أوضحت في المقالات السابقة الأفكار الاستراتيجية للصهيونية السياسية والاستعمار البريطاني لاحتلال فلسطين علي أساس علماني بحت علي طريقة الفكر الاستعماري السائد في الغرب الأوروبي بعد ان فشل هرتزل في العودة بقوة السلاح بمساعدة القوي العظمي في الغرب لتأسيس الدولة اليهودية فقام ورفاقه من الصهاينة السياسيين بتغيير وتعديل طبيعة المشروع الصهيوني الديني وحولوه إلي صهيوني سياسي يقوم علي أن تفريغ أوروبا من اليهود يعود بالفائدة علي الدول الغربية.. كما ان إحلالهم بفلسطين هو دعم سياسي ومادي متبادل لأن الكيان الصهيوني سيشعل كل بلاد المنطقة في صراع طويل الاجل وبالتالي سيشغلها عن الأخذ بالتنمية في جميع المجالات فتظل متخلفة وتظل سوقا واعدة للمنتجات الصناعية الغربية وبالمقابل فان الاستفادة العظمي ستكون للدول الغربية بسبب وجود هذا الكيان الصهيوني في المنطقة العربية بسبب الدعم غير المحدود من الدول الأوروبية والاستعمارية الذي يشمل السلاح الذي يضمن تفوقه علي العرب عسكريا وتكنولوجيا بالاضافة إلي الإمداد بالخبراء في كل المجالات وكذا الغذاء والمواد الاستهلاكية والوقوف بجانبه في المحافل الدولية خاصة الأممالمتحدة. التقت وجهتا النظر والمصالح.. للقوي الاستعمارية الغربية مع وجهتي نظر المصالح.. للصهيونية السياسية ومطالبها بواسطة هرتزل واتباعه من بعده فقامت الدول الغربية الاستعمارية بزعامة بريطانيا راعية الاستعمار الحديث بالعمل علي تنفيذ القرارات التي قدمها مؤتمر لندن1907 حيث كان من أبرز هذه القرارات إقامة حاحز بشري قوي وغريب يحتل الجسر البري الذي يربط أوروبا بالعالم القديم ويربطها معا بالبحر المتوسط بحيث يشكل في هذه المنطقة وعلي مقربة من قناة السويس قوة صديقة للاستعمار ومعادية لسكان المنطقة فقامت من جانبها بعمل اتفاقية سايكس بيكو وإصدار وتنفيذ وعد بلفور وغرس اليهود بإقامة وطن قومي لهم في قلب المنطقة العربية في فلسطين والعمل علي إقامة وتكوين كيانات عربية مستقلة عن بعضها وتقودها حكومات عربية متفرقة وذلك بعد إعلان قيام(6) دول جديدة وهي العراق وسوريا الحالية ولبنان بحدوده الآن وفلسطين وشرق الأردن والمملكة العربية السعودية والعمل علي القضاء علي فكرة الوحدة العربية أو القومية العربية كل ذلك في خطوات من العمل الاستراتيجي الغربي لتنفيذ السياسة الاستعمارية في المنطق العربية لتأمين مصالحهم الحيوية في الشرق والعالم القديم وتم اختيارها لليهود ليمكن دعمهم بما يسمي الحق التاريخي لهم في فلسطين واستنادا لعقيدتهم لما جاءت به كتبهم المقدسة وبما تنادي به الصهيونية المسيحية من عقائد الآن. نشطت الصهيونية بعد الحرب العالمية الأولي للعمل علي تحقيق أهدافها بإسناد من بريطانيا فقد أصبح الباب مفتوحا علي مصراعيه أمامها بعد احتلال بريطانيالفلسطين وبدأت تعمل بكل نشاط في سبيل تحقيق مخططها الرامي إلي إقامة الدولة اليهودية في فلسطين وقد غدا وعد بلفور بقبوله في مؤتمر سان ريمو عام1920 دستورا للسياسة البريطانية في فلسطين يهتدي به في تنظيم مخططات بريطانيا الاستعمارية خاصة بعد أن أقر مجلس عصبة الأمم في14 يوليو1922 انتداب بريطانيا علي فلسطين فسارعت الصهيونية بتركيز جهودها علي تنظيم الهجرة اليهودية إلي فلسطين وإقامة المستعمرات اليهودية فيها لوضع أسس الوطن القومي لليهود حيث ارتفع عدد اليهود في فلسطين من(40 ألفا) قبل نشوب الحرب العالمية الأولي إلي(55 ألفا) عام1919 و(108 آلاف) حتي عام1925 وإلي(300 ألف) حتي عام1935 وإلي(650 ألفا) حتي عام1948 فكيف تم ذلك؟.. هذا ما سنوضحه في المقال القادم. مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا