أوضحت في السابق الأفكار الاستراتيجية للصهيونية السياسية والاستعمار البريطاني لاحتلال فلسطين حيث سارعت الصهيونية بتركيز جهودها علي تنظيم الهجرة اليهودية إلي فلسطين وإقامة المستعمرات اليهودية فيها لوضع أسس الوطن القومي لليهود حيث ارتفع عدد المهاجرين اليهود في فلسطين من(40 ألف) يهودي قبل نشوب الحرب العالمية الأولي إلي ما يزيد علي(650 ألفا) حتي عام1948 وذلك بتهيئة المسرح السياسي العالمي والأوضاع الدولية المناسبة لحركة الصهيونية العالمية والفكر السياسي الإنجليزي المبني علي الخداع والغش والخيانة للعرب الذين صدقوهم القول بمساعدتهم علي التخلص والاستقلال من الاستعمار العثماني. قام البريطانيون بعدما توفر حجم المهاجرين اللازم لكل مرحلة استيطانية بتمكين هذا الحجم من الأرض المطلوبة وكذا تقنين الوضع السياسي لهم, وذلك بخلق المشاكل بين المهاجرين المستعمرين والسكان العرب أصحاب الأرض ويتدخل البريطانيون لفض وحل النزاع بحلول وسط تمكن المهاجرين اليهود إما بجزء من الأرض لإقامة المستوطنة المطلوبة أو الاشتراك في المجالس البلدية والعرفية والإدارات المحلية في القري والمدن للاشتراك واقتسام العمل للمحافظة علي حقوق الجميع بمن فيهم المستعمرون اليهود وتمكينهم علي حساب العرب. وعندما وضعت فلسطين تحت الانتداب عام1922 أصبح عصب الهجرة اليهودية الي فلسطين من اليهود الشرقيين اي من أوروبا الشرقية بعد أن سمحت بها حكومة الانتداب, ووضعت لها صوريا سعة استيعابية وكان القسم الأكبر من المهاجرين لفرقة العمال التي أقامت المستعمرات الجماعية( كيبوتزيم) وكذا الاشتراك في المجموعات العسكرية الصهيونية, وأصبحت صورة العامل الذي يحمل الفأس في احدي يديه والبندقية في اليد الأخري هي السائدة لليهود في أرض فلسطين كما تم إقامة مستعمرات الناحال الشباب الطلائعي المحارب في مواجهة الحدود المصرية والسورية واللبنانية وشرق الأردن وفي عام1924 بدأت موجة الهجرة الرابعة( ألعلياه الرابعة) وانتهت عام1926 وبلغت60 ألف نسمة معظمهم من بولندا وليتوانيا وروسيا ومن الطبقة المتوسطة واستمر بناء المستوطنات والمستعمرات حتي بلغ عددها100 مستعمرة وبلغ عدد اليهود160 ألف نسمة وهذا يرجع إلي دعم سلطات الانتداب لليهود وعلي حساب العرب, وتم الاعتراف بمبدأ تمثيل اليهود في المجالس المحلية والجمعيات واللجان الوطنية وأصبحت اللغة العبرية لغة رسمية في فلسطين, وتم افتتاح الجامعة العبرية في ابريل1925 في احتفال عالمي كبير وتم إنشاء المنظمة العسكرية الصهيونية السريةالهاجاناه ومنحت الشركات الصهيونية امتياز الأعمال الرئيسية الهامة كالطرق والكهرباء كما أنشئت المحاكم اليهودية وتكونت الأحزاب واتحاد العمال( الهستادروت). نشطت الدوائر الصهيونية لزيادة الدعم المالي والقوي البشرية اللازمة لتقوية كيان اليهود في فلسطين وتوفير الركائز الضرورية لدعم القوي العسكرية للجيش الصهيوني السري, وتم إنشاء مجلس الوكالة اليهودية الذي حث علي الهجرة وتشجيعها وإحياء اللغة العبرية والثقافة اليهودية واسترداد الأراضي لصالح الشعب اليهودي والعمل علي دعم الاستعمار الزراعي علي أيدي عمال يهود, وبالفعل طالب المؤتمر الصهيوني عام1933 بفتح باب الهجرة علي مصراعيه. وبعد أن وثق الاستعمار البريطاني بأن الوضع مهيأ لإقامة الدولة اليهودية قرر إحالة القضية إلي الأممالمتحدة التي أقرت مشروع التقسيم وقيام إسرائيل في الرابع من مايو1948 وبذلك حققت الصهيونية السياسية أول خطوة بالتواجد علي جزء من أرض فلسطين, وهو تواجد قوي يستند علي قرارات دولية ومعترف بها من الدول الكبري العالمية وقد ثبت ذلك فيما بعد, فالمهاجرون اليهود الذين دخلوا في أرض فلسطين في زمن الانتداب البريطاني من1920 إلي1948 هم فعلا أهم سلاح لتحقيق الأهداف القومية اليهودية للصهيونية السياسية. والي اللقاء القادم ان شاء الله.