أثار الدكتور محمد شامة قضية عندما طالب الحكومة بضرورة منع الحج للمرة الثانية في بلاد تعاني الأحوال الاقتصادية المتدهورة وقال الحج فريضة لمرة واحدة ومن الأفضل عدم تكراره في حالة وجود فقراء يحتاجون لهذه الأموال التي تذهب لشركات السياحة والمطوفين والقائمين علي الحج مؤكدا أن من يعتقد أن الحج يمحو الذنوب فهو مخطئ لأنه التوبة لها شروط وأن من يرتكب المعاصي طوال العام ويظن أن الحج سيغسله ويعود به كيوم ولدته أمه مخطئا أيضا, وفي استطلاع للرأي أكد عدد من علماء الدين أن الحج فريضة لمرة واحدة وما زاد هو تطوع وأن الفقراء أحق بهذه الأموال ويري البعض الآخر من يريد المزيد من الحج عليه بإعطاء حق الفقراء وبعدها يذهب ليحج كيفما يشاء. ورفضوا منعه بقرار حكومي مؤكدين أن الإقناع هو الأفضل. و يقول الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء رئيس جامعة الأزهر الأسبق وأستاذ الحديث وعلومه أن الحج خامس أركان الإسلام وفيه الطهر والنقاء و وحدة الصف والمساواة والأمان وتلك هي المعاني التي أفاض رب العزة بها علي عباده كما أنه عبادة يؤديها المسلم تلبية لدعوة ربه وهو يردد طائفا صاغرا لخالقه لبيك اللهم لبيك ونعلم جيدا أن الحج فرض في المرة الأولي أما المرة الثانية فهو تطوع ومن لديه أموال ويرغب في الحج مرات ومرات عليه أن يعلم أولا أن للفقراء حقا لابد من أن يعطيه لهم, فلا مانع لمن يسر الله عليه الرزق في الذهاب للحج أكثر من مرة ولكن بعد أن يعطي الفقراء حقهم وبعد دفع زكاته. وأكد هاشم أن الدولة لايمكن أن تمنع أحدا من الحج مادام يستطيع ويرغب وعلي العلماء تنبيهم فقط بضرورة حق الفقراء عليهم قبل أداء الحج في المرات التي تلي الفريضة. وقال الشيخ فكري حسن إسماعيل عضو المجلس الأعلي للشئون الإسلامية: لقد فرض الله سبحانه وتعالي حج بيته الحرام بشروط معينة وأوجب الحج علي من توافرت فيه هذه الشروط مع الاستطاعة المادية والمعنوية مرة واحدة في العمر ولكن للأسف يعتبر البعض الاستطاعة وكثرة المال تجعله يؤدي ويكرر الحج مرات متعددة وهنا نقول إن إطعام الطعام وإدخال السرور علي المحتاج وذوي الحاجة أفضل عند الله من تكرار الحج مشيرا إلي أن معاونة المحتاجين وسد احتياجاتهم تعدل في الثواب الكثير والكثير عند الله للاسف أصبح البعض يذهبون للحج مرات ومرات وبجانبهم الجوعي وذوو الحاجة وهذا لا يجوز علي الإطلاق, وعلي العلماء أن يوضحوا للناس الأعمال التي تقرب العبد من ربه والتي لها صدارتها ولها حق الأولوية وأن يرشدوا الناس إلي ما تحتاجه الأمة من بذل المعروف وإطعام الطعام وحل مشكلات الناس وليعلم الجميع أن أول خطبة خطبها رسول الله في أهل المدينة حينما دخلها قال إأها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا جنة ربكم بسلام نتمني أن يكون منهجنا جميعا في ضوء كلام النبي صلي الله عليه وسلم. وأكد إسماعيل أن بعض الحجاج يتباهون بالحج وقال ألقيت محاضرة لبعض من يستعدون للحج ووجدت جهلهم التام بمناسكه فحزنت حين علمت أن البعض يذهب إلي الحج للتباهي, لقد قال الله تعالي لمن استطاع إليه سبيلا ومن الاستطاعة معرفة مناسك الحج ومعرفة الواجب والمسنون والمندوب, نحن في حاجة إلي تفضيل الأعم وهو ما يسمي في الفقة فقة الأولاويات. ونفي د. فكري إسماعيل اعتقاد البعض بأنه لو حج رجع من حجه كيوم ولدته أمه فيرتكب طوال العام أخطاء ثم يحج هذا فهم خطأ لأن الحقوق تنقسم إلي قسمين, حق الله تعالي وحق الله ومعلوم وحق الآدمين, فحق الله تعالي صاحبه هو الله, إما غفر وأما لا, أما حقوق الآدمين لا تسقط إلا بعفو صاحب الحق عنها والنبي عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع في العام العاشر من الهجرة كان ضمن ما قال إن الله يباهي بكم ملائكته, يقول يا ملائكتي هؤلاء هم حجاج بيت الله جاءوا شعثا غبرا ضاحين أشهدوا يا ملائكتي اني قد غفرت لهم إلا التبعات فيما بينهم فالغفران لا يشمل حقوق الآدمين وحق الآدمين لا يسقط إلا بغفران صاحب الحق أو أن أرد الحق لأصحابه. ويؤكد الشيخ محمود عاشور أن الحج للمرة الثانية تطوع لأن الحج فرض لمرة واحدة في العمر ومازاد فهو تطوع وإذا كان البلد الذي يعيش فيه يحتاج إلي مال فهو أولا من الحج وإذا كان هناك فقراء فنسد لهم حاجاتهم ونقوم علي شئونهم ونرعي حياتهم وهذا جزاؤه مثل جزاء فريضة الحج وأيضا في الظروف التي تتيح للحاج أن يحج إذا كان مر علي حجته خمس سنوات ينبغي أن نترك مكانه لإخوانه الذين يريدون الحج حتي يحجوا ويروي في ذلك أن إبراهيم بن أدهم كان مسافرا للحج علي الابل وفي استراحات الطريق وجد امرأة تنبش في كومة من القش ثم أخذت شيئا وخبأته فناداها يا أمة الله فقدمت إليه فسألها ماذا خبأت فقالت له دعني إني وأولادي لم نذق طعاما منذ ثلاثة أيام وزوجي كان يعولنا وانتقل إلي رحمة الله ولا عائل لنا غيره ومنذ موته لم نذق الطعام حتي كدنا نهلك, فوجدت دجاجة ميتة في كومة القش هذه فأخذتها لأعطيها لأولادي حتي لا يهلكوا جوعا وكان معه خمسمائة دينار أعطاها لها وقال أحج في العام القادم إن شاء الله وعاد من طريقه بعد أن أعطاها الأموال وحين عاد أصحابه من الحج ذهب ليهنئهم وقالوا له رأيناك تطوف ورأيناك تسعي ورأيناك ترمي الجمرات ورايناك في عرفة ومني والمزدلفة فقال لهم إني لم أحج فعاد إلي بيته وراي في منامه رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول له لقد سترت أمة من أماء الله فقيد الله لك ملكا علي صورتك ليحج عنك, وهذا يؤكد إن الإنفاق في سبيل الفقراء لسد حاجاتهم ولكي لا نحوجهم إلي التسول أو إذا كانوا متعففين يموتون جوعا ويهلكون فذلك أوجب من الحج حتي نسد حاجاتهم طالما أدينا فريضة الله سبحانه وتعالي, وحول إمكانية منع الناس من الحج لمرات عديدة إذا كان هناك فقراء يحتاجون للأموال قال لا يمكن عمل ذلك والأفضل قيام العلماء بشرح هذا للناس وإقناعهم ليعملوه تطوعا منهم وليس إكراها عليه, فلا يمكن أن يخرج قرار بأداء الحج لمرة واحدة لأن هناك حديثا للرسول الكريم يقول فيه تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما يمحيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد ولدينا حديث أخر نستند إليه في أن الفريضة مرة واحدة فقط حيث قال النبي صلي الله عليه وسلم في العام السادس من الهجرة إن الله فرض عليكم الحج فحجوا فقال رجل أكل عام يا رسول الله, فسكت حتي قالها ثلاث فقال رسول صلي الله عليه وسلم لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ثم قال ذروني فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم علي أنبيائهم فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه.