عادت للشعب المصري بعد ثورته حريته الكاملة التي سيعبر عنها في صناديق الانتخابات القادمة سواء كانت البرلمانية أو الرئاسية, وأصبح علي جميع الاحزاب والقوي السياسية والشخصيات العامة وما يعرف بالنخبة القبول بالإرادة الشعبية مهما تكن المبررات والمخاوف المرتبطة بوصول جماعة معينة إلي ما يشبه الأغلبية داخل البرلمان. صوت الشارع اصبح مسموعا وقويا ومستعصيا علي الذين يحاولون اسكاته أو الالتفاف حوله, والسخونة غير المبررة التي نراها في بعض النقاشات والممارسات السياسية والإعلامية لن تستطيع مهما فعلت ان توقف المسيرة التي بدأت مع اسقاط النظام السابق لتصبح مصر دولة مدنية تقوم علي أسس ديمقراطية لايمكن للاقلية ان تفرض رأيها علي الأغلبية التي قد تبدو صامتة هذه الأيام وتنتظر يوم الانتخابات لتقرر مصير البرامج والتوجهات السياسية التي تمتليء بها الساحة الآن. وبطبيعة الحال فإن هناك نقاط اتفاق تجمع بين المصريين جميعا بصرف النظر عن الانتماءات الحزبية وفي المقدمة منها ان تتسارع المحاكمات لينزل القصاص العادل ضد من تثبت ادانته في قتل المتظاهرين وفي نشر الفساد والتربح علي حساب الشعب طوال السنوات الماضية, وكذلك كشف بقية الملفات العالقة حتي اليوم وتشير لوجود الأيدي العابثة التي تحاول نشر الفوضي وتعرقل عودة الأمن والامان للوطن والمواطن من خلال افتعال الازمات واشعالها كلما ساد الهدوء وبدت ملامح المستقبل أكثر وضوحا. هذه القضايا لاخلاف عليها ولكن الخوف ان يستثمرها البعض لبلوغ اهداف حزبية ضيقة دون ان يطرحها بشكل صريح ومعلن, ومحاولة المزج والخلط بين اهداف الثورة والقلق الذي يساور بعض الاحزاب الجديدة من اجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها خشية ان يحقق حزب معين الفوز المتوقع نتيجة قاعدته الشعبية وخبرته الطويلة في الشارع المصري. لم يعد خافيا ان الاحزاب خاصة الجديدة باتت تخشي من تفوق جماعة الإخوان وبالتالي تسعي بشتي السبل إلي محاولة التأجيل والالتفاف حول ما قررته الأغلبية في الاستفتاء بدعاوي حماية الديمقراطية ومدنية الدولة. والعيب كل العيب ان يتجاهل البعض صوت الشارع وان تعود للنغمة القديمة التي تدعي التحدث باسم الشعب, وعلينا ان نترك لصناديق الاقتراع ان تحسم المعارك السياسية وان نقبل بنتائجها أيا كانت في الوقت الذي أعلن فيه المجلس الأعلي للقوات المسلحة انه الضامن لمدنية الدولة وحتمية وجود دستور جديد يحمي الاسس والمبادئ التي قامت الثورة من أجلها. استمعوا إلي صوت الشارع حتي لاتنساقوا وراء السراب والأوهام.