بدأت الصهيونية السياسية بمناورة الغرب بالوسيلة التي يفهمها الغربيون فقد تقدمت إلي حكام الغرب علي أساس أنها ستقدم لهم خدمة مزدوجة وكان هرتزل أكثر الصهاينة السياسيين فاعلية فكان يخاطب كل حكومة من الحكومات الغربية باللغة التي يفهمونها في مشروع التفريغ والإحلال حيث التقي هذا المشروع مع مقررات مؤتمر لندن المنعقد منذ عام1905 حتي عام1907 برئاسة السير هنري كامبل بترمان وكان وزيرا للمستعمرات وأصبح رئيسا لوزراء بريطانيا في ذلك الوقت حيث كان يبحث ويدرس في هذا المؤتمر النظرية التي تتحدث عن كون الحضارات تمر بدورات متعاقبة تنمو وتزدهر ثم تشيخ وتذبل وتندثر وكان هذا يقلق زعماء الاستعمار الغربي علي حضاراتهم الغربية وان التاريخ يؤكد ذلك( الحضارة الفرعونية الإغريقية- الرومانية الحضارة العربية والإسلامية) فكانت حتمية هذا المؤتمر ودراساته لاتخاذ التدابير اللازمة للوقاية والحذر قبل أن تحل الكارثة الحتمية بالحضارة الأوروبية الحديثة فانعقد المؤتمر في لندن سرا من عام1905 حتي عام1907 وحضره عدد كبير من مشاهير المؤرخين وكبار العلماء في جميع أفرع المعرفة والعلوم وكذا خبراء في النشاط الاستعماري وبعد الدراسات المستفيضة توصلوا إلي تقرير سري وخطير أحالته وزارة الخارجية البريطانية إلي وزارة المستعمرات البريطانية ولكن هذا التقرير اختفي ولم يظهر وظل منسيا حتي قبيل الحرب العالمية الأولي حينما نشره صحفي بريطاني صهيوني في معرض الدفاع عن الوطن القومي اليهودي في فلسطين واستشهد بآراء وقرارات الحكومة البريطانية وسادة الاستعمار العالمي علي ذلك وتبريرا لقيام إسرائيل كضرورة اقتصادية وسياسية واجتماعية للغرب ومصالحه والسيطرة علي الشرق وقد سمح بالاطلاع علي جزء من هذا التقرير فقط. التقت وجهات النظر والمصالح للقوي الاستعمارية الغربية مع وجهات النظر والمصالح للصهيونية السياسية ومطالبها بواسطة هرتزل وأتباعه من بعده فقامت الدول الغربية الاستعمارية بزعامة بريطانيا راعية الاستعمار الحديث بالعمل علي تنفيذ القرارات التي قدمها مؤتمر كامبل بترمان( مؤتمر لندن) حيث كان من أبرز هذه القرارات إقامة حاجز بشري قوي وغريب يحتل الجسر البري الذي يربط أوروبا بالعالم القديم ويربطها معا بالبحر المتوسط بحيث يشكل في هذه المنطقة وعلي مقربة من قناة السويس قوة متحالفة وصديقة للاستعمار ومنفذة لمخططاته ومعادية لسكان المنطقة فقامت من جانبها بعمل اتفاقية سايكس بيكو وإصدار وتنفيذ وعد بلفور وغرس إسرائيل في قلب المنطقة العربية والعمل علي إقامة حكومات عربية متفرقة وإقامة حلف بغداد ومحاربة الوحدة بين مصر وسوريا والعمل علي القضاء علي الحركة القومية العربية كل ذلك في خطوات من العمل الاستراتيجي الغربي لتنفيذ السياسة الاستعمارية في المنطقة العربية لتأمين مصالحهم الحيوية في الشرق والعالم القديم وتم اختيارها لليهود ليمكن دعمهم بما يسمي الحق التاريخي لهم في فلسطين واستنادا لعقيدتهم لما جاءت به كتبهم المقدسة وبما تنادي به الصهيونية المسيحية من عقائد الآن.