نائبًا عن رئيس الجمهورية.. محافظ كفر الشيخ يشهد احتفالية الأوقاف ب العام الهجري الجديد 1446    «الجودة والمنظومة».. أول تصريحات لوزير التموين بشأن الرغيف المدعم (تفاصيل)    ريمونتادا تقود هولندا إلى نصف نهائي يورو 2024 على حساب تركيا.. فيديو    الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية: إسرائيل لا تستطيع العمل بمفردها    موعد مباراة هولندا وإنجلترا في نصف نهائي يورو 2024    كلب يعقر 11 شخصا بمنطقة سوزان فى المنوفية    السيطرة على حريق في حشائش الغاب بجوار المنطقة الصناعية ببني سويف    مي كساب تتغزل في زوجها: الجنرال واحد بس عم الشغلانة (صورة)    عمرو موسى للقاهرة الإخبارية: سياسة إسرائيل عنصرية    إيلون ماسك يفجر مفاجأة بشأن تطبيق واتساب.. ماذا قال؟    الوزراء: جاري العمل على تسريع تنفيذ مبادرة زراعة 100 مليون شجرة    مانشستر يونايتد لا يمانع رحيل لاعبه إلي الدوري الإسباني    متحدث الوزراء يكشف توجيهات مدبولي بشأن مشروع تلال حدائق الفسطاط    لميس الحديدى عن رحيل أحمد رفعت: خبر حزين فاجأ الشارع والوسط الرياضى    متخصص فى الشأن السودانى: قمة القاهرة نقطة فارقة فى مسار حل الأزمة السودانية    طبيب الراحل أحمد رفعت يكشف تفاصيل حالته الصحية قبل وفاته    قافلة طبية مجانية ضمن «حياة كريمة» في قرية الكشاكوة بكفر الشيخ لمدة يومين    تركي آل الشيخ: مصر تسبقنا في الخبرات الفنية.. وشراكتنا تهدف للتكامل    دعاء النبي وأفضل الأدعية المستجابة.. أدعية العام الهجري الجديد 1446    من مسجد السيدة زينب.. بدء احتفال وزارة الأوقاف بالعام الهجري الجديد    المقاومة الفلسطينية تعرض مشاهد من أبرز عملياتها لقنص الجنود اليهود    ارتفاع واردات السيارات المستوردة بنسبة 5.3% فى مصر خلال أول 5 أشهر    شولتس يجري اتصالا هاتفيا برئيس الوزراء البريطاني الجديد    ننشر أقوال إمام عاشور بواقعة تعديه على فرد أمن مول بالشيخ زايد    رسميًا.. وزير الصحة يعد بإنهاء أزمة نواقص الأدوية في هذا الموعد (فيديو)    3 قرارات.. نتائج جلسة المناقشة الثانية لمجلس نقابة المحامين    المروحة تبدأ من 800 جنيه.. أسعار الأجهزة الكهربائية اليوم في مصر 2024    محافظ القاهرة يتفقد أحياء المنطقة الجنوبية    إستونيا تعلن تزويد كييف بمنظومات دفاع جوي قصيرة المدى    البابا تواضروس يشهد سيامة 24 كاهنًا جديدًا للخدمة بمصر والخارج    جامعة أسيوط تنظم حفل تخرج الدفعة رقم 57 من كلية التجارة    لأول مرة.. هروب جماعى لنجوم «الفراعنة» من أوليمبياد باريس    ضمن «حياة كريمة».. 42 وحدة صحية ضمن المرحلة الأولى من بني سويف    رانيا المشاط.. الاقتصادية    كلاكيت تاني مرة.. جامعة المنيا ضمن التصنيف الهولندي للجامعات    ناجلسمان يتطلع للمنافسة على كأس العالم بعد توديع ألمانيا ليورو 2024    عماد حسين: الحوار الوطنى يحظى بدعم كبير من الرئيس السيسي    خلال جولة رئيس الوزراء فى حديقة الأزبكية .. الانتهاء من أعمال التطوير بنسبة 93%    نتيجة الدبلومات الفنية 2024 (صناعي وزراعي وتجاري).. خطوات الحصول عليها    تأجيل محاكمة 3 مسؤولين بتهمة سرقة تمثال من المتحف الكبير لجلسة 7 أكتوبر    أيام الصيام في شهر محرم 2024.. تبدأ غدا وأشهرها عاشوراء    المركز المسيحي الإسلامي يُنظم ورشة للكتابة الصحفية    هل نجح الزمالك في إنهاء أزمة إيقاف القيد ..مصدر يوضح    وفد من جامعة «كوكيشان» اليابانية يتابع الخطة التدريبية للمسعفين    انطلاق أولى حلقات الصالون الثقافي الصيفي بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية    أجواء مميزة وطقس معتدل على شواطئ مطروح والحرارة العظمى 29 درجة.. فيديو    "مات أحمد رفعت وسيموت آخرون".. مالك دجلة يطالب بإلغاء الدوري وتكريم اللاعب    لطلاب الثانوية العامة، أفضل مشروبات للتخلص من التوتر    وزير الخارجية: مصر تسعى لدعم دول الجوار الأكثر تضررًا من الأزمة السودانية    خبيرة فلك: ولادة قمر جديد يبشر برج السرطان بنجاحات عديدة    مصر وسوريا تشددان على الرفض التام لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين.. الرئيس السيسى يؤكد ل"الأسد" مواصلة الجهود الرامية لوقف إطلاق النار بقطاع غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية بصورة مستدامة    مفتى الجمهورية: التهنئة بقدوم العام الهجرى مستحبة شرعًا    ما الحكمة من اعتبار أول شهر المحرم بداية العام الهجري؟ الإفتاء تُجيب    ماذا يريد الحوار الوطنى من وزارة الصحة؟...توصيات الحوار الوطنى تضع الخطة    «في الساحل الشمالي».. شوبير يكشف عن أولى صفقات الأهلي (فيديو)    احتفالات السنة الهجرية الجديدة 1446 في العراق    «استحملت كلام كتير».. رد ناري من جمال علام على خروج إبراهيم عادل من معسكر المنتخب الأولمبي    تسنيم: بزشكيان يتقدم على جليلي في الفرز الأولي لأصوات الانتخابات الرئاسية الإيرانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السفارة الإسرائيلية بالقاهرة‏..‏ تاريخ من التوتر
نشر في الأهرام المسائي يوم 16 - 05 - 2011

كنا نعتقد أن المسافة بين القاهرة وتل أبيب ساعة واحدة بالطائرة‏,‏ غير أننا اكتشفنا أن المسافة أطول من ذلك بكثير‏.‏
لم تكن ميشيل ميزائيلي‏,‏ زوجة السفير السادس لإسرائيل بالقاهرة تدري وهي تكتب هذه الجملة أنها تلخص ما يمكن كتابته في مجلدات حول طبيعة العلاقة بيننا وبينهم‏,‏ ولولا أن مصر اختارت السلام عقب انتصارها التاريخي في أكتوبر‏1973‏ ولولا أن البروتوكولات الرسمية تقتضي تمثيلا دبلوماسيا ما‏,‏ لما أمكن لإلياهو ابن اليسار أن يصل مصر بصفته أول سفير إسرائيلي بها في الثلاثاء‏26‏ فبراير‏1980‏ وأن يرتفع العلم الإسرائيلي في إحدي فيلات حي الدقي بمحافظة الجيزة‏,‏ باعتبار أن هذه الفيلا أرض إسرائيلية كما جرت الأعراف الدولية‏.‏
لم يستقبل المصريون الفيلا ولا العلم ولا السفير بالورود‏,‏ بل إنهم استقبلوها بالمظاهرات والاحتجاجات من الإسكندرية إلي أسوان‏,‏ وكانت قمة هذه الاحتجاجات الواقعة التي كان بطلها سعد ادريس حلاوة الذي استشهد في ذلك اليوم‏.‏
لم تستمر السفارة طويلا في مكانها لعدة اعتبارات‏,‏ منها قانونيتها‏,‏ فالقانون يحظر علي حاملي جواز السفر العبراني تملك الأراضي في مصر‏,‏ والسفارة بهذا الوضع هي أرض إسرائيلية بالمخالفة للقانون‏,‏ وثانيا لأنه لا أحد يضمن استمرار السفارة في هذا المكان بعيدا عن التهديد الأمني‏,‏ وبالتالي تم نقل السفارة إلي العمارة الشهيرة‏,‏ وكم كان الكاتب يوسف معاطي موفقا في اختيار اسم الفيلم الشهير السفارة في العمارة بغض النظر عن تأييد رؤية الفيلم من عدمها‏.‏
احتلت السفارة طابقين من العقار رقم‏6‏ بشارع ابن مالك الذي تحول عام‏2000‏ إلي شارع الشهيد محمد درة بضغوط شعبية‏,‏ عقب استشهاد الدرة الصبي الفلسطيني في أحداث الانتفاضة الثانية‏,‏ وبمجرد تسلم السفارة تحولت حياة أهل المنطقة إلي جحيم‏.‏
وإذا كنت عزيز الرافض للتطبيع سعيد الحظ وسبق لك زيارة منزل الكاتب الراحل الكبير محمود عوض لأدركت حجم الجحيم الذي يعانيه سكان الشارع والمنطقة التي توجد بها السفارة‏,‏ فالوجود الأمني مكثف طيلة الوقت‏,‏ وهناك شكوك في أي حركة أو بادرة حتي إن شابين سوريين كانا يزوران حديقة الحيوان المقابلة للسفارة والتقطا عدة صور من هنا وهناك‏,‏ فكان مصيرهما التوقيف والتحقيق والترحيل لمجرد أن إحدي تلك الصور صادفت العمارة التي تقع فيها السفارة‏,‏ بالاضافة إلي أن أهم ما جاء بالفيلم الذي تناول مشكلة وجود السفارة في هذا المكان‏,‏ هو ما يتعلق بقضاء السكان لاحتياجاتهم‏,‏ فلا خدمة التوصيل للمنازل تصل ولا استقبال لضيوف دون فحص‏,‏ ولا ممارسة طبيعية للحياة‏,‏ مما يعكس الموقف المصري الحاسم من التطبيع‏.‏
كان أول ما لفت النظر في الموقع الجديد هو الاصرار علي البقاء بمحافظة الجيزة‏(‏ غرب النيل‏)‏ علي عكس دول كثيرة تفضل شرقه‏,‏ خاصة في جزيرة الزمالك أو بحي جاردن سيتي‏,‏ وقيل وقتها إن الدولة الناشئة حديثا أصرت علي أن تكون سفارتها غرب النيل لأنها تعتبر كل ما شرق النيل تابعا لها‏,‏ في إشارة إلي حلم إسرائيل الكبري‏(‏ من النيل للفرات‏),‏ وقيل إنها اختارت هذا المكان ليكون أعلي من نهضة مصر‏(‏ التمثال المقابل لحديقة الحيوانات‏),‏ قيل كلام كثير‏,‏ لكن المؤكد أن وجود السفارة كان مستفزا‏,‏ ولو اختاروا لها أرضا في الرمال المتحركة بالصحراء الغربية لاعتبر الناس هذا دلالة سلبية‏,‏ فالصراع كما نعلم هو صراع وجود لا صراع حدود‏.‏
ولم يكن إدريس حلاوة هو آخر من رفضوا وجود السفارة علي نحو علني‏,‏ فإلي جانب التظاهرات والمسيرات التي نادت ب قفل سفارة وطرد سفير بحسب الهتاف الشعبي الشهير‏,‏ فإن هناك محمد خلف حسن أمين الشرطة الذي صدرت له الأوامر بنقل خدمته لحراسة السفارة الإسرائيلية‏,‏ وفي يوم‏25‏ فبراير‏,‏ وبينما كانت السفارة تكمل عامها السابع عشر‏,‏ صدر بحقه حكم عسكري بالحبس ستة أشهر لرفضه تنفيذ الأمر‏.‏
وتؤكد شهادات السفراء الإسرائيليين المتعاقبين علي هذه السفارة كيف تدور الأمور‏,‏ أو علي الأقل تنقل الأجواء المحيطة بها‏,‏ فمن إلياهو بن أليسار السفير الأول الذي لم تدم إقامته كثيرا في القاهرة‏,‏ حيث غادرها بعد عام واحد طالبا نقله لإسرائيل‏,‏ بعد أن سجل في مذكراته أنه خرج بثلاثة أصدقاء فقط في القاهرة من بينهم سائق سيارته المصري‏.‏
ومنه إلي السفير الثاني موشيه ساسون الذي تعرض لمحاولة اغتيال علي يد تنظيم ثورة مصر بقيادة محمود نور الدين‏,‏ وكاد يصاب بمرض نفسي‏(‏ أو ربما أصيب فعلا‏)‏ نتيجة العزلة التي فرضت عليه من الحكومة المصرية ومن الشعب ومن أجهزة الأمن المصرية‏,‏ وذلك بحسب ما ذكره هو في كتابه‏7‏ أعوام في أرض المصريين‏,‏ وعلي أي حال فإذا كان سابقه قد خرج بثلاثة أصدقاء من بين ملايين المصريين‏,‏ فإن ساسون لم يستطع أن يصادق إلا شخصا واحدا كان يعمل تاجرا للأثاث‏.‏
ولم تفلح محاولة شمعون شامير الذي تم تعيينه خلفا لساسون في يونيو عام‏1988‏ بتأسيسه المركز الأكاديمي الإسرائيلي بالسفارة في إذابة الجليد‏,‏ فقد حصل المركز علي لقب وكر الجواسيس‏,‏ وحصل شامير علي تأشيرة سفر للأردن‏,‏ ذهابا فقط دون عودة‏,‏ كما تقدم إفرايم دوفيك السفير الرابع باستقالته بعد أقل من عام‏,‏ بل إن السفير الخامس الذي كان من أصل مصري ديفيد بن سلطان‏(‏ مواليد الإسكندرية عام‏1938‏ كانت له قصة مع فنان مصري‏(‏ ليس عادل إمام‏)‏ حيث كان قد التقي به في حفلة ما‏,‏ واعتقد أن هذا اللقاء كان كفيلا بأن يصبح صديقا له‏,‏ فذهب إليه بمنزله وهو يحمل في يده كيس مكسرات إسرائيل‏,‏ فرفض الفنان استقباله في منزله كما رفض الهدية‏.‏
وفي نهاية الأمر ترك القاهرة وعاد لبلاده قبل انتهاء فترته بثمانية أشهر كاملة‏,‏ وقبل انعقاد المؤتمر الاقتصادي بالقاهرة في نوفمبر من عام‏1996‏ ليظل المنصب شاغرا لثمانية أشهر‏,‏ قبل أن يشغله تسفي ميزائيلي الذي افتتحنا بكلمات زوجته هذا العرض‏,‏ وهو صاحب العبارة الشهيرة‏:‏ لماذا تكرهوننا؟
وهكذا يستمر الأمر بهذه السفارة التي تعد مصنعا للتوتر للعقار والشارع والحي والمنطقة والمدينة التي تحل بها‏,‏ ولكل المتعاملين معها‏,‏ ولمن يحاصرونها الآن‏,‏ ويطالبون بطرد سفير لا يعلمون حتي أن اسمه يعقوب ميتاي‏,‏ فالاسم لا يهم‏,‏ المهم أنه ذلك السفير في تلك السفارة التي تقع في العمارة‏.‏


إضافة تعليق

البيانات مطلوبة

اسمك
*


بريد الالكترونى *
البريد الالكتروني غير صحيح

عنوان التعليق *


تعليق
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.