أننا سألنا مائة شخص عن السن التي توفي عندها عزالدين ذو الفقار لأجاب تسعة وتسعون منهم بأنه توفي بين الستين والسبعين, أما المائة فإنه سيجيب بانه تخطي الثمانين. لوغير ان الواقع يقول ان المخرج الرومانسي الشهير رحل في الرابعة والاربعين من العمر28 اكتوبر1909 23 يوليو1963 ما يدفعنا الي قول ذلك هو أن الأفلام التي قدمها ذو الفقار( اكثر من ثلاثين فيلما) تشير الي قدرات وخبرات كبيرة في عالم الاخراج بغض البصر عن حكمك علي مستواها الفني واعجابك بها من عدمه ف الشموع السوداء ونهر الحب وبين الاطلال وغيرها تحتاج الي مخرج مخضرم ليقدمها وليس مخرج لم تكمل رحلته الفنية من بدايتها لنهايتها خمسة عشر عاما. ولان عزالدين هو ذو الفقار فانه واحد من تلك العائلة التي تنجب ضباطا يتجهون الي الفن وهو ايضا كان ضابطا في الحربية وتقول الموسوعات انه استقال بسبب الفن وهو برتبة يوزباشي غير ان العواجيز والمخضرمين المعاصرين لفترة الاربعينيات او حتي الخمسينيات والستينات يشيرون الي اكتئاب اصاب مخرجنا نتيجة فقده لوالده وللمخرج كمال سليم دفعة واحدة مما جعل طبيبه ينصحه بالابتعاد عن العسكرية والعمل في مجال ابداعي. جرب عز حظه مع الاخراج فوجده وفيرا وهكذا انطلق سريعا, وبدأ في تقديم أفلام الانتاج الكبير مباشرة وفي غضون سنوات قليلة اصبح عزالدين ذوالفقار هوالبريمو والاعلي أجرا خمسة آلاف جنيه مقدما وقدم أفلاما تراوحت في مستواها الفني لكنها اشتركت في انها جميعا علامات, إما في الاثارة أو الرومانسية أو كأفلام تندرج في أي قائمة للاكثر اهمية أو جدية( امرأة في الطريق نموذجا). ومهما كان موضوع الفيلم الذي يقدمه او طبيعته فان هناك نزعة رومانسية تظل في أعماله هذا الي جانب الأفلام الرومانسية الصرفة من الجلدة للجلدة( بين الاطلال مثلا) ونعتقد ان الكثيرين منا تقريبا يحفظون مقدمة هذا الفيلم بصوت عماد حمدي من أول ايتها الشمس لا تغربي وحتي فاذكريني الي درجة انه بهت علي موسي صبري وهو يكتب نقدا للفيلم فقال ان الحرمان الذي يتلوي فيه عزالدين ذوالفقار المخرج الممتاز هو سر نجاح الفيلم وأكاد اتصور هذا الرجل يعصر الألم في قلبه والدمع في جفنيه والفراغ الضخم بين ضلوعه واسي الذكريات ونواح الفجيعة يعصر كل هذا في قسوة عاشق وحيد ويقدمه للناس فنا يمزق القلوب ويجري الدموع. أما عن قلب ذو الفقار فإنه تحرك مرة واحدة شهيرة وتزوج حبيبته وأم ابنته الفنانة فاتن حمامة وقدما معا أفلاما أكبر قليلا من درجة مهمة ثم حدث الطلاق المعتاد وعلقت هي علي ذلك بأن العلاقة بينهما كانت علاقة تلميذة منبهرة باستاذها أكثر منها علاقة حبيبين. رحل عزالدين ذوالفقار مبكرا, وهو دون الرابعة والاربعين وكأنه عاش مائة عام وربنا يرحم الجميع.