يتأمله وهو يتسلق شجر الجميز.. ويركض خلف الفراشات التي استطاع أن يفوز بإحداها.. حين رآها تتألم في قبضة يده.. أطلق سراحها وهو يتأملها حتي غابت عن ناظريه.. غزا البياض شعره.. قفزت به السنوات نحو عوالم الدهشة.. تتبعه في حسرة ضحكات الطفل الذي يطارد الفراشات.. لا هموم لديه ولا شكوي. الحب زميلته الجميلة الثرية لامعة العينين.. دأبت علي مجاورته في قاعة المحاضرات.. صارحته بحبها وهو الشاعر الذي يملك من الحس والرقة والرهافة الكثير.. والقليل من حشوفم.. وثمار توت.. وقلبا يفيض حبا لا يموت.. حين قرر الابتعاد.. لوعورة الطريق والمسافات.. اعادته بكلمات ترقي إلي الشعر.. الزهور لاتنبت فقط في الحدائق. اللص لم يجد في الشقة سوي طفلين في عمر الرابعة والسادسة.. هدأ اللص من روعهما.. وهو يفصل الكهرباء عن التليفزيون لسرقته.. استحلفه الطفلان أن يتركه لأنه تسليتهما الوحيدة في غياب والديهما.. وأحضرا كل مدخراتهما والتي كانت عبارة عن حصالتين مليئتين بالنقود وأعطياها للص الذي رفضها وانصرف خجلا. المريض ذهب إلي الطبيب يشكو كحة حادة آلمته.. أشار عليه الطبيب بفتح النوافذ والأبواب ليتجدد هواء الغرفة.. ويعود ليراه بعد اسبوع.. وحين انقضي الاسبوع.. سأله الطبيب: الكحة راحت؟ أجابه المريض: الكحة راحت.. والتليفزيون.. والفلوس.. والمحمول.. وجميع ما خف حمله. الخيال دائم التحليق في الخيال.. الحياة لديه ورد بلا أشواك.. الطرق التي يمشيها ممهدة.. كأبسطة من حرير.. لا مطبات فيها ولا حفر.. ثقته في الآخرين لا حدود لها.. موجات متلاحقة غير رحيمة صدمته.. وكسرت بداخله أشياء كان يتحمس لها ويذكيها.. متأخرا أدرك أنه لابد من الاحتفاظ بمسافة مأمونة بينه وبين الواقع. القلب أشار عليها الأطباء بضرورة استبدال القلب الذي أوشك علي التلف.. في نفس المستشفي الذي تتلقي فيه العلاج.. طفلة في الرابعة عشرة صدمتها سيارة أثناء عبورها الطريق. أخبر الطبيب والدة الطفلة المتوفاة.. أن هناك مريضة توشك علي الموت في حاجة إلي قلب ابنتها.. لم تتردد الأم في الموافقة.. بعد أن رفضت أن تتقاضي أي نقود.. فقط السماح لها بين الحين والحين بالاستماع لقلب ابنتها.. وهو ينبض بالحياة في جسد آخر. السعادة تضحك كثيرا حين يسألونها عن سر سعادتها..؟ وفي إجابات مختصرة تقول: ألا تنقل الزوجة أسرار بيتها.. كما أنه لابد للزوجة أن تقوم بأدوار متعددة في حياة الزوج.. فهي الأم ترعي طفولته الكامنة.. والأنثي التي توقظ رجولته.. والابنة التي ستثير فيه مشاعر الأبوة.. فالزوج كالطفل يسأم للعبة الواحدة ويتحول اهتمامه إلي كل مثير وجديد. المقهي تتأمل طريقته السلسة في إشعال سجائره.. وفي ارتشاف قهوته مأسورة بمن تهوي صمته موحش مدمر.. لا يستشعر وجودها.. لم يجذبه عطرها الفواح.. هل يتأمل امرأة أخري تتراقص خلف دخان سجائره.. أو في قاع فنجانه.. لا لن تدعه يرحل هذه المرة.. تستميل نفسها إلي مغناطيسية الوجع.. وتحول رداراته نحوها. الوجه لديه القدرة علي تغيير وجهه باتقان مدهش.. وجه يبتسم وينحني حتي تلامس جبهته الأرض.. حين يكون لديه موعدا في الوزارة.. ووجه يحمل ابتسامة باهته وفاترة.. حين يلقي عوام الناس.. تتساقط كل الأوجه أمام المرآة.. مثل بقايا سيجارة احترقت وسحقتها الأقدام. الحكيم سألوا الحكيم عن معني الحب..؟ فأجاب: حين تكون شاردا ومهموما.. ويلقي الحزن غلالته علي القلب والروح ولا يمكن أن تتجاوزه أو تهرب منه.. ولم تعد في حاجة إلي فهم ما يجري.. فأنت تحب..!! وعن الصداقة: من أحب إليك.. الأخ أم الصديق..؟ فأجاب: أحب أخي إذا كان صديقي. [email protected]