بعد آخر معارضها المقام في قاعة سفر خان بالزمالك عام2009 قضت نازلي مدكور عامين تستشرف ربيعا غاب عن لوحاتها التي سكنتها الصحراء القاتمة لسنوات. وفي معرضها الجديد المقام بقاعة أفق واحد بعنوان وأتي الربيع تتفجر الزهور وأوراق الأشجار المتطايرة بعيدا عن مواطنها لتدمج بين ربيع ينبض بالحياة وخريف قاتم يرقد علي أطراف اللوحة ويتسلل ليسكنها في أحيان كثيرة. في هذا المعرض تستمر نازلي مدكور في استخدام الطبيعة للتواصل مع العالم الداخلي للإنسان فبينما تتجول في معرضها تصحبك نازلي مدكور في رحلة أخري داخلك انت تستعيد فيها مزيجا مختلفا من المشاعر التي تتحرك بتحرك الألوان علي أقمشة اللوحات وهو ما تؤكده مدكور بقولها: منذ بداية عملي كانت الطبيعة بوابة للتواصل مع عالمي الداخلي فأنا اكتشف نفسي من خلال اللوحات وعن اسم المعرض تقول نازلي مدكور إن اختيار الاسم ارتبط بالثورات العربية التي أتت بالأمل والبهجة, ولأن البهجة والأمل لا يسكنان كل لوحات معرضها تستدرج الفنانة فتقول: هناك لوحات تعكس مساحات من الاضطراب والقلق, ورغم انني أرسم الحياة لا الثورة إلا أني أجد ان الثورات تشبه الحياة في اضطرابها وارتباكها فالتعثرات التي تشهدها الثورة حاليا تكتنف حياتنا بشكل شبه مستمر وتجد صدي لها داخل كل فرد لهذا تسللت هذه الاضطرابات والتعثرات لتجد مكانا لها في لوحات المعرض. وتؤكد نازلي مدكور أن مساحة التأمل في معرضها المقام حاليا بقاعة أفق واحد بمتحف محمود خليل التابع لقطاع الفنون التشكيلية, تتسع لتتجاوز الرصد الذي كان مسيطرا علي معارضها السابقة وتقول: موضوع هذا المعرض المعتمد علي مفردات جزئية كالورود والمياه وأوراق الأشجار منحني مساحة أكبر للتجريد وبالتالي مساحة اكبر للتأمل, هذا المعرض ليس به أي مساحات واسعة للسرد البصري كما في المعارض السابقة التي تعتمد علي استكشاف مفردات الأرض والطبيعة والتواصل معها للولوج من خلالها إلي عالمها الخاص. وفي هذا المعرض لا تستكشف نازلي مدكور مفردات معرضها ولكنها تحولها إلي مفردات في لغة للحديث مع النفس لتأمل الأحوال والمشاعر والتحولات الإنسانية التي تهدر في لوحاتها عبر ألوان تصرخ حينا وتهدأ حينا, عبر ضربات الفرشاة وثقل المعاجين التي تضج بها لوحات المعرض المستمر حتي الثامن عشر من يونيه الجاري.