في ريعان شبابه, كان ح.ي عاشقا متيما بشخصية الفنان الراحل أحمد زكي في فيلمه الشهير النمر الأسود الذي لعب فيه الأسطورة السمراء دور محمد حسن المصري الذي هاجر إلي ألمانيا ليصبح واحدا من أشهر الملاكمين في بلاد الفرنجة, فمن سمار وجهه اكتسب شهرة ما بعدها شهرة, خاصة وقد منحه الله الصحة والعافية التي لم يصنها, بعد أن سلك طريق الشر مستغلا قوته الجسمانية في ارتكاب الجرائم الواحدة تلو الأخري دون أن يضع اعتبارا لأحد. جاءت نشأة ح داخل منطقة شعبية معروفة بمدينة أسوان تجمع بين عادات وتقاليد أبناء البلد ونفوس مريضة بالإجرام, فاختار طريقا مضادا لعائلته المعروفة بالطيبة وحسن الخلق, وكأن جيناته الوراثية غير جينات أشقائه الذين كانوا حريصين علي مستقبلهم, فكانت النتيجة فشله في التعليم وهروبه المستمر من المدرسة, الأمر الذي دفع أبيه لإلحاقه بالعمل لدي إحدي الورش لعله يكتسب مهنة يرتزق منها رزقا حلالا. لم تمض شهور قليلة حتي عاد ح إلي سيرته الأولي من الغياب المتكرر عن الورشة, فلم يجد صاحبها سوي طرده بعد أن حذره عشرات المرات ليعود إلي أبيه وهو يجر أذيال الخيبة, فكانت هذه هي نقطة بداية النهاية, فخرج باحثا عن سبيل آخر يسلكه مهاجرا إلي خارج المدينة, حيث توجه إلي إحدي قري مركز كوم أمبو التي تعلم فيها احتراف وإتقان الجريمة, وأطلق علي نفسه لقب حربي الأسود مشبها نفسه بالفنان أحمد زكي. لعدة سنوات ظل خلالها متنقلا بين القري والمراكز في عدة محافظات مستغلا ملامحه التي كانت لا تعبر عن سلوكه علي الإطلاق حتي مات أبوه حزنا وكمدا علي فلذة كبده, فعاد الأسود مرة أخري إلي أسوان ليواصل مغامراته الإجرامية بحرية أملا في الوصول إلي أطماعه التي كانت بلا حدود. وبعد وصوله إلي سن الرابعة والخمسين, جدد أولاد الحلال من الأهل والأصدقاء مساعيهم للإصلاح, خاصة وقد اقترب عمر الأسود من محطاته الأخيرة, إلا أن دمه الأحمر كان قد تشبع بالإجرام الأسود, فلم يستمع إلي نصيحة أحد ولم يلق بالا بأن القدر قد أنقذه من52 قضية متنوعة كان قد تورط فيها ليعود من جديد للإتجار في المخدرات, الأمر الذي لفت انتباه رجال المباحث بمديرية الأمن, فتم وضعه تحت الرقابة المشددة, حيث وجه اللواء فتح الله حسني مساعد وزير الداخلية لأمن أسوان إلي سرعة ضبطه. وأمام العميد محمود عوض مدير المباحث الجنائية, وضع رجال مكافحة المخدرات تحرياتهم حول الأسود, وهي المعلومات التي أكدت قيامه بتوزيع كمية من البانجو علي عدد من تجار التجزئة, وبعد تقنين الإجراءات واستئذان النيابة العامة تم مداهمة المنطقة وضبطه وبحوزته ما تبقي من كمية المخدرات, بالإضافة إلي بندقية خرطوش تركية الصنع, حيث تم عرضه علي النيابة التي أمرت بحبسه علي ذمة التحقيقات.