مابين إرادة شعب وثورة وطن... مابين باحث عن عودة الهوية المصرية وضارب بأكف من حديد في وجه دعاة الخلافة والولاية.. مابين رافع لشعار عودة الوطن لأبنائه بشخصيته المصرية المعروفة وبين داع للسمع والطاعة والانسياق وراء النص دون إعمال للعقل.... كانت ثورة30 يونيو إيذانا جديدا ببدء صفحة بين العقل واللاعقل بين المنطق والخزعبلات بين الفكر وعامل الضلالات... كانت الثورة بمثابة إغلاق تام.. ومتفجرات دون شظايا تعلن للجميع نهاية محتومة لمن يتلاعبون بالسياسة تحت ستار الدين. ومما لاشك فيه أن هؤلاء حاولوا استغلال الدين في الحياة لتحقيق أغراضهم وأهدافهم السياسية واستغلال الناس لقضاء حوائجهم تحت شعار الدين الحلال والحرام يخدرون بأوهامهم وأكاذيبهم وخداعهم الشعب بحجة أن الدين يأمرهم بالسمع والطاعة.. وأصبح الدين عندهم أداة قوية للسيطرة علي البسطاء وصناعة القرار والتحكم في مصائر الشعب. هكذا كان حال جماعات المتلاعبين بالدين خاصة بعد ثورة25 يناير عام2011 إلا أن التستر وراء الدين بالسياسة أمر يرفضه العقل والمنطق والإسلام منه براء واستغلال الدين في تحقيق مصالح سياسية من أجل تحقيق مآرب محددة سلفا وهذا ما كشفته ثورة30 يونيو بعد أن فضحت غيهم وجعلت المصريين يرفضون تماما محاولات خطف الوطن لتنفيذ مخططاتهم الشيطانية تحت عباءة الدين. ونسي هؤلاء أن نظام الحكم في الإسلام مدني( أي نابع من إرادة الشعب) لا ديني( أي صادر عن إرادة ربانية أو تفويض رباني) وهذا هو المعني الذي فهمه صحابة الرسول والمسلمون الأوائل, فقد قال أبو بكر عندما ولي الخلافة: وليت عليكم ولست بخيركم, فان أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني وكشفت ثورة30 يونيو محاولات تطبيق المقولة القديمة المنسوبة إلي أحد زعماء العرب, الدين طير حر, من صاده قنص به التي لخصت العلاقة النفعية من الجماعات الدينية المسيسة, في توظيف هذا الدين العظيم في غير أهدافه ومقاصده, في سوق السياسة والاقتصاد والصراعات المذهبية والطائفية. وتاريخيا كان أول توظيف سياسي للدين مشهد رفع المصاحف طلبا للتحكيم في الصراع بين علي ومعاوية, ليتطور بعد ذلك ليرفع الخوارج شعارهم لا حكم إلا لله غطاء شرعيا لرفضهم شرعية خلافة الإمام علي رضي الله تعالي عنه, وتأصل هذا التوظيف واستمر علي يد خلفاء بني أمية وبني العباس وبني عثمان إلي سقوط نظام الخلافة علي يد أتاتورك1923 لكن التسييس الديني مستمر إلي يومنا هذا وتتصدي له الدولة بتوعية المواطنين بخطورة هذا الفكر. علماء الدين أكدوا أن ثورة30 يونيو قضت علي كافة صور الاتجار بالدين وتوظيفه من قبل بعض الجماعات والأفراد من أجل تحقيق مكاسب شخصية سياسية, واصفين ذلك بأنه فساد بين وتجارة خاسرة, وخزي في الدنيا والآخرة لأن الله سبحانه وتعالي أمر بألا يتم إقحام الدين في أية صراعات تزيد الشقاق في صفوف المجتمع. العالم الأزهري الدكتور عصام الروبي قال إن هناك إشكالية قائمة وهو أن هناك من استغل الدين ودخل تحت عباءته بعض المنتسبين وأدعياء الدين المتنطعين والمتشددين بحجة أن الإسلام أقام دولة دينية محضة مضيفا أن ثورة30 يونيو ساعدت في القضاء علي جماعات حاولت إقحام الدين واستغلاله كمطية للوصول إلي كرسي وكسب سياسي وألبسوا علي الناس لباسا بحجة أنهم يريدون إقامة دولة دينية وهذا شعار للوصول إلي ما تصبو إليه أنفسهم وهذا ما عمت به البلوي. أضاف أنه ما جري علي الناس غلطا كثيرا كمفهوم الدولة لها مؤسسات وبين الدين الذي هو عبادة وشريعة ومنظومة دينية إنسانية راقية ترقي للإنسان بينه وبين الله مشيرا الي أنه بقيام ثورة30 يونيو والقضاء علي جماعة الإخوان وبعض المنتسبين تم قطع الطريق للتوغل في السلطة أكثر وأكثر حيث أنهم كانوا سيفرضون نظاما دينيا وفق أهدافهم ولكن قيض الله لمصر جيشا عظيما استطاع هو وكافة المؤسسات الأخري من شرطة وإعلام وشعب عظيم اقتلعوا جذورهم عن بكرة أبيهم وحالوا بينهم وبين تنفيذ هذا المخطط تحت عباءة الدين ومن جانبه, أكد الدكتور محمد المحرصاوي رئيس جامعة الأزهر أنه للأسف في السنوات الأخيرة التي سبقت30 يونيو زاد نشاط تلك الجماعات التي تتلاعب باسم الدين مشددا علي ضرورة توعية الناس بخطورة الذين يوظفون الدين من أجل مآرب خاصة, ويتظاهرون بالتدين ويدعون أنهم يمثلون الدين الحنيف وهو منهم براء خاصة أن ديننا الحنيف وهو الذي يدعو إلي الوسطية والاعتدال يرفض مثل هذه الممارسات خاصة أن تلك الجماعات تظهر خلاف ما تخفي ويعلنون أنهم يدافعون عن مبادئ وقيم وتعاليم الإسلام ومبادئه ويخفون في صدورهم حقيقة ما يريدون من أطماع دنيوية يسعون إليها دون مصلحة عامة للوطن وأشار المحرصاوي إلي أن الاتجار بالدين أمر مرفوض شرعا وأنه لا يجوز توظيفه لتحقيق مكاسب شخصية حتي لا يتحول إلي مصدر للفرقة والشقاق ومن ثم يتحول لتجارة خاسرة لذا قال تعالي أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدي فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين), وكذلك قول الله عز وجل:( أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون وقال إن ثورة30 يونيو قضت تماما علي أحلام تلك الجماعات المأجورة التي كانت تهدف للسيطرة علي كافة الأمور مشيرا إلي أن الأزهر الشريف اتخذ عدة إجراءات لمواجهة الموجة الجديدة من الإرهاب وذلك من خلال إطلاق قوافل من وعاظ الأزهر الشريف للتواصل مع المواطنين ونشر الثقافة الإسلامية وتعاليم الإسلام وقيمه السمحة التي لا تعرف الغلو ولا الشطط, ولا التطرف ولا التعصب المذهبي والسياسي. الدكتور محمد عبد الفضيل القوصي وزير الأوقاف الأسبق ونائب رئيس مجلس إدارة الرابطة العالمية لخريجي الأزهر أكد رفضه التام لتوظيف الدين من أجل تحقيق مكاسب دنيوية موضحا أن القرآن الكريم حذر من ذلك في كثير من الآيات من هذه التجارة الخاسرة قائلا: للأسف تلك الجماعات والفصائل التي تصف نفسها بالإسلامية أفعالها تتعارض مع صحيح الإسلام وتم افتضاح زيفهم وادعاءاتهم الباطلة. وأشار إلي أن استغلال الدين بصورة مغلوطة أدي إلي انتشار أفكار التنظيمات المتطرفة في مختلف دول العالم و حوادث القتل والتخريب خير دليل خاصة تنظيم داعش الإرهابي قائلا نجحنا خلال فروعنا المنتشرة في دول العالم في تبني إستراتيجية جديدة تحت شعار الأمن الفكري لمواجهة ظاهرتي العنف والتطرف, تضمنت سلسلة من القوافل الدينية والثقافية والفكرية, والمؤتمرات والندوات بمشاركة نخبة من خريجي الأزهر المنتشرين في دول العالم. الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية شدد علي أن تلك الجماعات تستغل العاطفة الدينية عند الشعب لتشن هجمات علي الثوابت لتشويه صورة الإسلام وبث الأفكار المتطرفة لدي الشباب ويلوون أعناق النصوص الشرعية لتسخيرها في تبرير أعمالهم الإجرامية ومما يؤكد أن استغلال شعارات دينية من قبل جماعات تمارس ممارسات تختلف عن شعاراتهم مما ينذر بحدوث كوارث تؤدي إلي ارتفاع نسبة الإلحاد أشارا لدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية إلي أنه تم رصد زيادة في نسبة الإلحاد بمصر خاصة عقب العام الذي سيطرت فيه جماعة الإخوان علي الحكم بالبلاد نظرا لاستخدامهم شعار الإسلام هو الحل, ودار الإفتاء قامت بمعالجة الكثير من حالات الإلحاد خلال الفترة الماضية, وإعادة الملحدين إلي المنظومة مرة ثانية يحتاج إلي جهد كبيرو هو ما تقوم به دار الإفتاء الآن من أجل معالجة التشوهات الفكرية التي طالت الشباب المصري. ولم يكن التحذير من الجماعات التي تتلاعب باسم الدين وتستغله وليد اللحظة ولكن أصدرت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف نداء للأمة بشأن جماعة الإخوان وذلك عام1954 قالت فيه: هذا نداء من جماعة كبار العلماء بالأزهر الشريف, نتجه به إلي الشعب المصري الكريم وإلي سائر المسلمين...أيها المسلمون: إن الدين الإسلامي دين توحيد ووحدة وسلام وأمان, وهو لذلك رباط وثيق بين الناس وربهم, وبين المسلمين بعضهم وبعض, وبينهم وبين مواطنيهم ومن والاهم من أهل الكتاب, فليس منه تغرير ولا تضليل, وليس منه تفريق ولا إفساد, ولا تآمر علي الشر ولا العدوان, وقد قام الإسلام من أول أمره علي هذه المبادئ, فجمع بين عناصر متنافرة, وقرب بين طوائف متباعدة, وأقام حياة المجتمع الإسلامي علي أسس قوية كريمة, وقد ابتلي المسلمون في عصورهم المختلفة بمن أخذوا تلك المبادئ علي غير وجهها الصحيح, أو لعبت بعقولهم الأهواء, فجعلوا منها باسم الدين وسائل يجتذبون بها ثقة الناس فيهم, ويستترون بها للوصول إلي غاياتهم ومطامعهم, والتاريخ الإسلامي حافل بأبناء تلك الطوائف التي شبت في ظلاله, وزعمت أنها جنود له, ثم كانت حربا عليه أشد من خصومه وأعدائه. وما حدث قبل ثورة30 يونيو من محاولات من قبل جماعة الإخوان المسلمين من السيطرة علي الأزهر الشريف لاستكمال مخطط استغلال الدين خاصة أن الأزهر هو المؤسسة الوحيدة التي تتصدي لكافة الجماعات التي تتحدث باسم الدين ولما يلقاه الأزهر من احترام لدي المصريين والعالم أجمع حذر منه فضيلة الإمام المراغي منذ عقود من الزمن حينما قال.. الجماعة أحلت لنفسها الفتوي في الدين وسعت أن تكون جماعة بديلة لمشيخة الأزهر.. ولا بد من حلها وطالب الشيخ المراغي من رئيس الوزراء أحمد ماهر حينها حل جماعة الإخوان. ويتفق أساتذة وعلماء دين أن ثورة30 يونيو أعادت شعار الدين لله والوطن للجميع.... الدولة مدنية لها ديانة رسمية وتتسع لكافة الأديان الأخري ليس فقط ولكن حافظت علي هوية الدولة واستقلال الأزهر قبلة المسلمين العلمية لتعلم العلوم الشرعية والعربية والعلوم الطبيعية والإنسانية ومركزا للوسطية والاعتدال تلك المؤسسة الدينية العلمية الإسلامية العالمية الأكبر التي تعرض شيخها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الي مضايقات وصلت لحد المؤامرات لإجباره علي ترك منصبه ليكون الأزهر لقمة سائغة في أيدي الجماعات الدينية حقيقة هذا الرجل تحمل الكثير هو ورئيس جامعة الأزهر وقتها الدكتور أسامة العبد رئيس لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب الحالي الأمر الذي وصل إلي محاصرة مشيخة الأزهر وتحطيم مكتب رئيس جامعة الأزهر وسيارته الخاصة الإمام الطيب الذي أكد وقتها أنه لن يترك مشيخة الأزهر لأنه كان يدرك تماما خطورة وصولهم الي كرسي المشيخة الذي كان بالنسبة لهم وقتها أهم من رئاسة البلاد خاصة أنه من خلال الأزهر يتم السيطرة علي العديد من الدول وليس مصر فقط وأنهم يستطيعون من خلال منبر الوسطية والاعتدال بث ما يريدون من أفكار علي أنها نابعة من داخل كعبة العلم وبعد كل الضغوط علي شيخ الأزهر ورئيس جامعة الأزهر للرحيل جاءت مؤامرة تسمم الطلاب بالمدينة الجامعية للأزهر وانقلبت الدنيا رأسا علي عقب وتظاهر مئات الطلاب من جامعة الأزهر بالقاهرة أمام مبني إدارة الجامعة, الثلاثاء30 أبريل2013 للمطالبة بإقالة شيخ الأزهر ورئيس الجامعة الدكتور أسامة العبد ونوابه الخمسة بعد تكرار حادثة تسمم طلاب المدينة الجامعية بسبب تناول طعام فاسد وأمر الرئيس المعزول محمد مرسي بفتح تحقيق في حادثة التسمم التي تعد الثانية في أقل من شهر بعد قيامه بزيارة لطلاب جامعة الأزهر الذين أصيبوا بتسمم غذائي وأعلن الطلاب اعتصاما مفتوحا داخل الجامعة وأغلقوا أبواب مبني إدارة الجامعة ومنعوا الموظفين من الدخول أو الخروج وحاصروا مبني مشيخة الأزهر مستخدمين نظرية ميكافيلي والتي تقول أن الغاية تبرر الوسيلة بل هم استخدموا الدين لكي يصلوا إلي السلطة ومن أجل الأهداف الدنيوية فقط وليس شيء أخر. وسرعان ما تطورت الأحداث واستمر شيخ الأزهر علي موقفه الرافض لسيطرة الجماعة علي الأزهر مصطدما بكافة الأمور التي تخرج عن وسطية واعتدال الأزهر رافضا قانون الصكوك وغيرها من محاولات الهيمنة واستخدام الدين للتلاعب بمشاعر الناس وعقولهم من أجل الو صول إلي الحكم والسلطة وأن الله أنزل هذه القوانين الدينية لكي يعبدوه بها وليس لكي يستخدموه لأغراضهم الخاصة في الزحف نحو السلطة رافضا نشر الفتنة أو التفرقة بين أبناء الوطن الواحد تحت مسمي هذا مسلم وهذا غير مسلم وأن سيدنا محمد بعث للخلق أجمعين ولم يبعث لجماعة بعينها وجاءت ثورة30 يونيو لإنقاذ المجتمع المصري والأمة الإسلامية والعربية من المشروعات الوهمية باسم الإسلام والتي كان يتم الادعاء بأنها القادرة علي تغيير مجريات الأمور في مصر في أيام وشهور معدودة وأن هذا المشروع قد بني علي أسس إسلامية. وشارك الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف في بيان3 يوليو وأعلن دعمه لبيان خارطة الطريق, كلمات الطيب التي قالها من خلال بيان مقتضب تعتبر هذه دعم المؤسسة الدينية لخارطة الطريق, وتأتي هنا أهمية كلمة المؤسسة الدينية في عدة أمور أهمها أن الجانب الآخر الذي كان مناهضا لخارطة الطريق وهم جماعة الإخوان وأنصارهم اعتبروا3 يوليو ضد الدين الإسلامي ولكن ظهور شيخ الأزهر في البيان يقضي علي ذلك. ومما يؤكد ذلك وأن تلك الجماعات تعمل لمصالحها الشخصية هو بعد خروج الشعب المصري رافضا الوصاية باسم الدين أو تحولنا إلي ولاية الفقيه أقصد المرشد مثل إيران ليس هناك فرق كبير.. فالفظان مختلفان لكن المعني والمضمون واحد وادعاءات الدفاع عن الشرعية بالخروج علي الدولة بالعنف والمظاهرات والتعدي علي الجيش والشرطة والذي يخرج تماما عن حدود الشرعية والشريعة والدين والدستور وهذا ما أكده الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية السابق والذي قال ما تفعله جماعة الإخوان خارج عن حدود الشرعية والشريعة وأضاف واصل أن الإسلام يأمرنا بتحقيق الأمن وشرعية الرئيس مدنية اكتسبها بانتخاب المواطنين له, وليست خلافة من الله, وعندما يخرج الشعب بسلمية ويطالب بتغيير الحاكم, فلابد أن يخضع الرئيس لهذه الإرادة التي أتت به حتي لا تحدث فتنة ويقتل الناس بعضهم وما حدث في30 يونيو هو نفس ما حدث في25 يناير, وكان يجب أن يخضع الرئيس لهذه الإرادة ويعود للشرعية المدنية بإجراء انتخابات مبكرة أو الاستفتاء علي بقائه لكنه أصر علي موقفه, فأسقطه الشعب, وما حدث مع مرسي هو ما حدث مع مبارك.