حالة من الصمت الحزين خيمت علي منزل الزوجة الحسناء التي ذبحها زوجها علي مرأي من طفلتيها بقرية شيبة بالزقازيق ثم استبد به الجنون ليذبح الطفلتين بعد ذلك ويشعل النيران في المنزل وفي ذهنه أنه يريد أن يلحق به محترقا بنيران جريمته. كانت الجثث علي وشك الخروج بها إلي المثوي الأخير عندما تجمع أهالي القرية تملأ عقولهم الدهشة غير مصدقين بشاعة الجريمة.. أتوا لوداع الأم وطفلتيها في مشهد مهيب امتلأت فيه شوارع القرية وتزاحم الجميع للمشاركة في مشهد الوداع الأخير. البعض كان يردد خلفها آيات القرآن الكريم وآخرون هتفوا منددين بفعلة الزوج القاتل مطالبين باعدامه في ميدان عام قبل أن تجف دماء الزوجة وطفلتيها ولتهدأ أرواحهن. مندوبة فيش وتشبيه كانت هناك تشارك في مشهد الوداع الحزين والتقت شقيق القتيلة أيمن إبراهيم سالم الذي تملكه الحزن حتي الانهيار .. كان في البداية يصرخ غير مصدق ما حدث لشقيقته فاطمة التي لم تتجاوز عقدها الثالث وطفلتيها شهد( عامان) وملك( ستة أشهر).. وبعد انتهاء مراسم الدفن تحدث إلينا ودموعه تغرق وجهه قائلا: يوم الحادث كنت في بيتي وسمعت أصواتا تتعالي حول منزل شقيقتي القريب مني عرفت منها أن حريقا اندلع في بيتها فهرولت إلي هناك وبمساعدة أهالي القرية تمكنا من الدخول إلي البيت واخماد النيران ليتراءي لنا أبشع مشهد يمكن أن تراه عين. لم أصدق عيني عندما رأيت أنا الدماء وقد تناثرت ولطخت الجدران وأختي الغارقة في دمائها مذبوحة إلي جوار طفلتيها المذبوحتين أيضا. كانت مجزرة مروعة لم أتحمل وقعها وكادت الصدمة تقضي علي لولا أني تمالكت نفسي بعض الشيء واشتركت مع الأهالي في حمل زوج أختي الذي كان مسجي علي الأرض مغشيا عليه واخراجه بعيدا عن النيران. في البداية ظننت أن بيت أختي تعرض للسطو وان مجهولا هو الذي فعل بها وبطفلتيها وزوجها هذا ولكن بدت الحقيقة الكارثية جلية عندما افاق زوج شقيقتي محمد عثمان عبدالسلام وأخذ يروي في برود مميت تفاصيل المذبحة البشعة التي ارتكبها. وصمت الرجل ولم يستطع أن يكمل حديثه معنا وراح يبكي بهستيرية. ومن بين تفاصيل المشهد الحزين وجدنا شقيقي القاتل فوزي23 سنة وعبدالسلام37 سنة.. اقتربنا منهما وتحدثنا إليهما عن ملابسات الحادث. قال فوزي ان شقيقه محمد كان موتورا لعبت المخدرات بعقله ولا يعي يرتكب أفعالا عدائية بلا وعي أو ادراك واشار إلي أنه ليس هناك أب يقوي علي إيذاء أطفاله كما فعل هو وتدخل أخوه عبدالسلام قائلا ان شقيقه محمد كان دائم التعدي علي زوجته وطفلتيه واشقائه بالضرب وأكثر من مرة تنتابه حالة من الهياج تدفعه لتكسير وتدمير أي شيء في طريقه مما استدعي ايداعه مستشفي للأمراض النفسية والعصبية أكثر من مرة. وبعد ان انتهي مشهد الوداع الحزين وتمت مواراة الجثث الثلاث التراب توجهنا إلي الزوج القاتل في محبسه الاحتياطي وتحدثنا إليه. كان يبدو هادئا طبيعيا غير متأثر بالحادث المروع الذي ارتكبه.. سألناه عن ملابسات جريمته فقال: الشك ملأ قلبي في الآونة الأخيرة حول سلوك زوجتي بعد أن سمعت بعض من يلوكون سيرتها بما يشينها وشيئا فشيئا تعالت نيران الشك في صدري ولم أجد مفرا من الانتقام لشرفي وكرامتي وقبل أن أقدم علي شيء قررت أن أصلي صلاة استخارة لأتيقن أن ما قررته هو القرار الصحيح.. وبعد ان استقرت نفسي علي الانتقام وضعت خطة للتنفيذ بدأتها بتشغيل تسجيل لتلاوة آيات القرآن الكريم عقب صلاة الفجر مباشرة ثم أعددت افطارا لزوجتي والطفلتين وأيقظتهما من النوم وتناولت معهما الافطار الأخير. كنت أشعر أن ما أفعله أمر رباني للخلاص من كل شيء حتي نفسي فقد عقدت العزم علي ذبح زوجتي وطفلتي ثم اشعال النيران في البيت لاحترق مع جثثن ونغادر الدنيا معا. واستطرد الزوج القاتل قائلا: لست نادما علي شيء غير أن القدر هو الذي أمهلني في الحياة ولم انته معهن سألته هل قاومتك زوجتك.. ألم يرق قلبك علي طفلتيك وهما تصرخان من الخوف والرعب وأنت تجتز رقبتيهما بسكينك؟ قال محمد: عندما أمسكت بالسكين لابدأ تنفيذ ما انتويت عليه كنت أشعر أني مدفوع دفعا للقتل ولم تجد أي محاولات للخلاص قامت بها زوجتي فقد أمسكت بها بقوة وأحطتها بذراعي وبشكل خاطف أعملت في رقبتها السكين ولم أتركها إلا بعد أن سقطت غارقة في دمائها. لم التفت إلي الطفلتين اللتين كانتا تصرخان ولكني وجدتني مدفوعا لقتلهما هما الاخريان وحين ان انتهيت بقيت المرحلة الأخيرة حيث أشعلت النيران حول أنبوبة البوتاجاز لكي ينفجر البيت وأموت معهمن. كل ما أتذكره مشهد النيران وهي تأكل كل شيء في طريقها بالمطبخ والدخان الكثيف يحيط بي من كل جانب حتي فقدت وعيي تماما. وبعد أن أدلي المتهم باعترافات تفصيلية أحاله اللواء محمد ناصر الغنتري إلي النيابة التي باشرت معه التحقيقات وقررت حبسه تمهيدا لتقديمه إلي ساحة العدالة.