يحلو لكثير من الأشقاء العرب, أن يطلقوا علي المصريين لقب فرعون, وهم لا يقصدون هنا حسبما قد يتبادر إلي ذهن البريء منا تلك الحضارة العظيمة التي تضرب بجذورها إلي عمق التاريخ, والتي تجعل كثيرا من المصريين العاملين في دول الخليج, ينشكحون علي الآخر, وربما وضع أحدهم ساقا فوق الأخري, وهو يدخن الشيشة في إحدي كافتيريات أبوظبي أو دبي, ويقول في لهجة الواثق: طبعا.. طبعا, دون أن يدرك أن محدثه, لا يقصد سوي المعني المباشر, والحرفي للكلمة, فالمصريون في نظر كثير من أهلنا في الجزيرة العربية والخليج, ليسوا سوي فراعنة صغار, من نسل فرعون الخروج, الذي ناصب موسي عليه السلام العداء, وطارده والمؤمنين بدعوته, حتي أخرجهم من مصر, قبل أن يطبق عليه البحر ورجاله, في المنطقة التي يقول كثير من المؤرخين, إنها ربما تكون الزعفرانة الواقعة عند مشارف خليج السويس. ويؤمن كثير من الأشقاء, بأن المصريين ليسوا عربا, رغم أن الغالبية العظمي من المصريين, خاصة الصعايدة منهم, يضربون بجذورهم إلي قبائل عربية قحة, جاءت إلي مصر مع الفتح الإسلامي, بعدما عبرت البحر الأحمر لتستقر في مدينة قنا, وما حولها من مدن, قبل أن تتوغل جنوبا حتي حدود بلاد النوبة القديمة, التي ظلت تقاوم دخول الاسلام لأكثر من مائة عام, قبل أن تعتنقه فيما بعد, علي يد التجار المسلمين الذين قدموا نموذجا في الأخلاق, بالأمانة والصدق في البيع والشراء, وهو ما يعرف بأدب المعاملات في الإسلام. ويقول الإخوة في الإمارات لقمة خبيصة وفيها تنغيصة, في تقريع الذين يتبعون ما أنفقوا بالمن والأذي, والخبيصة هي وجبة تراثية مكونة من الدقيق والزبد والسكر, تشبه إلي حد التطابق, وجبة سد الحنك المصرية الشهيرة, التي كانت تقدمها الأمهات للأطفال في الماضي القريب, حتي يتخلصوا من زنهم المتواصل عند الجوع. ويقسم النسابون والمؤرخون العرب من حيث القدم إلي ثلاث طبقات, العرب البائدة وهم تلك الأقوام التي اندثرت قبيل الإسلام, مثل قوم عاد وثمود وغيرهم, والعرب العاربة وهم القحطانيون من أبناء قحطان الذي ينتهي نسبه عند سام بن نوح عليه السلام, ثم العرب المستعربة أو العدنانيون, الذي ينتهي نسبهم إلي إسماعيل عليه السلام, ومن العدنانيين بنو هاشم, الذين ولد فيهم النبي الأكرم محمد بن عبد الله, الذي يصل نسبه إلي سيدنا إسماعيل, وأمه هاجر المصرية الملقبة بأم العرب العدنانيين.. ثم يقول البعض من هنا وهناك: إن المصريين ليسوا عربا! وما يدور في بعض البيوت العربية, ويتعلمه الصبية علي لسان الآباء والأمهات, يمتد بحكم طبيعة الأشياء إلي دوائر السياسة, لذا فلن يكون من المستغرب أن تتحول بعض المساعدات, التي أعلنت عنها دول عربية شقيقة لمصر, بعد انزياح كابوس الإخوان, الذي قض مضاجعهم بأكثر مما أزعج مصر, إلي لقمة خبيصة, لم تتوقف بعدها التنغيصات, تارة بالمن, وأخري بمحاولة الزج بمصر في معارك لا تخلو من صبغة طائفية أو قبلية, حتي إذا تصرفنا بما يمليه علينا أمننا القومي, وما يليق بتاريخنا وثقلنا الطبيعي في محيطنا الإقليمي, تحولت التنغيصات إلي فتن ومؤامرات, لم تخل من رياح كراهية عجيبة, من قبل بعض عروش جبلت علي الفتنة والخيانة, وينطبق عليها المثل القائل: طبعي طبعي ولو انقص صبعي.