محافظ الدقهلية يتابع استكمال أعمال إزالة معرض سيارات مخالف للمرة الثانية    "التنظيم والإدارة" يتيح الاستعلام عن موعد الامتحان الشفوي بمسابقة وظائف "شئون البيئة"    وزير التعليم العالي: جامعة الجلالة توفر السكن ل 40% من الطلاب    بعد قليل.. وزير التعليم أمام مجلس النواب    انخفاض أسعار الدواجن اليوم الثلاثاء بالأسواق (موقع رسمي)    كامل الوزير يوجه وزارة البترول بحل أزمة الغاز مع المصانع    فصائل عراقية: هاجمنا بالطائرات المسيرة هدفًا حيويًا إسرائيليًا في غور الأردن المحتل    المؤتمر الأوروبي الفلسطيني يدعو للوقف الفوري لعدوان الاحتلال على غزة    والد عمر كمال يكشف طبيعة إصابته.. وموقفه من نهائي السوبر    إصابة 8 أشخاص إثر انقلاب سيارة ربع نقل في الشرقية    وزير الزراعة يطلق مشروع إطار الإدارة المستدامة للمبيدات في مصر    بسبب الميراث.. شخص يعتدى على شقيقة بكفر الشيخ    علي جمعة يفسر قوله تعالى {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ}    احذر من الإفلاس يوم القيامة.. كيف تنجو من النار بعمل سهل وبسيط؟    جامعة القناة تواصل دورها المجتمعي بإطلاق قافلة شاملة إلى السويس لخدمة حي الجناين    معلومات الوزراء: كبار السن سيمثلون 16% من إجمالي سكان العالم 2050    طلاب التربية الخاصة ب«تعليم البحيرة» يصعدون لنهائيات الكرة الخماسية    الجنايات تحسم اليوم مصير أحمد فتوح بتهمة القتل الخطأ تحت تأثير المخدرات    رئيس «التنسيق الحضاري» عن فوزه بجائزة «الآثاريين العرب»: تتويج لرحلة 30 سنة ثقافة    من أكرم إلى ياسر في مسلسل برغم القانون.. لماذا ينجذب الممثلون لأدوار الشر؟    أميرة أديب توجه رسالة ل شريف سلامة بسبب مسلسل «كامل العدد +1»    محظورات فى قانون مزاولة مهنة الصيدلة، تعرف عليها    وزيرة البيئة تناقش مع البنك الدولي التعاون في مواجهة السحابة السوداء    كم تبلغ قيمة العلاوة الدورية في قانون العمل الجديد 2024؟    عاجل| الصحة تؤكد عدم صحة الفيديو المتداول على وسائل التواصل يدعي فساد تطعيمات طلاب المدارس    «الاعتماد والرقابة» تنظم ورشة عمل تعريفية حول معايير السلامة لوحدات الرعاية الأولية    رونالدو يقود تشكيل النصر المتوقع أمام الاستقلال في دوري أبطال آسيا للنخبة    النجمات لطيفة وجنات وريهام عبد الحكيم في ضيافة «الليلة العمانية» بالأوبرا    الكرة النسائية.. المدير الفني لفريق سيدات "مسار" يطالب الاتحاد بحلول لظاهرة الهروب من المباريات    النيران امتدت لمنزلين مجاورين.. إخماد حريق بمخزن تابع لشركة مشروبات غازية بالشرقية    دعاء جبريل للنبي عندما كان مريضا.. حماية ربانية وشفاء من كل داء    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم بالشرقية    الجارديان تلقي الضوء على مساعي بريطانيا لتعزيز قدرات القوات الأوكرانية في مواجهة روسيا    «التموين»: طرح بيض المائدة في المجمعات الاستهلاكية بسعر 150 جنيهًا في هذا الموعد    الصحة تنظم جلسة حوارية حول فوائد البحوث التطبيقية في تحسين الرعاية الصحية    اسعار التوابل اليوم الثلاثاء 22-10-2024 في محافظة الدقهلية    صناع عمل "مش روميو وجولييت" يعلنون تأسيس نادي أصدقاء للجمهور    تغطية إخبارية لليوم السابع حول غارات الاحتلال على رفح الفلسطينية.. فيديو    قائد القوات البحرية: مصر نجحت في منع الهجرة الغير شرعية منذ 2016    الأمم المتحدة تدين القصف الإسرائيلي العنيف للمناطق الحضرية والسكنية في لبنان    الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على قيادي في حزب الله في دمشق    اللهم آمين| أفضل دعاء لحفظ الأبناء من كل مكروه وسوء    محمد عبدالجليل معلقًا على غرامة كهربا: حذرت لاعبي الأهلي من محمد رمضان    دعاء عند نزول المطر.. فرصة لتوسيع الأرزاق    ثروت سويلم: قرعة الدوري ليست موجهة.. وعامر حسين لا يُقارن    مديرة مدرسة الندى بكرداسة تكشف تفاصيل زيارة رئيس الوزراء للمدرسة    رانيا يوسف: إشمعنى كلب الهرم يتكرم وكلبي في فيلم أوراق التاروت ما حدش عايز يكرمه؟    حدث بالفن| طلاق فنانة للمرة الثانية وخطوبة فنان وظهور دنيا سمير غانم مع ابنتها    ارتفاع جديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 22 أكتوبر 2024 (تحديث الآن)    عاجل - هجوم إسرائيل على طهران.. القناة 14 الإسرائيلية: منازل كبار المسؤولين في إيران أضيفت كأهداف محتملة    عاجل - طبيب تشريح جثة يحيى السنوار يكشف عن الرصاصة القاتلة والإصابات المدمرة (تفاصيل)    شك في سلوكها.. تفاصيل التحقيق مع المتهم بقتل زوجته والتخلص من جثتها بالصحراء في الهرم    من بينهم المتغيبون.. فئات مسموح لها بخوض امتحانات نظام الثانوية العامة الجديد 2025    الحلفاوي: "الفرق بين الأهلي وغيره من الأندية مش بالكلام واليفط"    أسامة عرابي: الأهلي يحتاج خدمات كهربا رغم أزمته الحالية    رئيس إنبي: لجنة المسابقات ستشهد نقلة نوعية بعد رحيل عامر حسين    عبدالرحيم علي: ضرب المفاعلات النووية الإيرانية أول ما ستفعله إسرائيل في "الرد"    سعر الحديد والاسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 22 أكتوبر 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هي كيمياء؟
نشر في الأهرام المسائي يوم 26 - 12 - 2011

حين يصعب علينا فهم الأشياء أو تفهيمها يثور السؤال تلقائيا‏:‏ هي كيمياء؟ ولقد أطلقت الأمم المتحدة علي هذا العام الغريب‏(2011‏ م‏)‏ العام الدولي للكيمياء‏,‏ وتصوري أن هناك توافقا قدريا غريبا في هذا العام.
بما شهده من تفاعلات وانفجارات غير مفهومة في كيمياء السياسة والشعوب‏,‏ وبين كيمياء المختبر وتفاعلات المواد والجزيئات التي تحتاج هي الأخري إلي مزيد من الفهم‏.‏
فما هي حكاية العام الدولي للكيمياء؟ وما هي الكيمياء؟ وهل هي صعبة إلي هذا الحد؟
إن عالما يفتقر إلي الكيمياء هو عالم تعوزه المواد الصناعية‏,‏ أي عالم بدون هواتف وحواسب وسينما وأنسجة تركيبية‏,‏ ثم إنه سيكون عالما لا يتوافر فيه دواء الأسبيرين والصابون ومعجون الأسنان ومستحضرات التجميل‏,‏ كما إنه سيفتقر إلي الورق‏,‏ بحيث لن تكون هناك صحف أو كتب‏,‏ أو صموغ‏,‏ أو دهانات‏.‏
فالكيمياء تسهم في تلبية احتياجات البشرية من حيث توفير الأغذية والعقاقير‏,‏ والكساء والمساكن‏,‏ والطاقة والمواد الأولية‏,‏ ووسائل المواصلات والاتصالات‏,‏ ولولاها‏,‏ لما كان من الممكن علاج الأمراض أو غزو الفضاء أو استخدام عجائب التقنيات‏.‏
ومن ثم كان‏'‏ الكيمياء حياتنا ومستقبلنا‏'‏ هو شعار هذا العام الذي خصصته الأمم المتحدة للاحتفال بإنجازات الكيمياء وإسهاماتها في الحياة الإنسانية‏.‏
ولقد تزامنت السنة الدولية للكيمياء مع ذكري مرور مائة سنة علي إنشاء الاتحاد الدولي للكيمياء البحتة والتطبيقية‏(‏ المسئول عن تنظيم العام‏),‏ والذي عقد مؤتمرا في مقر اليونسكو عن‏'‏ دور المرأة في مجال الكيمياء‏'‏ تقديرا وتعزيز لدور المرأة في العلوم‏,‏ واحتفالا بالذكري المئوية لحصول‏'‏ ماري كوري‏'‏ علي جائزة نوبل في الكيمياء في حضور حفيدتها للمؤتمر‏.‏
وتحت شعار‏'‏ الكيمياء والتنمية‏'‏ عقدت الجمعية الكيميائية المصرية احتفالا بالعام الدولي للكيمياء لرفع الوعي لدي العامة‏,‏ والتعريف بأهمية الكيمياء وإظهار دورها في حل المعضلات العالمية وجذب الصغار لهذا المجال‏,‏ ولكن فيما يبدو فإن كيمياء السياسة وتفاعلاتها التي طالت المنطقة كلها حجبت أصداء الاحتفال المصري بالكيمياء‏,‏ وكان الأولي باحتفالنا أن يكون مميزا ومسموعا في الدنيا كلها‏,‏ فلقد أسهم المصريون‏-‏ قبل الميلاد بنحو‏4000‏ سنة‏-‏ في نشأة علم الكيمياء وتطورها‏,‏ فهم أول من استخلصوا المعادن من خاماتها وصنعوا منها السبائك مثل البرونز‏,‏ كما صنعوا الفخار والزجاجيات‏,‏ وحضروا الأصباغ وألوان الزينة والطلاء‏,‏ واستخلصوا الكيماويات من النبانات للدواء والعطور‏,‏ وصبغوا الملابس‏,‏ ولونوا الجلود‏.‏ وجاءت حضارة وكيمياء الإغريق‏(332‏ ق‏.‏م 642‏ م‏)‏ إلي الإسكندرية لتنهل المعرفة من أكبر مكتبة في العالم‏,‏ حيث اجتمع فيها الباحثون والعلماء‏,‏ لتجري المناقشات حول طبيعة المادة ومكوناتها وتكوينها‏,‏ تلتها كيمياء العرب‏(642‏ 1200‏ م‏),‏ حين فتحوا مصر‏,‏ وعدل‏'‏ جابر بن حيان‏'‏ نظريات الكيمياء‏,‏ وأسس‏'‏ أبو بكر الرازي‏'‏ الكيمياء الطبية‏,‏ وطور آخرون عمليات التحضير والأجهزة‏.‏ بعدها انتقلت الكيمياء إلي أوروبا‏1300‏ م حتي الآن‏)‏ لتبني علي كيمياء العرب وتضع إطارا للكيمياء الحديثة كما نعرفها اليوم‏.‏ وهكذا تطور فكر الكيمياء علي مر العصور من البحث عن حجر الفلاسفة الذي يستطيع تحويل المعادن الرخيصة‏(‏ الأساسية‏)‏ إلي الذهب بمجرد اللمس‏,‏ إلي محاولات الفهم العميق لأسس الكيمياء العلمية من خلال نظرية‏'‏ دالتن‏'‏ الذرية وجدول‏'‏ ماندلييف‏'‏ لترتيب العناصر‏,‏ ورصد‏'‏ زويل‏'‏ لتفاعلات تجري بسرعات هائلة‏.‏
لقد كنا كعرب ومصريين‏-‏ رواد الكيمياء والعلوم‏,‏ فهل نتنبه إلي تحسين تعليم كيمياء الغد‏,‏ وتكوين وتأهيل كيميائيي المستقبل‏,‏ ونعمل علي توفير الإمكانيات للشباب لفهم العمليات الكيميائية وتقييم ما ينجم عنها من تبعات‏,‏ فالاهتمام بهذا الفرع من العلوم المشوق إنما يعتبر مصدرا لتحقيق التنمية‏,‏ وعلينا العمل علي نشر‏'‏ ثقافة عامة في مجال الكيمياء‏',‏ لانتفاع الأفراد بالحقائق الكيميائية التي تؤثر في حياتنا اليومية‏,‏ والتي تتيح لنا أن نكون أطرافا معنية بهذه الحقائق‏,‏ ونتمني أن تتضافر الجهود لتصبح إحدي أولويات السنوات المقبلة تحقيق أفضل فهم لاكتشافات العلوم بوجه عام‏,‏ ولاكتشافات الكيمياء بوجه خاص‏.‏
نتأمل عام الكيمياء الذي يكاد ينقضي‏,‏ ففي التفاعل الكيمائي تتحول بعض المواد إلي مواد أخري‏,‏ حيث تتكسر الروابط وتتكون روابط جديدة من خلال التفاعلات الكيميائية‏,‏ لتنتج عنها مواد جديدة‏,‏ لها خواص فريدة‏,‏ ولكن صعوبة الكيمياء تكمن في أننا نتعامل مع جسيمات متناهية الصغر لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة أو حتي بالمجهر‏,‏ ونتابع تفاعلات تجري بسرعة فائقة‏,‏ لا نستطيع أن نرصدها حتي بأسرع أجهزة الرصد‏,‏ ونحصل علي تراكيب لا يمكن التعرف عليها بطرق عادية أو مباشرة‏,‏ فيصبح الأمر غامضا وكأنه من أعمال السحر‏.‏
وعلي الرغم من تعذر رؤية التفاعلات الكيميائية في المختبر فقد فهمنا قواعدها‏,‏ واستوعبنا أسباب التغيير الحادث للمواد‏,‏ وأدركنا كيف يتم تحفيز التفاعل ليتجاوز حاجز الطاقة‏,‏ وعرفنا كيف يمكن إتمام التفاعل‏,‏ وما هي الأسباب التي تؤدي إلي إيقافه‏.‏ ولكن في كيمياء الحياة يصعب علينا فهم التفاعلات السياسية رغم أننا نراها رؤية العين‏,‏ ولا ندري لماذا يتم تسميم التفاعلات الثورية‏,‏ ويلقي عليها بشوائب العمالة والخيانة‏,‏ أو الغازات السامة‏,‏ ويقتل المتظاهرون السلميون‏,‏ وتسحل النساء‏,‏ في محاولة لرفع حاجز الخوف لإجهاض التفاعلات الثورية‏.‏
كيمياء المختبر تكون فيها الحسابات دقيقة‏,‏ حتي نضمن عدم حيود التفاعل أو شططه‏,‏ أو تسميمه أو انفجاره‏,‏ وفي كيمياء السياسة في منطقتنا لم يحسن أحد الحساب‏,‏ فتعرضت التفاعلات للشطط والافلات والانفجار‏.‏
إنه عام غريب‏,‏ وأتصور أنه سيحتل مكانة خاصة في كتب التاريخ‏,‏ فلقد حدثت فيه أشياء كثيرة‏,‏ وسيسجل العالم أنه خصص عام‏2011‏ م لفهم الكيمياء‏,‏ ولكنه سيسجل أيضا أن تفاعلات الشعوب أنتجت كيمياء خاصة جدا تحتاح إلي أعوام طوال حتي نفهمها‏....‏ إن فهمناها‏!!‏
جامعة الإسكندرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.