واجب الدولة توفير أقصي رعاية ممكنة لأسر الشهداء ولكن التكريم الحقيقي يكون بالعمل الجاد والمخلص علي تنفيذ المطالب التي قدموا حياتهم من أجلها.. ومن أجلنا جميعا. لم يخرج أي منهم إلي الشوارع والميادين في يناير من أجل مطالب فئوية أو خاصة, ولم يخطر في بال أحدهم أن استشهاده سيعود علي عائلته ببضعة آلاف من الجنيهات لا تساوي شيئا مقابل حياة إنسان يمتلئ بالحب والانتماء والوطنية الخالصة, وإنما كان الهدف وسيظل أن تصبح مصر وطنا قويا رائدا تسوده الحرية والعدالة والمساواة بلا ظلم أو إجحاف.. لقد أضاء الشهداء والمصابون شعلة الثورة, وأدركوا ببصيرتهم أن هناك ثمنا لابد منه حتي يستيقظ الشعب وتنضم الملايين إلي الشباب بعد أن سالت الدماء النقية لترتوي بها أشجار الحرية التي تنمو الآن في كل ربوع مصر.. والحديث عن ضرورة الانتهاء من التعويضات المقررة بأسرع وقت ممكن وتخصيص عدد من المستشفيات لعلاج المصابين, يعد جانبا واحدا من صورة أعمق بكثير دون التقليل من أهمية هذا الجانب, الذي تأخر كثيرا ويجب الانتهاء منه فورا, والأهم ونحن نعيش أجواء ثورة يناير أن نتذكر ونستوعب المعاني الحقيقية التي تحولت لعلامات تضيء الطريق نحو المستقبل.. نتذكر أن الهدف الأسمي للثورة هو بناء الوطن علي أسس جديدة تعيد للشعب حيويته ورسالته وحضارته, التي تعرضت للتشويه ومحاولات الطمس طوال العقود الماضية, والأسس التي دفع الشهداء حياتهم من أجلها هي الحرية والكرامة وتوفير لقمة العيش الشريفة بعيدا عن الخوف والقمع والفساد. ونتذكر سلمية الثورة وكيف أصبح ميدان التحرير وغيره من الميادين في بقية المدن المصرية النموذج الذي يحتذي من الشعوب الأخري الباحثة بدورها عن الكرامة الإنسانية والعدالة المفقودة. تكريم الشهداء والمصابين يكون بالاقتداء بهم وقد تمسكوا بسلمية مطالبهم وحبهم لمصر والانتماء لها, وعدم تعريضها لأية أخطار, وكل هذا يضع الخطوط الحمراء الرافضة لدعاوي وشائعات تتردد وتثير المخاوف من عنف قادم لن تغفره أبدا أرواح هؤلاء الشهداء الأبرار.. مصر القوية القادرة الخالية من الفساد والتي يسودها الحب والانتماء هي ما يجب أن نسعي إليه لتكريم الشهداء. [email protected]