يالها من أقدار أن تصعد روح نجم الدين اربكان إلي بارئها قبل يوم واحد من الذكري الرابعة عشرة لما سمي بمرحلة28 فبراير أو الانقلاب الابيض ضد حكومة الأب الروحي للإسلام السياسي في تركيا الجمهورية العلمانية. ولو كان الأمر بيد أتباعه لجعلوا جنازة الرجل الأمس وليس اليوم. لكن العائلة ارادات ما هو أكثر فيجب أن يكون تشييعه إلي مثواه والذي ينطلق من جامع الفاتح بقلب اسطنبول بطريقة تليق بالمجاهد الاكبر. فكثيرون راحو يذكروا الاجيال الشابة بمسيرة الخوجا اربكان, الذي ترك الهندسة ليتفرغ للنضال ضد الطغمة العسكرية هكذا قالوا, فوفقا لما اعلنه مصطفي كمالاك مساعد رئيس حزب السعادات ينتظر أن تشارك شخصيات إسلامية وعربية مراسم تأبين البروفسور نجم الدين اربكان زعيم الفكرة الاسلامية الوطنية, ورئيس سعادات وعدد كمالاك الضيوف الذين سيأتون في ممثل عن جماعة الإخوان المسلمين في مصر والزعيم التونسي المعارض راشد الغنوشي وخالد مشعل زعيم حركة حماس. في المقابل طرحت وسائل الإعلام مرئية ومقروءة سؤالا: ماذا بعد اربكان ؟ ومن سيقود الحزب الذي أعاده اربكان من براثن الاصلاحيين علي أمل أن يتركه لأبنه فاتح اربكان, غير أن الأخير قد لا يتمكن من إعتلاء سدة الزعامة كونه لم يؤد الخدمة العسكرية الإلزامية وهو أمر مهم جدا في حياة الاناضول. لكن هذا لم يكن الاستفهام الوحيد, إذ كان هناك تساؤل آخر تمثل في: هل غياب مدشن الاحزاب ذات المرجعية الدينية قد يؤدي الي زيادة شعبية حزب السعادات الذي كان يأتي خلال الاسابيع الماضية في ذيل استطلاعات الرأي, وهو ما كان يعني انعدام فرصه في المنافسة بل تنبأت تلك الاستطلاعات نفسها بأنه لن يتمكن بأي حال من الاحوال من تخطي حاجز ال10% للتمثيل في المجلس الوطني التركي الكبير( البرلمان), غير أن رحيله رغم أنه كان متوقعا في اي لحظة نظرا لكبر سنه أحدث زخما عاطفيا وحنينا جارفا لزعيم الحزب, من هنا قد تشهد تركيا مفاجأة لا يتوقعها أحد, مثل تلك التي حدثت بالفعل قبل ستة عشرة سنة حينما حصل حزب الرفاه علي المركز الأول في الانتخابات البرلمانية. كذلك لم يكن هناك من يتصور أن حزب اليسار الديمقراطي بزعامة بولنت إجيفيت يمكن له أن يصل للسلطة عقب ابنتخابات إبريل عام1999 وقيل إن السبب في هذا الفوز غير المنتظر هو إعلان إجيفيت الذي كان يترأس حكومة أقلية تستعد لإجراء انتخابات نبأ القبض علي زعيم منظمة حزب العمال الكردستاني الانفصالية عبد الله اوجلان في كينيا. كما أن العدالة الحاكم الآن لم يكن ليصل إلي سدة الحكم إلا بعد سجن رجب طيب اردوغان جراء قراءته لقصيدة شعرية تم تفسيرها بأن أبياتها تحض علي الفتنة, وها هي مسيرة اربكان وكفاحه من أجل عودة الروح الدينية للحياة السياسية في تركيا العلمانية تدغدغ مشاعر الناس فهل يحدث ما هو غير متوقع ويدخل سعادات البرلمان؟ ولننتظر الثاني عشر من يونيه المقبل موعد الانتخابات الحاسمة؟