تشهد باريس في التاسع من يوليو المقبل أكبر تجمع للمقاومة الإيرانية, حيث يشارك في المؤتمرالسنوي لها مئات الآلاف من أبناء الجاليات الإيرانية في الخارج, وهم يمثلون أوسع معارضة شعبية إيرانية لما يصفونه بالديكتاتورية الدينية الحاكمة في إيران. ويأتي تجمع هذا العام اعتراضا علي ولاية الفقيه باعتباره أكبر تهديد وتحد لجميع شعوب وبلدان منطقة الشرق الأوسط بما فيها الدول العربية والإسلامية, بينما تثبت المؤشرات هشاشة هذا النظام وتراجعه أمام مواقف وإجراءات حاسمة, كما يأتي بعد ثلاث سنوات من رئاسة الملا روحاني وثبوت زيف إدعاءاته للإصلاح وتحسين الظروف السياسية والاقتصادية في إيران. وفي الوقت الذي تتصاعد فيه وتيرة تدخل النظام الإيراني في مختلف دول المنطقة العربية كسوريا والعراق واليمن ولبنان والبحرين وغيرها لم يبق أي شك من وجهة نظر المعارضة الإيرانية بأن نظام الملالي كلما بقي في الحكم كلما تواصلت الحروب وانتشر الإرهاب والمجازر في مختلف دول المنطقة. ويأتي المؤتمر بعد مرور عام علي الاتفاق النووي بين إيران الدول الكبري وعلي رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية, وتراجع نظام ولاية الفقيه عن أحد ركائزه الثلاثة للحكم, هذا التراجع الذي ترك أثره علي مفاصل الحياة السياسية حيث تفاقمت الصراعات الداخلية داخل تركيبة الحكم الإيراني, وذلك بالرغم من الامتيازات الكبيرة والتنازلات التي أعطتها وقدمتها دول العالم لهذا النظام علي حساب دول المنطقة وشعوبها واستقرارها وأمنها. ويعد هذا المؤتمر أبلغ دليل علي قوة وكثافة المعارضة الإيرانية في الخارج التي تنادي بالفصل بين الشعب وممثليه الحقيقيين من جهة وبين حكامه في طهران من جهة أخري, ويعكس مدي استياء المعارضة الإيرانية من نظام ولاية الفقيه وممارساته داخل إيران وخارجها, ورغبتها في التخلص منه وإقامة إيران حرة ديمقراطية مسالمة تتعايش مع المجتمع الدولي, وقبل ذلك مع دول الجوار في جو من السلام والأخوة والاستقرار والطمأنينة. ولعل المشاركة الكبيرة للجاليات الإيرانية في هذا المؤتمر تعد بمثابة إعلان للعالم بأن إيران ديمقراطية حرة ممكنة بعيدا عن حكم الملالي, ككيان سياسي يحترم المجتمع الدولي ويجيد التعامل مع الغرب, ويحترم إرادة شعبه ورغبته نحو التغيير. ويؤكد عدد من أقطاب المعارضة الإيرانية أنهم لا يريدون شن حرب علي وطنهم, كما أنهم يدينون المهادنة والمسايرة مع جرائم هذا النظام في الداخل, حيث الإعدام والتعذيب وقمع النساء والحقوق الأولية لأبناء الشعب, وقمع الاقليات القومية والدينية, وجرائمه في الخارج حيث ارتكاب المجازر بحق مئات الآلاف من أبناء الشعب السوري وتشريد ملايين منهم وإلحاق الدمار السياسي والاقتصادي بالشعب العراقي وقتل الآلاف بأيدي الميليشيات الطائفية التابعة لنظام الملالي وتمهيد الأرضية لتنظم داعش وممارساته الإرهابية الإجرامية وغيرها. ولعل في مشاركة هذا العدد الكبير من الإيرانيين في المؤتمر المقبل دليل جديد علي تأييد مشروع السيدة مريم رجوي زعمية المعارضة الإيرانية للحل الثالث لمشكلة إيران وتأكيدها بأن حل مشاكل الشرق الأوسط رهن بحل مشكلة إيران وذلك من خلال تغيير ديمقراطي بيد أبناء الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية. وعملية التغيير ممكنة في إيران عبر الإعتماد أولا علي إرادة الشعب الإيراني للتغيير وثانيا علي مقاومة منظمة ناضلت منذ خمسين عاما ضد نظامين دكتاتوريين من أجل تحقيق الحرية والديمقراطية وحكم الشعب بمشاريع وخطوط عريضة واضحة وبتمسكها علي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وجميع المواثيق الدولية, وقد دفعت ثمنا باهظا في هذا المجال من خلال تقديم مائة وعشرين ألفا من أعضائها وأنصارها في سبيل تحقيق هذه الطموحات. المقاومة التي تعد البديل الوحيد والطرف الذي يحسب نظام ولاية الفقيه له ألف حساب ويعتبر الخط الأحمر غير قابل للتجاوز لدي هذا النظام. يذكر أن نظام الملالي يرفض قبول أي تعاطف دولي مع المقاومة الإيرانية, بل وأعلن استعداده لإلغاء زيارة روحاني للنمسا بسبب موافقتها علي الترخيص لمظاهرة تابعة لمجاهدي خلق, وعمل طوال هذه السنوات بكامل قوته لعزل المقاومة الإيرانية وتقييدها من خلال إدراجها علي قوائم الإرهاب, إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل, في مقابل نجاح المقاومة في كسر جميع هذه الدوائر وإبطال كل هذه القوائم. الجدير بالذكر أن المئات من كبار الشخصيات الأمريكية والأوربية والعربية قررت المشاركة في المؤتمر السنوي العام للمقاومة الإيرانية هذا العام لتعلن تأييدها لمشاريع وبرامج المقاومة الإيرانية لإيران الغد. كما أن ممثلين عن أغلبية أربعين برلمانا في مختلف دول العالم أعلنوا عن تأييدهم للمقاومة الإيرانية. وستقدم الجمعيات الإيرانية تقييمها بخصوص سجل روحاني, في مختلف المجالات, ومنها ملف قمع الحريات العامة في إيران, والآفاق المستقبلية للتطورات الإيرانية, في ضوء اتساع حركة الاحتجاجات الشعبية في مختلف المحافظات والمدن الإيرانية, وعلي خلفية التصعيد الخطير في الإعدامات التي بلغت رقما قياسيا في عهد روحاني منذ ربع قرن مضي, وكذلك قمع النخب الإيرانية المنادية بتحرير الشعب الإيراني من ظلم وتنكيل أجهزة نظام الحكم. كما ستتم مناقشة ونقد السياسات الغربية حيال النظام الحاكم في طهران.