الثقافة هي جسر التواصل بين الأمم والشعوب, وبدون تعميق هذا التواصل الإيجابي والفعال عبر أدواتها المتنوعة والمتعددة,لا يمكننا الحديث عن سياسة أو اقتصاد أو حتي علاقات اجتماعية وإنسانية تتمتع بالسلامة والصحة المطلوبة بين الحكومات والشعوب, هكذا بدأ السفير المصري بالجزائر عمر أبو عيش حديثه مع الصحفيين المصريين المشاركين في فعاليات صالون الجزائر الدولي للكتاب والمقام حاليا بقصر المعارض بالعاصمة الجزائرية, وتحل مصر ضيفة شرف عليه, وربما كان ذلك تعليقا ضمنيا علي غياب وزير الثقافة المصري حلمي النمنم عن حفل افتتاحه, والذي ترك عددا غير قليل من الأسئلة الحائرة, وتسبب( وإن لم يكن هذا علانية) في طرح علامات استفهام وربما استنكار, من جانب المسئولين المصريين قبل الجزائريين,من قبيل ما جدوي اختيارك ضيفا للشرف إذا لم تكن قادرا علي الوفاء والإلتزام بالمواعيد والبروتوكولات المتفق عليها؟! وعلي الرغم من هذا, عوض الحضور المصري برئاسة الكاتب الكبير محمد سلماوي هذا الغياب, فالرجل مثقف عربي مبهر, يتمتع بقدرة علي إدارة الحوار الإنساني الجذاب, فضلا عن أنه يجيد الفرنسية بطلاقة, الأمر الذي خفف, ولو سطحيا, من وطأة الأسئلة الحائرة تلك,بجوار الأداء الرائع والجميل للمنشد علي الهلباوي وفرقته الموسيقية والذي أشعل جنبات المعرض بالفرح والسرور من خلال أغانيه الوطنية والدينية, إضافة إلي مساهمات الكتاب والشعراء والأدباء والناشرين المصريين الذين شاركوا في حفل الافتتاح,والتي أسهمت حقيقة في نشر الدفء بين أروقة المعرض, وقللت شيئا فشيئا من مشاعر الاحباط التي راكمها عدم وجود تفسير منطقي لغياب وزير الثقافة المصري حلمي النمنم عن حفل الافتتاح. وتتضمن مشاركة مصر في صالون الجزائر الدولي للكتاب في طبعته الحادية والعشرين, برنامجا ثقافيا حافلا يضم ندوات ولقاءات وعروضا سينمائية وتسجيلية من ذاكرة معرض القاهرة الدولي للكتاب والتي أحسنت إدارة الهيئة المصرية العامة للكتاب اختيارها وهي عبارة عن تسجيلات نادرة جرت أحداثها في أزمنة متعددة من تاريخ هذا المعرض العريق, ومنها: لقاء مع المخرج يوسف شاهين وآخر مع الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل وثالث مع أنيس منصور ورابع مع العالم المصري الدكتور أحمد زويل, إضافة إلي احتفالية بالروائي العالمي نجيب محفوظ والذي خصصت له إدارة الصالون مساحة ثقافية معتبرة ضمن برامجها الثقافية والفكرية العديدة التي ترافق أنشطته التي تستمر حتي5 نوفمبر المقبل. نافذة علي العالم وخلال جولتنا بين أروقة وأجنحة المعرض الدولي للكتاب بالجزائر, وجدنا هناك بعض العناوين والإصدارات التي تفتح نافذة مشرعة علي ثقافات وإبداعات العالم المختلفة, من أمريكا إلي روسيا مرورا بالهند ومصر والصين وتركيا.. كتب وأغلفة مرسومة بريشة مبدعة لرسامين محترفين تخطف القلوب قبل العيون.. وبين الرويات الجديدة وكتب العلوم والفنون يسافر الزائر دون تذكرة إلي دروب الحضارات والتاريخ, ويتجول بين جنبات المستقبل ليحظي بمحطات جديدة من الخيال والإبداع الإنساني الراقي. وبمجرد أن يجتاز زائر المعرض المدخل الرئيسي, يكتشف فضاء الصالون المتاح للإبداع الأمازيغي, الموشح بحروف( التيفيناغ) والتي تحيله إلي34 عنونا جديدا, وكذا مجموعة من الإصدارات بعضها( كما ذكر لي جمال شعلال مدير الاتصال بالمعرض) وليدة شراكة من عدة جهات ومؤسسات مثل وزارة الثقافة الجزائرية والمؤسسة الوطنية, وديوان المطبوعات. كما يعرض صالون الكتاب أيضا مجموعة من العناوين التي تحكي أساطير يوغراطا, طاسيليا والقلاع المتآكة وتتقصي هذه اللغة المنتشرة في شمال إفريقيا وحتي مصر. وبالجهة اليمني يظهر رواق وزارة الثقافة الجزائرية والذي يضم إصدارات متنوعة ترجع إلي أبرز المحطات الثقافية التي شهدتها الجزائر في السنوات الأخيرة مثل: تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية, الجزائر عاصمة الثقافة العربية, وقسنطية عاصمة للثقافة العربية. وليس ببعيد يكتشف زائر المعرض الجناح المهم الذي خصص لمصر ضيفة شرف الطبعة الحادية والعشرين والذي توجد به قاعة خاصة للمحاضرات, وباقة معتبرة من إصدارات مبدعيها وكتابها, والتي أشاد بمشاركتهم وزير الثقافة الجزائري مؤكدا أن التعاون الجزائري المصري سيشمل كافة الجوانب أولها المجال السينمائي والنشر المشترك, حيث أن دور النشر المصرية تقوم بطباعة كتب العديد من الجزائريين, كما سيكون هناك تعاون في مجال الآثار من خلال الاتفاق مع باحث مصري سوف يقوم بزيارة أهرامات الجزائر الموجودة في ولاية تيارت, وسيصدر كتابا حول هذا الموضوع, مضيفا أن وزارته تريد التعريف بالمعالم الاثرية الجزائرية لهذا تم وضع مخطط لطباعة كتاب حول ما تتميز به الجزائر من معالم آثرية متميزة. ومن جانبه عبر مدير الصالون حميدو مسعودي عن سعادته بهذا قائلا: إن الميزة الأساسية لهذه السنة هو حضور مصر كضيف شرف هذه الطبعة, ذلك أنه بعد طبعات سابقة, حيث حل ضيوف شرف علي المهرجان من بلدان غير عربية, رجعنا هذه الدورة إلي بلد عربي ودولة شقيقة نتكلم نفس اللغة معها ولا نحتاج إلي مترجم. بالجهة المقابلة, توفر وزارة الشئون الدينية الجزائرية فرصة لاكتشاف بعض عناوينها مثل نفحات الرحمن في رياض القرآن مجلدات الدر الثمين في تفسير الكتاب المبين, إضافة إلي نسخة من القرآن الكريم طبعت سنة1937, وقطعة حجرية قديمة كانت تستعمل في طباعة المصحف, وفي قلب الجناح المركزي من هذا الصالون الذي يزدحم بالزائرين أطفالا ونساء وشبابا وفتيات من كل الأعمار, تعرض المؤسسة الوطنية الجزائرية للإتصال والنشر نحو42 عنوانا جديدا باللغة العربية والفرنسية, تتراوح بين الرواية والتاريخ وكتب الأطفال. ندوات فكرية ولقاءات ثقافية ويرافق معرض الجرائر الدولي للكتاب الذي أنطلق الاثنين الماضي ويستمر في5 نوفمبر مجموعة متميزة من الندوات الفكرية واللقاءات الثقافية, حيث أعدت لجنة الأنشطة الثقافية المصاحبة للمعرض عدة ندوات يشارك فيها ناشرون ومؤلفون وإعلاميون ومهتمون بالكتاب, ضمن17 ندوة فكرية حيث يلتقي جمهور هذا المعرض بأسماء لامعة في عالم الأدب والفكر والإعلام منهم: الأديب الفلسطيني ربعي المدهون,والمفكر المصري نبيل عبد الفتاح,وعالم الآثار المصري الدكتور ممدوح الدماطي وزير الآثار المصرية السابق, والفرنسي جان بانكرازاي والجزائيين الحبيب السايح وواسيني الأعرج, وغيرهم من ضيوف معرض الجزائر الدولي للكتاب في دورته الحادية والعشرين.