأت المناقشات واللقاءات في هذا الأمر وكانت لديهم تخوفات من الدخول في العمل السياسي خوفا من حدوث أي انحراف عن العمل الدعوي في ظل عدم وجود كوادر وخبرات للعمل السياسي, وكان السؤال الذي يطرح نفسه دائما هو هل نبدأ العمل السياسي الآن في ظل الكثير من العوائق أم نبحث عمن يحترفون العمل السياسي ونقوم بدعمهم مثل جماعة الاخوان المسلمين؟ ودارت مناقشات كثيرة في هذا الأمر الي أن قمنا بتنظيم ورش عمل كنت أنا أحد الممثلين فيها وتم إجراء مناظرات واسعة ثم بدأنا بعلماء الاسكندرية وعلي رأسهم الشيخ محمد اسماعيل المقدم والدكتور ياسر برهامي وبدأنا نمر علي الكثير من العلماء وانتهي الامر الي اتخاذ قرار بإنشاء حزب سياسي * الصعود المفاجئ للتيار السلفي أربك الحسابات الداخلية والمجتمع الدولي؟ ** التيار السلفي أربك حسابات العالم بأسره وفاجأ المجتمع كله, لكن الهواجس والمخاوف التي ينشرها بغض المغرضين لا أساس لها من الصحة لأن أول شئ يحكمنا هو المصلحة ونحن مرشحون محتملون لتولي المسئولية ونقدر مسئوليتنا تجاه هذا البلد الكبير وشعبه العظيم فضلا عن مسئوليتنا تجاه المنطقة بأكملها, وبالتالي فإننا يجب أن نقدر المصالح. * أنتم تتحدثون عن العجز في التمويل رغم ماتحقق من نتائج لكن هناك اتهامات لكم بالحصول علي تمويل من الخارج فمن أين يأتي تمويل الحزب؟ نحن لانتلقي أي تمويل من الخارج وأنا أطالب من يقول ذلك بالمقارنة بيننا وبين الأحزاب الأخري, فتمويل الحزب يتم من اشتراكات الاعضاء لأن كل عضو مفروض عليه أن يدفع عشرة جنيهات شهريا وكان شرطنا عند إنشاء الحزب أن يدفع العضو220 جنيها, و100 جنيه اشتراكا تأسيسيا, و120 جنيها اشتراكا سنويا وكل أعمال الدعاية للحزب كانت عن طريق التبرعات الذاتية واشترطنا في المرشح علي رأس القائمة أن يدفع من200 الي300 ألف جنيه. * لكن يتردد كثيرا أن لديكم تمويلات من دول عربية واسلامية فما تعليقك؟ ** علي كل من يملك دليلا واحدا أن يقدمه للجهات المسئولة ولك أن تعلمي أن جميع حساباتنا مراقبة من جانب أجهزة الدولة تحت الأعين والمراقبة, خاصة أن الكثير من الخصوم يتمنون الحصول علي معلومة واحدة لإسقاط الحزب, وحزب النور حاليا أصبح مؤسسة كبيرة وليس لدينا أي استعداد لأن نغامر بمصير الحزب مقابل الحصول علي أي مبلغ من المال. * لكن أنتم مدعومون ماليا ومعنويا من الجمعيات الدينية وعلي رأسها الجمعية الشرعية بكل فروعها وجمعية أنصار السنة وفروعها ويتردد تلقيها أموالا من دول خارجية؟ ** هاتان الجمعيتان خيريتان ولهما الحق في الحصول علي تبرعات مفتوحة وفق القانون, والجهاز المركزي للمحاسبات يقوم بالمراقبة الكاملة ونحن لاننكر علاقتنا بهاتين الجمعيتين ولايمكنهما أو غيرهما تقديم دعم مالي لنا لأنهما ببساطة عليهما رقابة من الدولة, ومادام الامر كذلك فإنني أطلب من الجميع أن يأتي بنفسه ليري أوجه الصرف لدينا ودعيني أقل لك أن هناك رجال أعمال كبارا في الدولة من خارج التيار السلفي يمتلكون مليارات الدولارات عرضوا علي حزب النور أن يقدموا الدعم لنا مقابل تبني مشروعاتهم لكننا رفضنا. * ولماذا رفضتم هذا العرض؟ ** لأن من يملك المال يملك القرار, وبالتالي نكون تحت قبضة أيديهم ونصبح ضعفاء لكننا نريد أن يكون قرارنا بأيدينا لأننا نري في أنفسنا أننا نعمل من أجل رسالة سامية هي خدمة هذا المجتمع من أجل مرضاة الله. *هل لدي حزب النور طموح سياسي للوصول الي حكم البلاد؟ ** هذا طموح شرعي لأي حزب سياسي, وطالما قبل السلفيون ممارسة العمل السياسي فبالتأكيد لدينا طموح للوصول الي الحكم, وتصريحات الإخوان بتأجيل وصولهم الي الحكم أمر يخصهم, وأنا أري أنه جاء الوقت لإعطاء الفرصة, والحكم علينا بعد ذلك وللعلم فقط تم رفض إعطاء حقيبة وزارية في التغيير الوزاري الاخير لشخص بعدما أثبتت التحريات أن له ميولا إسلامية رغم أنني أري أن الخير لمصر سيكون كبيرا في حال وصول الإسلاميين الي الحكم, حيث سيكون العدل وتطبيق القانون هو الاساس. * هل سيكون هناك تحالف بين الإسلاميين داخل البرلمان ضد الليبراليين؟ ** نحن في حزب النور نرفض التحالف مع فصيل بعينه, لكننا نؤيد ترابط كل التيارات السياسية الممثلة في البرلمان للعمل علي مصلحة البلاد, وهذا يصب في مصلحة الإسلاميين, ونعتقد أن البرلمان المقبل سوف يسير علي هذا المنوال, إضافة إلي أن هناك تصريحات من قبل حزب الحرية والعدالة تؤيد هذا التصور, وهذه رسالة إطمئنان إلي الشعب من المخاوف التي تتردد من قبل البعض, وتفيد بحصول الإسلاميين علي60% من مقاعد البرلمان. *هناك اتهام من قبل بعض القوي السياسية بأن البرلمان المقبل لا يمثل الشعب والثورة ردا علي حصول الإسلاميين علي الغالبية من المقاعد فما صحة ذلك؟ ** هذا كلام يتعارض مع الواقع ولأول مرة يشارك30 مليونا في التصويت فهل هذا العدد لا يمثل الشعب؟, لكن علينا أن نحترم إرادة المواطن واختياراته, كما أن حصول الإسلاميين علي هذه النسبة الكبيرة من المقاعد شيء طبيعي خاصة وأنهم موجودون في الشارع المصري منذ سنوات رغم ما كانوا يتعرضون له من ظلم واضطهاد علي يد النظام البائد وأمن الدولة. *هل البرلمان المقبل له صلاحيات ودور في إنهاء حالة الانفلات السياسي التي تشهدها البلاد؟ **البرلمان له كل الصلاحيات والحقوق في ممارسة دوره الرقابي والتشريعي لوقف حالة الانفلات السياسي للبلاد, حيث لابد من تشكيل حكومة ائتلاف تعبر عن التيارات السياسية الممثلة للبرلمان, وهذا هو المخرج لاستقرار مصر, وأنا أري أن حكومة الدكتور الجنزوري لن تكمل بعد تشكيل البرلمان, وهذا البرلمان المقبل. * هل يؤيد حزب النور إختيار رئيس ليبرالي لمصر كما حدث في تونس؟ ** الوضع في مصر مختلف عن تونس نحن لا نمانع في اختيار رئيس ليبرالي, ولكن بميول إسلامية, وأنا أري أن النظام البرلماني هو أفضل لمصر علي أن يكون رئيس الجمهورية شرفيا فقط. * هل استقبلتم سفراء دول أجنبية للتعرف عليكم وهل تمت اتصالات بين حز ب النور والإدارة الأمريكية كما حدث مع حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين؟ ** استقبلنا العديد من السفراء الغربيين من مختلف دول العالم, وأي حزب سياسي لا بد له من فتح حوارات مع الدول في الخارج, وقد تم عقد لقاءات سياسية مع عدد كبير من السفراء في مصر, ونحن في حزب النور لا نمانع في حوار مع الإدارة الأمريكية ولقاء السفيرة الأمريكية في القاهرة, ولكن الأمر مختلف بالنسبة إلي السفير الإسرائيلي, حيث نرفض أي لقاءات ثنائية بين الأحزاب وإسرائيل علي أن تقتصر هذه اللقاءات علي المستوي الرسمي الحكومي فقط,إضافة إلي أنه ستكون هناك لقاءات مع أحد قيادات الجامعة الألمانية لتنظيم مؤتمر لنشرح لهم أهدافنا ولطمأنة الأمان من أي مخاوف. * هناك اتهام موجه لكم ولأنكم أول كيان حزبي بعد الثورة يقوم بالتطبيع مع إسرائيل خاصة في ظل وجود مقاطعة شعبية وبعد التصريحات التي أدلي بها الدكتور يسري حماد المتحدث الرسمي لحزب النور مع المذيع العراقي لإذاعة إسرائيل؟ ** بالنسبة للحزب ليس لنا علاقة أو لقاءات أو تبادل للزيارات أو التصريحات تربطنا بالكيان الإسرائيلي, كما أنه لا يوجد إذن للتحدث لوسائل الإعلام الإسرائيليي, لكن الدكتور يسري حماد عندما تقدم إليه هذا الإعلامي كان علي أساس أنه عراقي الجنسية ونحن قبلنا اعتذار الدكتور يسري لكننا في الوقت نفسه قررنا عدم إجراء أي تبادل ثقافي للإذاعة أو الكيان الإسرائيلي * هل أنتم مع الالتزام بالاتفاقيات الدولية التي وقعتها مصر وعلي رأسها كامب ديفيد؟ ** بالنسبة لمصر كدولة تختلف عن حزب النور حيث انها بينها وبين الدول المختلفة إتفاقيات تكون ملتزمة بها مع باقي الدول الأخري وتحترم تعهداتها, لكن إذا كانت هناك بعض البنود الخاصة بالاتفاقيات التي تعد انتقاصا أو ظلما لحق الدول العربية والإسلامية فنري أنه لابد من مراجعة هذه البنود بتوافق شعبي لأن الذي يحكمنا في أي قرار هو المصلحة, ومصلحة مصر الآن هي بناء دولة قوية, لأن ذلك سيحفز الجميع علي احترامنا وعلي عدم الجور علي حقوقنا, والأمور ليست بهذه البساطة والسهولة, نحن مع كل شيء في صالح الاستقرار وزيادة الإنتاج وتجنيب المجتمع ويلات الحروب نحن الآن في معركة تنمية هي التي سنخوضها مع جميع أبناء الوطن وليس بمفردنا. * هل المجلس العسكري يريد ترك السلطة بما يضمن له عدم محاسبته مستقبلا؟ ** نحن جميعا لا توجد ثقة في ما بيننا, وكل منا يخون الآخر, حيث هناك تخوف من الإسلاميين, وكذلك الليبراليون, ولذلك كان البحث عن مبادئ يتم وضعها في الدستور هروبا من هذا الهوس, ولذلك يبحث الجيش عن وجود تميزات في الدستور الجديد من حيث الميزانية والرقابة عليه, ونحن نري أن أعضاء المجلس العسكري وطنيون, عملوا ما عليهم ولهم الضمانات الكاملة في المستقبل. * لماذا شاركتم في المجلس الاستشاري رغم أن دوره استشاري فقط للمجلس العسكري؟ ** المجلس الاستشاري ما هو إلا جهة استشارية مهمته إبداء الرأي والمشورة لمتخذي القرار و لمساعدة المجلس العسكري في إدارة شئون البلاد وجاءت مشاركتنا للتمكن من توصيل صوت الشارع إلي المجلس العسكري ومحاولة المساهمة في حل الأزمات, وإن كنت ضد لهجة بعض الأعضاء بتوجيه عبارة لازم في إشارة إلي المجلس العسكري بوقف العنف رغم أن دور المجلس هو تقديم المشورة فقط. * من هو الطرف الثالث أو الأيدي الخفية الذي يذكر دائما عند وقوع صدام بين الأمن والمتظاهرين؟ ** هناك بالفعل طرف ثالث لا يريد الخير لمصر ومن مصلحته حدوث فتن داخلية, وهؤلاء من الداخل والخارج, ويكفي أن هناك22 حزبا طالبوا في مذكرة رسمية قدموها إلي المجلس العسكري بالاستمرار في السلطة لمدة عامين. تلك القوي السياسية من مصلحتها ما يحدث, كذلك هناك فلول نظام مبارك والحزب الوطني الذي ينفقون الملايين علي البلطجية للصدام مع الجيش, وأنا أطالب بضرورة القبض علي هؤلاء والكشف عما يخططون له, خاصة أنه من السهولة الكشف عنهم. * هناك مخاوف من النظام الاقتصادي لحزب النور فهل فعلا ستقومون بإلغاء البنوك الربوية والاعتماد علي النظام الاقتصادي الإسلامي بالكامل؟ ** لدينا تصور بأن الاقتصاد الإسلامي هو أقدر الاقتصاديات علي حل مشاكل الناس, ونحن في حزب النور نعلم أننا في مجتمع مفتوح ورؤيتنا للبنوك أن نكتفي بإيجاد اقتصاد إسلامي عن طريق إصدار تصريح يسمح بإنشاء بنوك إسلامية تحرم الفائدة, بمعني أننا سنوحد البدائل الإسلامية, وفي المقابل لن نضيق علي الاقتصاديات الأخري, أي أننا سنتيح للناس الاقتصاد الإسلامي بجانب الاقتصاديات الأخري, وللناس الحق في الاختيار. * هل العلاقة بين حزب النور والدعوة السلفية مثل العلاقة بين مكتب الإرشاد وحزب الحرية والعدالة لدي الإخوان؟ ** بالطبع لا هناك حرية وديمقراطية في اختيار أمانات المحافظات والهيئة العليا للحزب, خاصة وأننا نناقش الدعوة السلفية في الأمور التي تمس الرأي الفقهي, والمعني هو أن لنا علماء نراجعهم في القضايا الشرعية, والدعوة السلفية لاتتدخل في شئون الحزب, ولكنها الظهير الشعبي الداعم لنا في الانتخابات. * ما الذي حدث بينكم وبين الشيخ محمد حسان أحد أكبر الداعمين لكم؟ ** الشيخ محمد حسان له قدره العالي وهو عالم للأمة كلها وليس لأحد بعينه, ونحن فوجئنا داخل الحزب بأن بعض المرشحين يرفعون صور فضيلة الشيخ الجليل بجانب صورهم الدعائية, وهو الأمر الذي لم يرضنا, وطلبت فورا وقف هذه الدعايات وعلي كل حال علاقتنا بالشيخ علاقة طيبة. * بماذا تفسر قلق الأقباط في مصر من صعودكم السياسي؟ ** لا أساس له من الصحة وسيكون لنا لقاءات مع قيادات الكنيسة, وبالفعل قد بدأت الاتصالات بيننا وبينهم بعد أحداث ماسبيرو, ونحن نشعر بأنه يجب أن يكون هناك تواصل بسبب التوتر الكائن في المجتمع. * بصراحة هناك تخوف كبير لدي المجتمع المصري من أنه إذا وصل الإسلاميون إلي الحكم فسوف يقيدون الحريات ويفرضون الحجاب ويطردون الأقباط من مصر كيف تري ذلك؟ ** هذا هو نفس نهج الرئيس المخلوع مبارك الذي استمر30 عاما يقنع الغرب بأن البديل الوحيد عنه يكمن في التطرف الإسلامي وللأسف هناك بعض الاتجاهات السياسية تسير علي نفس النهج خاصة التيار العلماني الذي يروج أن الإسلاميين تيار غير متوافق مع النسيج المصري وإن وصل الإسلاميون للحكم فسوف ينشرون الإرهاب والتطرف الهائل ويفرضون النموذج الطالباني, ونحن الآن نسعي إلي إظهار الوضع الحقيقي والفكر الصحيح للتيار الإسلامي بعد ثورة يناير, لكن للأسف الإعلام المضاد والمشوه مازال يمارس عملية التعتيم والتشويه للوجه المشرق للتيار السياسي الإسلامي, خاصة وأن هناك من يظهرنا علي أننا مجرد مجموعة أشخاص تجلس في المساجد لتحرم وتحل, ولكن لا يعلم هؤلاء أن بيننا أساتذة في مختلف التخصصات سواء الصحة أو التعليم أو الاقتصاد, ولدينا خبرات وبرامج قوية في مختلف المجالات, فالتيار الإسلامي أكثر التيارات السياسية ارتباطا بالشعب المصري سواء حزب الحرية والعدالة أو حزب النور.
