يقدم ثروت السويفي في ديوانه من وحي يناير تجربة شعرية استمدها من وحي ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة التي فجرت طاقة الشباب المصري الواعد. الشباب الذي استطاع أن يثبت للعالم قدرته علي صنع المعجزات والمساهمة في صناعة تاريخ جديد, ومستقبل أفضل بالثورة علي الفساد والظلم وطغيان وجبروت عصابة من المفسدين حكموا مصر, ومع الثورة تنطلق الكلمة وتحلق في سماء الحرية راكبة جواد الشعر لتشارك الثوار في الميدان يرددونها ويتغنون بها لتخفف من آلامهم ويحلمون بمصر جديدة, رافعة رأس العزة والكرامة في المحافل العربية والدولية. ولشعر العامية حضوره في الأحداث الوطنية لقربه من العامة وسهولة ألفاظه وتأثيره المباشر علي المتلقي, لتحدث نوعا من الفضفضة المريحة تشعر الشاعر بدوره في المجتمع وتحققه من خلال أبياته الحماسية التي تهلب الثوار وتقوي من عزيمتهم فيزدادون تماسكا وإصرارا علي مطالبهم المشروعة في الحرية, وتحقق العدالة الاجتماعية ومايحلم به الشباب في الحصول علي فرصة عمل أو علي مسكن يأويهم أو علي رغيف خبز, هذه الأحلام المشروعة حق مستلب في ظل نظام جائر استلب آدمية الإنسان وكرامته, وسادت سياسة الترهيب والتجويع واختلاق الأزمات لشعب فقير لايمتلك قوت يومه بالإضافة الي الوضع الاقتصادي والسياسي. وقد حرص الشاعر ثروت السويفي من وحي يناير علي أن يعكس صفحة المستقبل في صورته البعيدة كي نمد له أيادينا, لأنه حقيقة رغم اليأس وظلامه الحاضر. كما حرص ان يبذر في كل قصيدة صفحة من صفحات التاريخ سطر ياتاريخ وقصيدة سجل ياتاريخ ليقترب المستقبل: فنراه متمثلا في الثورة ويناير وسجل وسطر الورد المتعطر والشهدا والألوان والمستقبل والماضي و شباب وعصفور ومايتناسب من تعبيرات حسية نراها ونلمسها تنعكس علي صفحة التاريخ, وتؤكد لنا ان المستقبل. ملموس, يمكن الحصول عليه لو أننا راعينا هذه الرموز الحقيقية التي تكمن في هذا الحاضر فيقول: سطر يا تاريخ.. أكتب يازمان علي أطهر ثورة ف أغلي ميدان ثورة تغيير.. ثورة تطهير شراراتها شباب مصر الجدعان سطر ياتاريخ.. وأكتب يازمان إن ثورة يناير وماتركته علي الواقع المصري من تغير وانطلاق الشرارة الأولي تجعلنا ندرك مدي ماننتظره في المستقبل من نهضة في جميع المجالات, فالتاريخ سوف يسطر بحروف من نور مافعله شباب مصر الجدعان, وتذويق هذه الثورة المجيدة بالورد في سنوات الطهر المقبلة, ومايسطره التاريخ هي صفحات جديدة سطرها بدم الشهداء الأبرار, كأنه نيشان علي صدر مصر العظيمة تتباهي به بين الأمم. وتأتي قصيدة سلام مربع تحية للثوار والجيش المصري الذي رعي الثورة وساهم في نجاحها, وقام بعمل تشريفة كبري للشباب صانع الثورة البيضاء صانعة الحرية, وأدي التحية العسكرية لأرواح الشهداء, يضرب أعظم تحية سلام مربع للشهداء الذين تحنت الأيادي بدمائهم وكتبوا فجرا جديدا بالصمود والإصرار, وأيقظوا النائمين من غفوتهم علي صبح ندي ومعطر يقول: أعظم سلام لأطهر ثورة فوق الجميع مصر الحرة آن الأوان ليكي ياصابرة علي الأمان بيكي نعدي تعظيم سلام ليك ياشهيدنا من دمك أتحنت إيدنا وكتبنا بيها فجرا ميلادنا بصمود وأصرار وتحد ويشير الشاعر إلي أمنيته بعد الثورة يناير فيرسم مستقبل مصر في قصيدة سجل ياتاريخنا هذه الثورة التي قامت من أجل عزة وكرامة الشعب المصري, صاحب التاريخ النضالي العريق يقول فيها: وارسم صورة لمصر يناير فيها الحب داير مايدور وسط الصورة عصفور طاير كان قبلها بجناح مكسور بيحلق وبيعلي لفوق بعد ماكسر أسر الطوق وقيام ثورة يناير علي أيدي شبابها الأبطال يجعلنا نشيد بهؤلاء الشباب الحر الثائر الذي استجاب لنداء مصر إلي أبنائها للمساهمة في صناعة غد أفضل. فعاشت مصر غالية علي مر الأجيال تحت راية المحبة والإخاء والوحدة والوطنية ووأد الطائفية التي يحاول البعض تأجيجها يقول: الله ع الوحدة الوطنية آدي الصليب حضن هلالنا بينادي لأيامنا الجاية الكل ف واحد دا شعارنا والحب حيفضل عنوانا مع بعض حيكمل مشوارنا والأيد ف الأيد أبد الآبدين عيشتي ياغالية.. رايتك عالية حماكي المولي دنيا ودين كلنا أيد واحدة وحبل متين. ويظل الشاعر يتغني بحب الوطن طوال رحلته في تجربته الشعرية التي أوحت له ثورة يناير في ديوان من وحي يناير علي مدار قصائده( بنحبك هيلا هيلا حلوة يامصر بشوق متحني وليه الفخر عشنا وشفناكي والله احلويتي وصبرتي ونلتي ارفع راسك احنا الشباب الله عليك علي وتر القلب آدي الليالي الحلوة) كل هذه التجارب الشعرية التي صاغها في صورة إرهاصات تحقق الحرية علي أيدي الشباب الذي يفخر بكونه مصريا فيقول: وليه الفخر. أقول أنا مصري وحروف مصر.. وسام علي صدري أقول واتباهي.. بكل نزاهة تزيدني وجاهة. تعطر عمري أيوه أنا مصري. وأمي دي مصر كلمة مصري. دي عزة وفخر وليه الفخر.. أقول أنا مصري إن ثورة يناير وما أحدثته من نقلة نوعية في تاريخنا المصري يجعلنا نفخر بكوننا مصريين أصحاب تاريخ عريق وحضارة مجيدة, يسطرها التاريخ الحديث بحروف من نور, ويتباهي بها الشباب علي مر العصور. وسوف تظل ملهمة الشعراء والكتاب وأولي ثمراتها ديوان من وحي يناير للشاعر الغنائي ثروت السويفي الذي امتعنا بتجربته التي فجرتها روح الثورة وتنسمت قصائده بعبير الحرية وميلاد فجر جديدة لاحت بشائره في سماء مصر الحبيبة. إبراهيم عطية أديب وناقد