تعمل إسرائيل بدأب شديد لأن تصبح دولة يهودية، ليس فقط من خلال القوانين والتشريعات البرلمانية والاعتراف بها فى المحافل الدولية، ولكن أيضا على أرض الواقع. فهى تسعى حثيثا منذ سنوات لأن تدعو يهود العالم وأوروبا بشكل خاص، للهجرة إلى إسرائيل، وتبريرا لدعوتها تلك تدعى إسرائيل بأن يهود أوروبا يتعرضون لخطر معاداة السامية بسبب تزايد عدد المسلمين هناك. دعم هذه الدعوة فى بداية الألفية الثالثة الانتفاضة الثانية التى تفجرت فى إسرائيل بعد جولة آرييل شارون الاستفزازية فى ساحة الأقصى يحيط به من حوله قواته المدججون بالسلاح، بعدها شهدت باريس سلسلة من المظاهرات المنددة بممارسات إسرائيل ضد الفلسطينيين، ثم بدأت تقع فى فرنسا أحداث صورها الإعلام على أنها جرائم ضد اليهود لأن المتهم كان دائما مسلما من أصول عربية، ومن إسرائيل دعا شارون يهود فرنسا إلى الهجرة إلى إسرائيل لأنه حسب قوله تتزايد وتيرة معاداة السامية فى فرنسا بسبب تزايد عدد المسلمين فيها. وكان ذلك سببا فى اضطراب العلاقات بين إسرائيل وفرنسا، التى كان يتولى رئاستها فى ذلك الوقت الرئيس جاك شيراك. لم يلب يهود فرنسا دعوة شارون، وكتب أحدهم فى صحيفة كبيرة يقول: لماذا تريد منا الهجرة إلى إسرائيل؟ لكى تضمنا إلى جيشك لمحاربة حروبك؟ إننا هنا فى وطننا نعيش فى استقرار . وفى نفس الوقت، ومع تولى دومينيك دى فيلبان وزارة الداخلية خلفا لنيكولا ساركوزي، تكشفت أمور كثيرة مغايرة لما كان من قبل. فقد بدأت تجرى تحقيقات حقيقية فى الأحداث التى تقع ضد المنشآت أو الأشخاص اليهود، وتكشف أن هناك أكاذيب كثيرة تتردد حول تلك الأحداث التى كانت تلصق دائما فى المسلمين من أصول عربية. فقد تكشف أن فتاة المترو التى اتهمت مجموعة ممن لهم سمات عربية بالتهجم عليها وعلى طفلها وتمزيق ملابسها لأنهم تصوروا أنها يهودية، كانت تكذب وإنها لم تتعرض لهجوم من أى نوع وأنها هى التى مزقت ملابسها بنفسها. كما تكشف أن المسئول عن طعن حاخام عرف بسماحته وتوسطه، لم يكن عربيا مسلما بل صديق له يهودى مثله. اليوم يعود مرة أخرى رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نيتانياهو لتكرار الدعوة لكل يهود أوروبا بعد حادث الهجوم الذى تعرض له مقهى فى كوبنهاجن تجرى فيه مناقشة حول التسامح ومحاربة التطرف، وبعد حادث جريدة شارلى ابدو فى باريس، وحتى تفرض إسرائيل وجودها وقعت حوادث ثانوية ضد مقبرة يهودية أو متجر ببيع منتجات يهودية، لكى يتمكن نيتانياهو من أن يتهم أوروبا بمعاداة السامية، ويكون لدعوته ليهودييها بالهجرة إلى إسرائيل سبب وجيه. ولكن يهود الدنمارك، مثل نظرائهم فى فرنسا، رفضوا الدعوة مؤكدين أنهم مواطنون دنماركيون ولا يرغبون فى الهجرة.