قد أكون من أكثر الناس ضيقا ورفضا لاخفاقات وزير التعليم فالرجل من أكثر وزراء التعليم في العصر الحديث إخفاقا في إدارة وزارته وليس في هذا تجن بأية حال من الأحوال فلم نسمع في العصر الحديث عن تسريب امتحانات بل وتسريب نماذج الإجابة, ولم نر أخطاء في تصحيح أوراق الامتحان كما حدث هذا العام ومن إخفاقاته أنه من النوعية التي تصر علي الخطأ بصورة مبالغ فيها فقد صم أذنه عن كل النداءات لمعالجة إخفاقاته, وقد تناولت هذه الإخفاقات في أكثر من ستة مقالات, ولكن المنهج العلمي الموضوعي يقتضينا أن نكون معه إذا أصاب كما كنا ضده إذا أخطأ, ولعل موقفه من قضية اللاعبة سارة سمير لاعبة رفع الاثقال في الدورة الأوليمبية من المواقف الصائبة التي يتحتم علينا تأييده فيها, فنحن مع الأسف مجتمع انفعالي ينفعل بظاهر الأشياء دون نظرة موضوعية, وقد حدث هذا في العام السابق عندما قامت الدنيا ولم تقعد لقضية الطالبة مريم صاحبة الصفر الشهيرة والتي وقفت معها معظم وسائل الإعلام مؤيدة وضاغطة علي وزير التعليم وقتها من أجل منحها مالا تستحق, وقد كتبت مقالا وقتها بنفس العنوان( ليس دفاعا عن وزير التعليم) وجاءت تحقيقات النيابة العامة وتقارير الطب الشرعي تؤكد ما ذهبنا إليه وسكتت الضجة وأثبت الواقع أن البنت لا تستحق ما أرادت أن توهمنا به, واليوم نري ضجة مشابهة فمع الإحباط الذي أصاب المصريين لخروجهم بلا ميداليات أو مراكز تذكر في الأوليمبيات المقامة حاليا, حتي ظهرت لنا سارة سمير وحصولها علي البرونزية في رفع الأثقال و بدأ المصريون يحتفلون بسارة وفوزها الذي حفظ لنا ماء وجوهنا, فإذا بأمها تستغل هذه العاطفة المتأججة لتقول لنا: ان ابنتها ضحت بالثانوية العامة من أجل البطولة, وهاج الناس وثاروا علي وزير التعليم كيف يعتبر البطلة راسبة في الثانوية العامة وهي في خدمة الوطن وترفع رأسنا عاليا ولابد أن نكافئها علي ما بذلت, ولا أعلم ما علاقة نجاح الثانوية العامة بالمكافئة, ممكن أن نكافئها بأي شيء مادي أو معنوي إنما نكافأها بما لا تستحق علميا فهذا من العجب العجاب, واضطر الوزير أن يعلن أنه سمح لها بدخول الدور الثاني ويحتسب لها الدرجة كاملة, ولكن البطلة وأهلها طمعوا في المزيد وهذا متوقع مع هذا الزخم الإعلامي حولها فطلبت أن تأتي لها الامتحانات في السفارة لأنها تريد حضور الحفل الختامي, وبنظرة موضوعية لهذه القضية نجد أن الأمر لا يعدو كونه طالبة أرادت أن تؤجل الامتحان للعام القادم وعندما فازت طمعت في أشياء أخري, فلنا أن نتساءل: الثانوية العامة كانت في أول شهر يونيو والأولمبياد في شهر أغسطس والوقت بينهما متسع فماهو الاستعداد الذي حرمها من الثانوية العامة هل سافرت إلي خارج البلاد مثلا, هل كانت تتدرب ليل نهار فلم يكن هناك وقت لخوض الامتحان؟ لم توضح لنا؟ولماذا لم تتقدم هي وأسرتها بأي طلب لتأجيل الامتحان؟ ولو فعلوا لوافقت الوزارة فهذا حق لها, ثم عندما وافق الوزير مجبرا علي إعادتها للامتحان في الدور الثاني, ترفض لانشغالها بحفل الختام, أليس من الممكن أن يحضر بالنيابة عنها مدربها أو أحد ذويها, ولكنها وجدتها فرصة أمام تردد الوزير لتطلب أن يكون الامتحان في السفارة وما أدراك أن يكون الامتحان في السفارة, فالأمر واضح وضوحا بينا, الطالبة وجدتها فرصة جاءتها علي طبق من البرونز وأرادت أن تستغلها أفضل استغلال, وانصاع معها المجتمع الانفعالي دون إعمال للعقل والمنطق, ودون ترو وتفكير في تتابع الأحداث لنصل إلي حقيقة الأمر, ومن العجيب أنها تدعي أن انشغالها بالاستعداد للبطولة حرمها من الامتحان في بلدها ولكن البطولة نفسها لا تمنعها من الامتحان في السفارة, هل أنت الآن علي استعداد للامتحان, هل قمت بالمذاكرة والاستعداد للامتحان وانت في عز الانهماك بالبطولة؟؟ افيقوا أيها الناس وحكموا عقولك ولا تتردد يا وزير التعليم في إحقاق الحق لأصحابه. باحث لغوي