تسبب مقتل أربعة يهود فرنسيين خلال أزمة الرهائن التي وقعت الأسبوع الماضي بمتجر لبيع المأكولات اليهودية بباريس، في تعميق مخاوف اليهود الأوربيين المصدومين جراء معاداة السامية المتزايدة والذين يشعرون بالخطر جراء ضعف الأمن والعدد الكبير للأهداف السهلة المحتملة. وفي أعقاب الهجمات الأخيرة بباريس، والتي وقعت بعد هجوم استهدف متحفا يهوديا في بلجيكا وآخر استهدف مدرسة يهودية في جنوب غرب فرنسا، دعا قادة إسرائيليون اليهود الأوربيين إلى الهجرة إلى الدولة اليهودية. بيد أن اليهود الأوربيين يشعرون بالتردد الشديد إزاء الهجرة، كما أن قادتهم، إلى جانب كبار الساسة، يدعونهم إلى البقاء في أوطانهم. وفي السياق، قال موشيه كانتور، رئيس المؤتمر اليهودي الأوروبي، للأسوشيتدبرس، إن "اليهود الأوروبيين أقدم أقلية أوروبية، ولدينا خبرة فيما يتعلق بالنجاة من جميع الظروف المحتملة ... لن نهجر وطننا، أوروبا. لن نوقف تاريخ اليهود الأوروبيين، هذا أمر أكيد". ودعا كانتور إلى تعزيز الأمن بالمواقع اليهودية، وإلى عمل مشترك في مواجهة معاداة السامية بأرجاء القارة، وتنسيق أفضل بين قوى الاستخبارات في مواجهة التطرف الديني. غير أن كانتور سلم بأنه إذا لم يشعر أي يهودي أوروبي بالأمان، "أقول له يجب عليك في هذه الحالة أن تغادر". ولا يشعر كثير من اليهود الفرنسيين بالفعل بالأمان. فالعام الماضي، هاجر سبعة آلاف فرنسي إلى إسرائيل مع تزايد معادة السامية بأرجاء البلاد، والتي تغذيها التوترات مع الجالية العربية الكبيرة في فرنسا منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل ومسلحي قطاع غزة. ويعد هذا الرقم ضعف العدد المسجل في العام السابق، ما يجعل فرنسا، وللمرة الأولى، المصدر الأول للمهاجرين إلى إسرائيل، وفقا للمؤتمر اليهودي الأوروبي، وهي منظمة غير ربحية تساعد اليهود في الانتقال إلى إسرائيل. ويتوقع مسؤولون في إسرائيل، بل ويشجعون، موجة جديدة من المهاجرين بعد أزمة الرهائن الأخيرة في باريس. فمنذ هجمات الأسبوع الماضي، يشجع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يهود أوروبا على الانتقال إلى الدولة اليهودية. وقال نتنياهو في الكنيس الكبير في باريس في وقت متأخر الأحد حيث استقبل استقبال الأبطال "لديكم كل الحق في العيش بسلام وطمأنينة كمواطنين متساوين في الحقوق أينما كنتم ترغبون، لاسيما هنا في فرنسا.. لكن اليهود في وقتنا هذا يتمتعون بحق آخر، لم يكن متاحا للأجيال السابقة من اليهود.. إنه الحق في الانضمام إلى إخوانهم وأخواتهم اليهود في وطننا التاريخي". وأردف قائلا " أي يهودي يرغب في الهجرة إلى إسرائيل سيستقبل بأذرع مفتوحة وقلوب دافئة وراضية". وفي مقابلة مع القناة العاشرة الإسرائيلية، قال يوهان كوهين - أحد الرهائن الذين اختبأوا داخل ثلاجة في متجر الأطعمة اليهودي بباريس لمدة خمس ساعات خلال عملية احتجاز الرهائن - إنه سيسافر مع أطفاله الأربعة إلى إسرائيل. وأضاف "اليوم الاثنين سننتقل إلى إسرائيل. لن ننتظر هنا كي نموت". وبشكل عام، تزايدت هجرة اليهود من أوروبا الغربية بنسبة 88 بالمائة عام 2014، حيث أصبح عدد اليهود الذين وصلوا إلى إسرائيل 8640 بعد أن كانوا 4600 عام 2013، خاصة من إيطالياوبلجيكا وبريطانيا، وفقا للمنظمة اليهودية. ويقول خبراء إن يهود أوروبا لم يشعروا بمثل هذا التهديد منذ الحرب العالمية الثانية، عندما قتل نحو ستة ملايين يهودي في المحرقة النازية. وقال باحثون في جامعة تل أبيب، يراقبون حوادث معاداة السامية، إن هناك زيادة مخيفة في الهجمات على اليهود بأوروبا خلال العقد الماضي، بما في ذلك حادث تولوز في فرنسا عام 2012 وحادث بروكسل العام الماضي. وخلال السنوات الأخيرة، شهدت فرنسا أكبر عدد من الحوادث ضد اليهود. وخيمت اليقظة المتوترة على نحو مليوني يهودي بأوروبا في أعقاب هجمات باريس وسط تزايد الإجراءات والاحتياطات الأمنية. في حين أظهر يهود آخرون التحدي والعزم على البقاء. وفرضت تدابير أمنية مشددة بشكل سريع في دور العبادة والدراسة والشركات اليهودية في جميع أنحاء أوروبا مطلع الاسبوع. وأكد مسؤولون أمنيون وقادة المجتمع اليهودي في إيطاليا وبريطانيا وبولندا وهولندا وألمانيا والنمسا، زيادة الإجراءات الأمنية في المواقع المعرضة للخطر، دون تقديم مزيد من التفاصيل.