تكلمنا الأسبوع الماضي عن شقاوة الأطفال, وأن هناك فرقا بين العفرته الصحية, والمرضية. وحتي نحكم علي الطفل قبل سن السابعة أنه مصاب باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه, لابد من ملاحظة سلوكه لمدة ستة أشهر. فإذا كان تركيزه ضعيفا, وكثير النسيان, ويميل إلي السلوك العدواني, والغضب, ولا يستطيع اكمال أي نشاط, ومندفعا في تصرفاته, ويقوم بالإجابة علي السؤال قبل أن ينتهي, فضلا عن التبول اللاإرادي, والبصق, والرغبة في الحركة والتسلق في أي مكان وأي وقت, وغيرها من السلوكيات المزعجة والمحددة لهذا الاضطراب, هنا وجب علي الأم سرعة التوجه للطبيب المختص. وقد يصاحب هذا الاضطراب معارضة وعصيان, بمعني ميل الطفل إلي العناد, والكذب, والسرقة, وقد يعاني المصاب أيضا القلق أو الاكتئاب. وللأسف تساعد أغلب الأمهات في تأخر الشفاء, بسبب انكارها بأن طفلها مريض. وهو أمر مرتبط بلا شك بقلب الأم, لكن أفصلي عزيزتي الأم بين الأمومة والواقع, وعليك أولا تقبل الأمر, ثم الصبر والتدريب علي أساليب التعامل الفعال مع الطفل المصاب باضطراب فرط الحركة, وتشتت الانتباه, والاندفاعية. لأن التدخل المبكر في العلاج من شأنه تحسن الحالة. وقد ترجع أسباب هذا الاضطراب إلي عوامل وراثية, أو قد يكون السبب نفسيا, فالأطفال المصابون بالتوحد أو الصرع غالبا ما تظهر عليهم أعراض مشابهة ومتزامنة مع هذا الاضطراب, وقد يرجع السبب إلي نوع التغذية خاصة الغنية بالسكريات, مثل الحلويات والشيكولاته, أو تعرض الطفل للتسمم, أو كثرة ضربه علي الرأس, لذا وجب الانتباه, إذا أردنا نجاح العلاج. أما أفضل الطرق العلاجية فهي العلاج التكاملي, وهو يعتمد علي التعاون المشترك بين الأسرة, والفريق المعالج, والمدرسة والمجتمع, فضلا عن العلاج الغذائي. ونجاح هذا العلاج يتوقف علي التنظيم, والعمل كمجموعة واحدة من أجل هدف واحد. حيث تحتاج الأسرة إلي برامج ارشادية وتدريبية لتعلم الصبر وكيفية التعامل مع الطفل. أما الفريق المعالج فهو يتكون من الطبيب المختص ودوره تحديد الأدوية التي تعمل علي تحسين وتوازن المواد الكيمائية في الدماغ, أو أدوية لتهدئة الطفل إذا كان يعاني الاكتئاب أو القلق, وللأدوية أثار جانبية, لابد أن تنتبه الأم لها, كما أن تأثيرها لا يدوم لوقت طويل. أما الأخصائي النفسي فدوره عقد الجلسات النفسية مع الطفل المصاب لتدريبه وتعليمه التركيز, والإنصات, والجلوس بهدوء. أما دور المدرسة فهو تربوي وتعاوني, ومهم, حيث يحتاج الطفل إلي توفير جو هادئ ورقابة جيدة, خاصة أنه يعاني قلة الانتباه والتركيز, مما يؤثر سلبا علي الاستيعاب والتعلم, ويفضل عدم لعب الطفل في وسط مجموعات كبيرة, لعدم اثارة الميول العدوانية لديه, ومراعاة أنه لا يستطيع الجلوس في مكان فترة طويلة دون حركة. والأهم تدعيم سلوكه الإيجابي والثناء عليه, سواء من الأسرة أو المدرسة. وأخيرا يأتي دور المجتمع في عدم توبيخ الأم أن لديها طفلا مريضا, لأن فيها ما يكفيها من ألم وأسي, وكذلك معاونة الطفل وعدم اثارته أو اهانته.