وصف أبو العز الحريري القيادي اليساري وأحد مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي السلفيين بأنهم تيار مذهبي وليس دينيا, وأن ظهورهم وانتشارهم الآن هو من ثمار ونتاج ثورة25 يناير بعد إزالة الموانع الأمنية. ودعا الحريري في حوار بصالون الأهرام المسائي إلي التخلي عن فكرة وصف تيار ما بأنه إسلامي أو ديني, فهم بشر ينسبون إلي الإسلام والرسول صلي الله عليه وسلم لم يتصرف في أمور الحياة إلا كبشر يجتهد يصيب ويخطئ ولفت إلي ضرورة انقاذ المواطن لنصل به إلي حالة الاختيار المبني علي المعرفة والتفريق بين ما هو ديني وما هو اجتهاد بشري, خاصة ونحن مقبلون خلال الشهور القادمة علي انتخابات برلمانية ورئاسية ومحليات ونقابات عمالية ومهنية الأمر الذي يجعلنا أمام محك مع هذه العقلية التي تلقي قبولا لدي عموم الناس. كما تطرق الحوار إلي جوانب عديدة في الحياة السياسية حيث أوضح أبو العز الحريري أن الأحزاب المصرية الموجودة حاليا خانت قضيتها واستعيض عنها بتكوين مجموعات شبابية أحدثت ما أحدثت من ثورة غيرت وجه مصر. ولفت إلي أن الحزب الوطني المنحل لم ينته بعد وذيوله مازالت موجودة, وكان يجب اعتقال عدد لا يقل عن10 آلاف من كبار قادة العهد البائد لتصفية مواقفهم السياسية. وفيما يتعلق باسترداد الأراضي المنهوبة اقترح الحريري اصدار قرار باستعادة كل الأراضي وتطبيق القاعدة الشرعية ولكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وهذا ليس بجديد علي مصر التي استعادت الأراضي في ثورة52 ووزعتها علي الفلاحين: وطالب بوقف مشروع توشكي فورا ووصفه بأنه قضية فساد هائلة وقال إن مجلس الشعب القادم لن يعبر عن الشعب المصري ولا طموحاته لأنه ابن النظام القديم ومقومات الاختيار ليست قائمة. ونحن نحتاج إلي وزارة الفاتورة التي تعمل علي مراقبة التكلفة الحقيقية للمشتريات والواردات والانتاج وذلك لغياه التعاونيات. وفيما يلي نص الحوار: ** لاحظنا أن صوت السلفيين أصبح واضحا بعد ثورة يناير, والبعض استخدمهم كفزاعة ربما لاخفاء ضعف الاحزاب الموجودة حاليا فما تعليقك؟ * ظهور هذه الجماعات بعد الثورة ليس مفاجئا حيث تكونت في عهد الرئيس جمال عبد الناصر وخرجت مجموعات كبيرة بعد حرب أفغانستان ومنهم من تولي أمن الدولة تزوير الانتخابات بالجامعة لصالحهم حتي خرجت منهم أجيال تخلوا عن الثقافة المستنيرة وها هم الآن كما تراهم! ** نشم رائحة عداء منك لهم ؟ * أنا لا أعاديهم وأعلم أنهم كما الجناة المجني عليهم فقد كانوا أصحاب تمويل في ظل النظام السابق الفاسد في غياب منظومة ثقافية فكرية اعلامية وحالة من تغييب الوعي وتخوف عام لدي الناس حتي جاءت الثورة وأزالت الموانع الأمنية وغير الأمنية وأخذوا فرصتهم في ظل وجود جموع مشحونة من المواطنين, كل ذلك جعلنا في مرحلة حساسة تستدعي سرعة التعديل حتي تحقق الثورة انجازاتها المبهرة كما أبهرت العالم. ** ما رأيك في مفهوم الدولة الدينية؟ * الدولة الدينية مقولة خاطئة يرددها الكثيرون حتي الآن وهي فزاعة أيضا وإيهام للناس بأنه توجد دولة دينية وأخري لا دينية وهذا ليس صحيحا ولم يحدث في التاريخ ولا في أوروبا, فهم أصحاب تيار مذهبي فقهي برؤية الدين حسب فهمهم هم, لذلك أطالب بتصحيح المفاهيم. ** ما العوامل التي أدت إلي بروز تلك الجماعات الموجودة علي الساحة الآن؟ * ببساطة يوجد اناس عملهم الكلام في أمور الحياة ولا يصطدمون مع النظام القائم وبالتالي لا يوجد عندهم ضغوط أمن دولة وخاوي الوفاض من أي مشاكل وبالتالي يمكنهم طرح الأفكار والمفاهيم بشكل متكرر وكان ذلك مقترنا باغداق الأموال بعضها بشكل مقصود لاستمالة الناس إليهم وبعضهم غير مقصودا كالأعمال الخيرية وحينما تأتي لحظة الانتخابات تكون تلك الجماعات قادرة علي تحقيق مكاسب واسترجاع العلاقات التي اقاموها طول الفترة الماضية وهنا يأتي الخوف. ** هل تعتقد أن الأحزاب المصرية الموجودة حاليا خانت قضيتها؟ * نعم خانت قضيتها لأنه يفترض عندماانشئت عام1976 علي أن تمثل المعارضة وعندما وصف الرئيس السادات الديمقراطية بالمفرمة وأن لها أنيابا لم تبد الأحزاب أي معارضة ولا مقاومة في الوقت نفسه تجد الشعب المصري يمارس المقاومة في كل شيء بدءا من يناير1977 أثناء ارتفاع الأسعار إلي مقاومة كامب ديفيد إلي التطبيع مع إسرائيل إلي مقاومة بيع القطاع العام إلي مقاومة الفساد والأغذية الفاسدة. لذلك نري ان الأحزاب تحولت إلي حالة من الضعف والوهن فسقطت وحتي تأخذ قبلة الحياة لجأت إلي النظام السابق الفاسد فشاركته حتي تأخذ بعض الكراسي البرلمانية وهنا كانت مشكلة الأحزاب الثلاثة التجمع والوفد والناصري وهم الذين أصروا علي دخول انتخابات2010 رغم اعترافهم بأنها مزورة ومن قبلها المحليات2008 كانت أيضا مزورة بنسبة100% وفي المقابل تكونت مجموعات شبابية باستخدام الانترنت والتف الشعب حولها والآن أصبح يوجد نموذجان. الأحزاب والمجموعات الشبابية. ** ألا تري أن التاريخ يعيد نفسه في هذا النموذج الشبابي والاحزاب المنهارة؟ * نعم لقد حدث ذلك بعد الحرب العالمية الثانية حينما تحالف العمال مع الطلبة لمواجهة الحياة الحزبية المنهارة, فأصبحت السيادة للعمال والطلبة وهذا الذي فجر الحس لدي الضباط الأحرار وأحدث ثورة1952. ** هل تعتقد أن حادث خالد سعيد هو الذي فجر الكبت وحرك الثورة؟! * بالتأكيد لأن الشرايين بين جماعات الشباب والمجتمع كانت موصولة فتفاعل معها الناس في الوقت الذي وصفهم النظام السابق بأنهم شوية عيال. وجاء أيضا حادث كنيسة القديسين الذي أتضح انه كان صناعة حبيب العادلي وغيره فضلا عن أن الأحزاب لم تدرك أن المغتربين وعددهم حوالي8 ملايين مرتبطون بوطنهم. ** اتهمت الأحزاب السياسية بالخيانة وكنت الرجل الثاني في حزب التجمع!؟ * إذا كنت مع مجموعة تتردي أحوالها وتسقط فإما أن تكون جاهلا فتنساق وراءهم وإما أن تكون فاهما فتقاوم وهذا الأخير ما حدث بالضبط طول الفترة الماضية منذ عام1987 حيث خرج حزب التجمع خاوي الوفاض من انتخابات1987 و كان منطقهم أن التشدد أفقدهم الأصوات في الوقت الذي دخلت فيه مجلس الشعب وكان منطقي عكس ذلك وكنت في قمة التشدد وإلا فنكون بذلك نتهم الناس بأنها تكره من يدافع عنها واستمر الصراع بيننا وفقدوا خط العودة إلي الموقف الوطني الملتزم بمصالح الشعب لذلك رشحت نفسي ضد رئيس حزب التجمع عام2008 وإنتهي الصراع بقرار فصلي من الحزب. وكانت النتيجة الحتمية أن خرجت ومعي75 من أفضل قيادات حزب التجمع وشاركنا آخرون وقررنا تأسيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي الذي نحن بصدده الآن. ** هل الحزب الوطني المنحل انتهي فعليا؟ * الذي مات في الحزب الوطني هو الإطار القانوني فقط أما المصالح الاقتصادية فمازالت قائمة, فهي طبقة مفسدة احتكارية عميلة خائنة وهو ما اكتشفه الناس بعد الثورة في حجم الأموال المنهوبة بشكل إجرامي فهذه المجموعة كانت تفسد لمجرد الفساد وتسرق لمجرد السرقة, ولو رجعنا بالذاكرة لاكتشفنا أن إنشاء مجلس الشوري استهدف إعطاء حصانة برلمانية لرموز الفساد التي لم تمثل في مجلس الشعب علي حساب باقي جموع الشعب فهؤلاء لم يسقطوا فجأة لذلك ففي تصوري أن الحزب الوطني لم يمت حتي الآن وكنت اتمني أن يصدر المجلس العسكري قرارا باعتقال10 آلاف قيادي علي الأقل من قيادات العهد البائد حتي تتم تصفية مواقفهم السياسية تماما. **في تصورك هل يمكن استرداد الأراضي والعقارات للشعب مرة أخري؟* أقترح تطبيق القاعدة الشرعية ولكم رءوس أموالكم لاتظلمون ولاتظلمون فلماذا لاتتم إعادة الأراضي التي أخذت نهبا في ظل نظام فاسد كما حدث في ثورة1952 وأخذت الأراضي من الإقطاعيين وتم توزيعها علي الفلاحين وهنا أذكر تصريحا للواء الشوادفي أكد فيه أن الذين حصلوا علي أراضي من الدولة أضاعوا علي الدولة ما قيمته800 مليار جنيه وأقرب مثال قضية مدينتي التي يقدر ثمن الأرض فقط ب300 مليار جنيه والشركة المصرية الكويتية التي وضعت يدها علي26 ألف فدان و11 ألف فدان أخري بخلاف الأرض التي استولي عليها البعض في الساحل الشمالي ب120 مليون جنيه وباعوها ب17 مليار جنيه فنحن لسنا أمام دولة وإنما أمام عصابة من اللصوص!! ** في أعقاب انطلاق ثورة يناير ماهي المشروعات القومية التي يجب أن تبدأ بها عمليات التنمية؟ *أهم مشروع قومي في تصوري هو وقف مشروع توشكي لأنه قضية فساد هائلة. حتي نوفر الماء لأراضي الوادي والدلتا التي يكفيها الرش بينما هناك لايكفي الغمر بالماء حيث تأخذ ثلاثة أضعاف المياه التي تحتاج اليها الصحراء الغربية التي تعد سلة غلال العالم والأمر الأخطر في مشروع توشكي أن المياه تذهب جوفيا الي النهر العظيم في ليبيا ولا أدري ربما كان هناك اتفاق سري علي ذلك!! ** من واقع تشخيصك للواقع هل لديك خريطة لمستقبل مصر؟ * أستطيع تخفيض تكاليف الحياة للناس بنسبة50% بإرجاع السلع الي أسعارها الحقيقية وعودة هيئة السلع التموينية والنصر, ومصر للاستيراد والتصدير ولانجعل الفائدة اكثر من5% ومن ناحية أخري لماذا لانزرع ملايين الأفدنة بالقمح ونحن نحتاج الي قرار سياسي يحد من نسبة هامش الربح بحيث لاتزيد علي15% ** كلامك الي حد كبير نظري بدليل وجود الدكتور جودة عبد الخالق وزيرا للتضامن الاجتماعي وكذلك منير فخري عبد النور ومع ذلك لم يحدث أي تقدم؟ *القرار السياسي يجب أن يكون بالتعاون بين القطاع العام والتعاوني والخاص فاذا جاء أي شخص بأسعار أقل أهلا به والمادة10 من قانون منع الاحتكار تعطي الحق الرئيسي للوزراء بتحديد تكلفة ونسبة الربح فالفكرة كلها ارادة سياسية والقرار سهل اتخاذه. ** بهذه البساطة؟! * نحن نريد وزارة الفاتورة لتعمل علي مراقبة التكلفة الحقيقية للمشتريات والانتاج والواردات فالتعاونيات غير موجودة وتم استغلالها ويجب أن تكون الإرادة السياسية من خلال مجلس الشعب. ** وهل تعتقد أن مجلس الشعب القادم سيكون معبرا عن آمال وطموحات الشعب المصري؟ لا أعتقد ذلك لأنه ابن النظام القديم وسيكون هناك دستور أعمي لأن مقومات الاختيار مازالت غير قائمة. ** كيف تتصور تشكيلة أو خريطة المجلس القادم؟ *جزء مدني مستنير ليس بكثير ولكنه مؤثر جدا وجزء يغلب عليه الطابع السلفي وسيكون في مأزق غير عادي, وجزء لبقايا الحزب الوطني ولن يكون لها تأثير ** في إطار ماذكرت كيف تري مصر الآن؟ ومتي تؤتي الثورة ثمارها؟ * ستستمر الثورة تؤتي ثمارها لأكثر من خمسين سنة, مازلنا نتحدث عن الثورة الفرنسية حتي الآن, ولاننسي أن أربعة أجيال ولدت في ظل حكم فاسد, أما عن مصر فمصر الآن منهارة اقتصاديا ومدمرة سياسيا وأيضا ثقافيا ولكن ستتحسن بقوة الشباب, فيوجد لدينا أحلام حقيقية ونمتلك إرادةالنهوض في جميع المجالات. ** رغم ذلك ألا تتفق معنا أن الفرصة متاحة أمام مصر الآن لاستعادة دورها العربي؟ * بالتأكيد فنحن في عام الثورة العربية التي بدأت في تونس ومصر واليمن والأردن والمغرب وسوريا وليبيا, والعالم العربي دخل في الثورة الحديثة لإزاحة الحكم ويحدث تكامل بين الشعوب وهي أقوي من الحكومات.