الكثير من الأسر يشتكون من أنه طفلهم كثير الحركة ويجدون صعوبة في القدرة على السيطرة على نشاطه ويصفونه بالشقي أو العنيد وقد ينظرون لذلك على أنه مشكلة سلوكية ومرضية تحتاج إلي تدخل علاجي ويكون التساؤل هل كثرة الحركة مرض أو شقاوة. ويقول الدكتور محمد أحمد جمال ماضى أبو العزايم، اخصائى الطب النفسى وعلاج الادمان والزمالة المصرية للطب النفسى للأطفال: مما لاشك فيه أن حركة الطفل مرغوبة خاصة في سنوات عمر الطفل الاولى حيث تساعد الطفل في اكتساب مهارة جديدة، مثل المشي والجري والوصول للأشياء والتعرف عليها وقد تدل علي النشاط والسعادة فالطفل الذكي يميل إلى حب الاستطلاع والمعرفة، يلمس الاشياء ويرغب في فك وتركيب المُركب منها للاستطلاع ورغبة في المعرفة يتجول هنا وهناك بحثا عن المعلومة وإجابات الاسئلة التي تدور بذهنه ويحاول ان يفهم عالمه من خلالها. وهنا لابد من توفير المساحة والمجال لتلك الحركة حيث تكون هي بوابة التعلم والابتكار. وهناك عوامل أخري تؤدي أيضا إلي الحركة الزائدة مثل ضيق المنزل وعدم وجود أماكن مناسبة ينفس الأطفال فيها عن نشاطهم الطبيعي وربما يرجع ذلك إلي عدم وجود وسائل تسلية وألعاب مناسبة يفرغ الأطفال فيها طاقاتهم الطبيعية وحينما يتم تقييم هؤلاء الأطفال يتضح أن حركتهم لاتزال في الحدود الطبيعية لكن قدرة أسرهم علي استيعابهم قد تكون قليلة. ويكون أحيانا النشاط الزائد والشقاوة نتيجة للضغوط النفسية والاجتماعية للطفل وهذه الحالة تأتي عندما يكون الطفل ضحية لصراعات داخل الأسرة او تعرض الطفل للعنف اللفظي او البدني من جانب الوالدين او المدرسين في توجيه سلوكياته والامر السيئ ان المدرسين والاهل لا يدركون سبب النشاط الزائد مما يعرض الطفل للضرب ويكون رد فعل من جانبه زيادة في النشاط والشقاوة أكثر وأكثر فيكون أمامهم طفل عنيد لا يأتي بالتوجيه ولا يستجيب بالضرب وأحيانا يكون الطفل مشاغبا جدا نتيجة ذلك. وفي المقابل لايستطيع الطفل التعبير عما يجول في نفسه من صراعات نفسية. وهنا يكون التغير في السلوك وكثرة الحركة مجرد رسالة من الطفل لأبويه يقول من خلالها (أنا موجود) اهتموا بي ولا تتركوني والعلاج يكون بالمتابعة النفسية من الاسرة كلها ومنح الطفل الكثير من الحب والاهتمام الحقيقي وليس الاهتمام المقصور على حالته المرضية. ولكن عندما تلاحظ فرط الحركة بشكل متواصل لمدة أكثر من ستة أشهر يكون ذلك ليس مقتصرا فقط في المنزل بل يكون أيضا في أماكن أخري مثل المدرسة أو النادي ويكون مصاحباً له سلوك اندفاعي أو نقص في الانتباه بشكل لا يتناسب مع عمر الطفل أو المتعارف عليه عموما قد يكون الطفل مصاباً باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه. تختلف نسبة حدوث فرط الحركة وقلة التركيز حسب الدراسات المختلفة، فهي تتراوح من 3-7% من اطفال المدارس الابتدائية وبشكل عام فإن نسبة اصابة الأولاد إلي البنات هي 4:1. وعادة تكون القدرات الذهنية لهؤلاء الأطفال طبيعية أو أقرب للطبيعية وتكون المشكلة الأساسية لدى الأطفال المصابين بذلك الاضطراب هو أن فرط النشاط أو ضعف التركيز لا يساعدهم على الاستفادة من المعلومات أو المثيرات من حولهم فتكون استفادتهم من التعليم العادي أو بالطريقة العادية ضعيفة، حيث يحتاجون أولاً للتحكم في سلوكيات فرط الحركة وضعف التركيز وذلك لأن من الأعراض المعروفة لهذا الاضطراب: أعراض فرط الحركة حركة دائمة باليد او القدم (إحساس بالتوتر لدى المراهقين) عدم القدرة على الجلوس عندما يكون ذلك إلزامياً او مطلوباً الحركة الدائمة او تسلق الاشياء في الاوقات او الأماكن غير الملائمة عدم القدرة على انتظار الدور في الالعاب او المجموعات عدم القدرة على إكمال النشاط والانتقال من نشاط لآخر الكلام الزائد، ومقاطعة الآخرين أو التدخل في ألعاب الأطفال الآخرين الانخراط في ألعاب حركية خطيرة دون تقدير للعواقب (مثل الجري في الشارع دون انتباه) أعراض تدل على قلة التركيز: • عدم القدرة على الانتباه للتفاصيل الدقيقة أو تكرار الاخطاء في الواجبات المدرسية، أو في الأعمال المطلوبة من الطفل. • صعوبة استمرار التركيز على العمل أو النشاط (اللعب مثلاً). • صعوبة متابعة التعليم (ليس بسبب سلوك معاد او صعوبة الفهم). • صعوبة تنظيم أمور الطفل. • تجنب الانخراط في انشطة تتطلب جهداً ذهنياً مستمراً كالدراسة مثلاً. • تكرر فقدان اشياء الطفل الخاصة. • سهولة تشتت الانتباه بأي مثير خارجي. • النسيان. ويضيف الدكتور محمد أحمد أبوالعزايم أن هؤلاء الأطفال بحاجة ماسة للتقييم الطبي والنفسي والاجتماعي المتكامل ويكون التشخيص بأخذ السيرة المرضية بشكل دقيق بداية من مرحلة الحمل الأولى والتأكد من وجود عدد من الأعراض المرضية. كذلك يتم التأكد من التشخيص بالفحص الطبي والنفسي والملاحظة لسلوك الطفل ثم الاستعانة بالمقاييس النفسية واختبار الذكاء لتقييم قدرات الطفل المعرفية وتحتاج أيضا بعض الحالات إجراء بعض الفحوصات مثل رسم مخ. ويكون اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه ناتجاً عن خلل وظيفي في الدماغ واضطراب الناقلات العصبية في القشرة الأمامية من المخ التي تعطي نوعاً من السيطرة على الحركة ومن ثم يكون العلاج الدوائي ضرورياً في كثير من الحالات حيث يساعد الطفل على الهدوء وزيادة التركيز ويعطي الطفل قدرة أكبر علي التحكم فى حركاته واندفاعه. إن العلاج بالأدوية لوحدها غير كاف للتحكم بشكل كامل في اضطراب «فرط الحركة ونقص الانتباه» بل ينبغي استعمال العلاجات النفسية غير الدوائية مثل مجموعات التدريب على المهارات الاجتماعية والمجموعات العلاجية لذوي هؤلاء الأطفال والعلاج السلوكي في البيت والمدرسة كأهم مكانين يعيش فيهما الطفل المصاب بالمرض. ويؤكد الدكتور محمد أحمد ابو العزايم أن العلاج النفسي عنصر مهم يؤثر في التعامل مع العلاج الدوائي إذ يجب على الطبيب أن يشرح للطفل لماذا يستخدم الدواء ويعطى الطفل فرصة للتعبير عن وجهة نظره عن العلاج والمشاكل التي يعانيها منه. يجب مساعدة الطفل على تخطي هذه المشكلة التي قد تكون مؤقتة ورغم الوقت العصيب الذي تلاقيه الأسرة والمدرسة مع الطفل فإنه يجب عدم عقاب الطفل وتوبيخه على تصرفاته وبالذات أما الآخرون لأن ذلك سيزيد من معاناة الطفل وإحساسه بأنه مرفوض من الآخرين وزيادة إحساسه بعدم الثقة بالنفس مما يؤدي إلى تفاقم المشكلة بظهور مضاعفات لهذا المرض كالقلق والاكتئاب أو يزيد من أعراض المرض بمزيد من كثرة الحركة والعناد. إذن بدلا من عقاب الطفل وتنفيره من سلوكه يجب تشجيعه في حال قام بشيء جيد كالتزام الهدوء ولو لوقت محدد فمثلا لو انتظر دوره في الكلام أو في طابور للحصول على شيء معين فيكال له المديح والتشجيع وزرع الثقة في نفسه. و ينبغي التركيز على المهارات الاجتماعية مثل العلاقة مع أقرانه سواء مع أصدقائه أو زملائه في المدرسة وكذلك المربون والمعلمون. يعد تثقيف الوالدين والمدرسين وتعريفهما بطبيعة المرض وكيفية التعامل معه من اهم الجوانب العلاجية. من الأفضل استغلال فترات اللعب لتعليم الطفل السلوك الجيد وكيف يتعامل مع الألعاب والأطفال الآخرين وكيف تنتظر دوره في اللعب ويفضل استغلال كل أنواع الألعاب التي تعتمد على استخدام كل حواس الطفل كاللمس والسمع والنظر وتدريبه على كيفية استغلال هذه الحواس وتنمية الانتباه لديه.