يعرف الشعب طريقه ولن يحيد عنه لتحقيق أهداف ثورته الكبري التي دفع ثمنها غاليا من دماء الشهداء, وهذه الأهداف لا خلاف عليها بين الجميع وفي المقدمة منهم المجلس الأعلي للقوات المسلحة. الذي تعهد منذ بيانه الأول بحماية الثورة وتنفيذ الإرادة الشعبية, ولكن الشيطان يكمن دائما في التفاصيل. وهناك من يحاول الاصطياد في حالة الغضب والغليان وعلينا أن نتوقع ذلك سواء من القوي الخارجية التي تريد إيقاف أو إبطاء النهضة المصرية علي أقل تقدير, أو من المتضررين بالثورة الذين حانت لحظة محاسبتهم وكذلك ممن ينتظرون. وفي كل الأحوال فإن مظاهرات جمعة الثورة أولا والملايين التي خرجت لميدان التحرير والميادين الأخري في بقية المحافظات قد حددت المطالب العاجلة التي لا شك في أنها الآن موضع البحث الجاد من المجلس العسكري وقد تعودنا أن تأتي قراراته استجابة لنبض الشارع ولا حساسية علي الإطلاق ولا ينتقص من قدر وقيمة المؤسسة العسكرية التي لها رصيدها ومكانتها في نفوس المصريين وقلوبهم جميعا دون استثناء, وعلينا أن نضع المطالبات وربما الانتقادات في إطارها التي لا تخرج عنه في الجوانب المتعلقة بمحاسبة النظام القديم والسبل الكفيلة بالنهوض بالوطن وإقامة الدولة المدنية علي أسس راسخة من الحرية والديمقراطية. وبوضوح تام نقول: إن الشعب بكامله وبمختلف الاتجاهات والانتماءات السياسية يعطي لقواتنا المسلحة الباسلة حقها المستحق في المكانة العالية والتقدير والاحترام بل نستطيع أن نضيف أن اللقطات والمشاهد التي تابعها العالم علي الهواء مباشرة من ميدان التحرير وبقية المحافظات إنما تضيف للسجل المشرف للمجلس العسكري والقوات المسلحة التي تقوم بدورها في حماية البلاد علي أكمل وجه, وبالدرجة التي تجعل الملايين في أمان وهم يمارسون حقهم في التظاهر والتعبير بحرية تامة عن مطالبهم وآرائهم. وطالما أن الأهداف متفق عليها ولا خلاف بشأنها فإن التفاصيل المتعلقة بالمطالب سيترتب عليها تحديد موعد وصول مصر إلي محطة الانطلاق الحقيقية لبلوغ النهضة المنشودة والشاملة في جميع المجالات, وإذا كنا علي ثقة بأن المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي يتحمل الأمانة والمسئولية سيصل بالبلاد إلي هذه النهضة, فإن السؤال المطروح يتعلق بالتوقيت فقط, ولعل الساعات والأيام المقبلة تكشف لنا عن الموعد حتي تطمئن القلوب. muradezzelarab@hotmailcom