مررت بتجربة هي الأقسي والأشد إيلاما في حياة أي امرأة كانت تحلم بالسعادة في كنف رجل يحبها تستند إليه ويشعرها بالأمان ولكن الرياح لا تأتي بما تشتهي السفن فقد ساقت الأقدار في طريقي شاب كان يبدو صالحا, فتيا, حديثه يوحي أنه طيب الخلق وكان يعمل مدرسا في إحدي المدارس المجاورة لبيتنا عندما رآني تابعني حتي البيت ووجدته يسارع بطلب يدي وللحقيقة لم يكن متعثرا في إجراءات الزواج وأشعرني من بدايته معي انه يحبني بجنون وأنه سوف يفعل المستحيل من أجل إسعادي, وما ان مرت بضع سنوات علي سعادتي معه أنجبنا خلالها ابننا الوحيد وتبخرت كل أسباب السعادة بيننا وتحول زوجي إلي رجل آخر لا أعرفه, لا يطيق أحدا, يخرج من البيت طول النهار ولا يعود إلا بعد منتصف الليل متهالكا لا يستطيع أن يقف متوازنا طبيعيا.. وعرفت انه اجتمع علي بعض أصدقاء السوء الذين دفعوا به إلي آتون السم الأبيض وإدمانه حتي إنه أنفق عليه كل ما يملك ولم يعد يوفر لبيته ما يسد جوعي وابنه حتي عفش بيتي باعه لينفق علي إدمانه إلي أن أتي يوم غاب فيه ولم يعد.. بحثت عنه في كل مكان أعلم أنه يتردد عليه ولا أجده وبعد أيام فوجئت بإخطار من قسم الشرطة يطلب مني الحضور لاستلام جثة زوجي الذي عثر عليه ميتا من أثر جرعة مخدر زائدة لتبدأ مرحلة مؤلمة من حياتي وأنا بعد في طور الشباب كأرملة لديها طفل ولا تملك من حطام الدنيا شيئا ولولا أمي استضافتني وابني عندها لما وجدت مكانا يأويني ويسترني من التشرد والضياع.. وقررت ان اعمل في أي شيء لأنفق علي ابني وكل ما أحلم به أن أراه يوما رجلا يعوض أمه عن سنوات الشقاء والأمل بتخرجه في الجامعة ونجاحه في حياته.. وكان شبح أبيه يطاردني ليل نهار أخشي علي ابني ان تناله ألاعيب الشيطان الذي دمر حياة أبيه وبأظافري أنبش الصخر لأوفر له حياة كريمة وبيئة مناسبة لدراسته وها هو الآن في الشهادة الإعدادية ولكني ورغم صغر سني قد حاوطني المرض ولم اعد قادرة علي العمل وتوفير الحياة الكريمة لابني وليس هناك ما يساعدني علي العيش لا من أهلي ولا من أهل زوجي الراحل ولم أجد بابا أطرقه غير الأهرام المسائي لعلي عندما أحكي حكايتي أجد من يساند امرأة علي وشك الضياع هي وابنها. هكذا كانت هويدا تحكي حكايتها وكل أملها أن يصل صوتها للدكتورة غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي أن يتسع صدرها لمأساتها وتأمر ببحث حالة زوجها الراحل من خلال ملف خدمته وصرف معاش لابني عن أبيه الذي كان يعمل بالتربية والتعليم ومنتظم في سداد تأميناته الاجتماعية لولا الحال الذي وصل إليه بإدمانه وأودي بحياته.